وردة الزواج الذابلة.. كيف تحييها الزوجة؟

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فتحي عبد الستار
  • القسم : الحياة الزوجية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 158
  • رقم الاستشارة : 2863
03/10/2025

مَرَّ على زواجي أكثر من عشر سنوات، وفي الفترة الأخيرة بات زوجي قليل الكلام، غائب المشاعر، حتى أصبحت العلاقة بيننا أشبه بشركاء السكن! لا خيانة ولا إساءة، لكنه جفاف عاطفي قاتل. أحاول التقرب منه، لكن لا شيء يتغير. كيف أتعامل مع هذا الفتور وأنا بحاجة إلى الحنان؟ وهل يُعدُّ ذلك مبررًا شرعيًّا للانفصال؟

الإجابة 03/10/2025

مرحبًا بك أيتها الأخت الفاضلة، وشكرًا جزيلًا على ثقتك بنا، وأسأل الله أن يفرِّج همَّك، ويشرح صدرك، ويؤلِّف بين قلبك وقلب زوجك، وأن يرزقكما السعادة والطمأنينة في الدنيا والآخرة، وبعد...

 

فإنه شعور قاسٍ بأن تكون العلاقة الزوجية بعد عِشرة سنوات بينكما أشبه بعلاقة شركاء سكن لا شريكَي حياة! وهو تحدٍّ كبير يقف أمام جوهر العلاقة الزوجية التي وصفها الله –تعالى- بأنها ميثاق غليظ، وبأنه سكن ومودة ورحمة.

 

ولا شك في أن حاجتك للحنان والمشاعر هي حاجة فطرية وإنسانية مشروعة؛ بل إنها من مقاصد الزواج العظيمة، ومن حقك أن تسعي لتحقيقها.

 

كيف نتعامل مع الفتور العاطفي؟

 

إن التعامل مع الفتور بين الزوجين يتطلب صبرًا جميلًا، وحكمة بالغة، وجهدًا متواصلًا، مع استحضار أن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلّبها كيف يشاء. ولديَّ بعض الخطوات التي أنصحك باتخاذها.

 

1. الدعاء والاستعانة بالله:

 

الخطوة الأولى والأهم هي اللجوء إلى الله. فالدعاء سلاح المؤمن، والله –سبحانه- قادر على تغيير ما يستعصي على البشر. فأكثري من الدعاء لزوجك ولك، بأن يرزقكما الله تجديد المودة والمحبة، فالله هو مقلِّب القلوب.

 

وتذكري –دائمًا- أن ما يصيبك هو ابتلاء لك واختبار من الله، فاستعيني به وتوكلي عليه. واستحضري قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: 2- 3]. فتقواك وصبرك وحسن عبادتك لله، وإحسان عشرتك مع زوجك هو مفتاح الفرج.

 

2. البحث عن الأسباب:

 

وذلك بالبحث عن أسباب هذا الفتور بهدوء وحب. حاولي أن تكتشفي سبب هذا التغيير في زوجك؛ هل هو:

 

- ضغوط عمل؟ ربما يعاني زوجك من عبء ثقيل في عمله، يستهلك مشاعره وطاقته، فيأتي إلى المنزل وهو «شريك سكن» منهَك.

 

- روتين الحياة الزوجية؟ سنوات الزواج الطويلة، مع تكرار تفاصيل الحياة اليومية بين الزوجين، دون أي تجديد، قد يتولَّد فيها الملل والسأم.

 

- تغيُّر في اهتماماته ورغباته الشخصية؟ أو تغيُّر في مظهرك أنت، أو أسلوب تعاملك، أو في اهتمامك بذاتك، وبأجوائه الخاصة؟

 

3- المبادرة الإيجابية الذكية:

 

لإحياء ما مات أو خَفَت من المشاعر، عليك أن تتحولي من وضع «رد الفعل» إلى وضع «الفعل والمبادرة الإيجابية»، ولكن بذكاء ودون ضغط.

 

قلتِ إنك تحاولين التقرب منه، لكن لا شيء يتغير. ربما تكون محاولاتك تحتاج إلى تغيير في الأسلوب:

 

- التغيير في المظهر: الرجل سريع الملل، ويميل إلى التجديد، فاجتهدي في أن تظهري له في أجمل الصور، وتجددي في تزيُّنك له؛ فهذا من حقه عليك ومن أسباب دوام المودة.

 

- هدايا بسيطة رمزية: فالهدية تغيِّر النفس، وتكسر الجمود، وتقرب القلوب.

 

- تخصيص الوقت: حاولي أن تكون بينكما «واحة عاطفية» يومية، حتى لو كانت 15 دقيقة بعد العشاء. اجلسي معه في مكان هادئ، بعيدًا عن الأولاد والتلفاز، تحدثي عن أمور بسيطة، لكن الأهم: استمعي إليه بإنصات، واسأليه عن يومه. لا تبدئي بالعتاب، بل ابدئي بالإعجاب والشكر على ما يقدمه لك ولبيته وأولاده.

 

4- اعرفي وافهمي لغة زوجك:

 

الأزواج يختلفون في طريقة التعبير عن الحب. قد يكون زوجك يعبر عن حبه لك بـ«أفعال» لا بـ«كلمات»:

 

- هل يعمل بجد لتوفير حياة كريمة لكم؟

 

- هل يُصلح ما يفسد في المنزل من أجهزة وأثاث وأدوات؟

 

- هل يحترم رأيك ويقدِّر جهودك؟

 

فهذه –على سبيل المثال- أفعال حب قد تغنيك جزئيًّا عن كلمات الحب، وقد تعبر عن الحب أكثر مما تعبر الكلمات؛ لأنه يبذل فيها وقته وجهده وماله وصحته، لا لسانه فقط. حاولي أن ترَي الجانب المشرق، وعبِّري عن تقديرك لهذه الأفعال. فالتقدير يولِّد التقدير.

 

تخيلي أن لديك وردة ذبلت، هل تلومينها على الذبول؟ وتطلبين منها أن تنتعش من تلقاء نفسها؟ بالطبع لا؛ بل ستسقينها بالماء، وتعرضينها للشمس، وتصرفين عنها ما يؤذيها. إن العلاقة الزوجية كهذه الوردة، تحتاج إلى رعاية دائمة وتعهُّد مستمر.

 

أذكر أن إحدى الزوجات كانت تعاني من صمت زوجها معها، وعدم الحديث إلا بكلمات مقتضبة على قدر الحاجة. فبدلًا من العتاب، بدأت تترك له رسائل ورقية صغيرة (في محفظته، على فنجان القهوة، داخل جيوب ملابسه) تتضمن جملة بسيطة: «أشكرك على جهدك اليوم»، «أنا أحبك»، «أنا سعيدة لأني زوجتك»... إلخ. واستمرت على هذا المنوال حتى بدأ الزوج يتجاوب، وفوجئت به يقول لها: «رسالتك جعلت يومي أفضل»، ومن هنا انكسر جدار الصمت بينهما تدريجيًّا.

 

هل الفتور مبرر للانفصال؟

 

أختي الكريمة، دعينا نَزِنُ هذا السؤال بميزان الشرع والحياة الواقعية: إن أصل الزواج هو تحقيق السكن والمودة والرحمة: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكم مِّنْ أَنفُسِكمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِك لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكرُونَ﴾ [الروم: 21].

 

ولا شك في أن انعدام المودة والجمود العاطفي بين الزوجين يخالف هذا المقصد. وإن المعاشرة بالمعروف لا تقتصر على الجانب المادي والجنسي فقط، بل تشمل الجانب العاطفي والنفسي؛ لأن الجفاء العاطفي الشديد هو نوع من الإساءة المعنوية التي تضرُّ بالزوجة.

 

ولكن قبل أن يُعدَّ الجفاف العاطفي مبررًا شرعيًّا قاطعًا للانفصال، يجب أن نمر بمراحل عدة:

 

* هل هناك ضرر حقيقي بالغ؟ أي: هل تحول الجفاف العاطفي إلى إهمال تام، أو مرض نفسي، أو ضرر يلحق بدينك أو بأخلاقك أو بصحتك؟

 

* هل سلكتِ كل سبل الإصلاح؟ فلا يجوز شرعًا ولا عقلًا التفكير في الانفصال قبل استنفاد جميع وسائل الإصلاح والمبادرة الذاتية، ومحاولة إشراك طرف ثالث حكيم وموثوق (كمستشار أسري).

 

* ماذا عن الأولاد؟ إذا كان هناك أبناء، فمسؤوليتك تجاههم تقتضي مزيدًا من الصبر والتفكير العميق. فالطلاق قد يحل مشكلة؛ لكنه قد يخلق مشكلات أكبر للأبناء. يجب أن يكون القرار لمصلحة الأسرة الكبرى، وليس فقط لمصلحة شخصية.

 

وختامًا أختي الكريمة، عسى أن يكون هذا البلاء هو مفتاح لعودة العلاقة أقوى وأكثر نضجًا. ابدئي اليوم صفحة جديدة مع نفسك ومع زوجك، ولا تيأسي من التغيير.

 

تذكري أن دوام العشرة الطيبة يتطلب جهدًا مستمرًا. فاجعلي هدفك هو إحياء قلب زوجك بحب وذكاء، فـالمرأة الصالحة عون لزوجها على كل خير.

 

أسأل الله أن ييسر أمرك، ويقر عينك بصلاح ذات البين، وأن يسعدك وزوجك في الدنيا والآخرة.

 

روابط ذات صلة:

كيف أُعيد الرومانسية إلى حياتي الزوجية؟

بعد الزواج فترت علاقتي بزوجي.. فماذا أفعل؟

زوجي قليل الحيلة.. خطوات لاستعادة الوهج

زوجي شحيح المشاعر كيف أقترب منه؟

الرابط المختصر :