الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : الحياة الزوجية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
52 - رقم الاستشارة : 2914
09/10/2025
أنا زوجة شابة أعيش في بيت عائلة زوجي الريفي وزوجي مغترب له ثلاث سنوات لم ينزل عطلة، وأنا أعاني بشدة وأشعر أنني معلقة وتحيط بي الخلافات من كل جهة، فتارة هو يغار بشدة عليّ حد أنه يقول كلاما مليئا بالشك، هذا من ناحية.
ومن ناحية ليس لي خصوصية وأعمل طيلة النهار في بيت والد زوجي ووالدته ولا أصعد شقتي إلا وقت النوم، وهو لا يرسل لي أي مال بل يرسل لوالده، ولا يعطيني المال إلا بعد أن يسألني أسئلة كثيرة ثم يقبل أو يرفض.. أرجو أن توجهوا كلمة لزوجي لأن مفتاح الحل بين يديه، فأنا فعلا أفكر في الطلاق.
ابنتي الكريمة، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في موقعك البوابة الإلكترونية للاستشارات.. آلمتني رسالتك يا ابنتي وأوجعت قلبي، فكم من أسرة مثل أسرتك يا ابنتي تقف على حافة الطلاق والسبب هذا النمط المشوه من المعيشة والذي ما أنزل الله به من سلطان.
أوجه حديثي لهؤلاء الرجال المتزوجين الذي يعملون في الخارج ولا ينزلون عطلة سنة واثنتين وثلاثة وأكثر، ألا يعلمون أنهم يتركون وراءهم أسرًا في فتنة حقيقية؟ نساء تعاني من العنت ونساء تتعرض لفتن وأطفال أيتام فقدوا توجيه الآباء وهم على قيد الحياة.. بعض هؤلاء تزوج في الخارج وبعضهم في علاقات محرمة، وكثير منهم يعاني هو أيضًا من العنت والفتنة.. اسألوا أنفسكم لماذا تفعلون هذا؟ من أجل المال وما فائدة المال وأنت تعاني وزوجتك تعاني وأولادك يعانون؟! المشكلة أن البعض لا يسعى وراء المال الذي يمكنه من الحياة الكريمة وإنما يسعى وراء المدخرات والأملاك وقد تلبسته لعنة المال.
يا أخي، ما الذي يمنعك من النزول مرة في العام وتدعوهم لزيارتك مرة؟ سيقلل ذلك من مدخراتك؟ سيجعل آخرين يتفوقون عليك ماليًّا في حالة السباق اللاهث الذي لا يفيق منه البعض إلا بعد أن يصيبه المرض فيعود ليقضي أيامه الأخيرة في بيته؟!
كان عمر بن الخطاب يمنح المجاهدين على الثغور الإسلامية (وهو عمل حربي خطير) عطلة كل أربعة أشهر حتى يتحقق العفاف في المجتمع ويقضي على أسباب الفتنة، بينما ما يقوم به بعض هؤلاء المغتربين هو تكريس لحالة الفتنة ما ظهر منها أقل بكثير جدًّا مما خفي.. هناك حالة من العفن تضرب المجتمع في جذوره ولكننا نغمض أعيننا عنها.
الكارثة الأكبر أن بعض هؤلاء المغتربين تتلبسه حالة من الشك الارتيابي ولا يفكر في حل حقيقي يقضي به على شكه.. بعضهم يصل به حب المال حد البخل فيدخر ويشتري الممتلكات ويترك عائلته في عوز وحاجة فيعيشون الحرمان بكل صوره.
طبقات الحرمان
بعض النساء تعاني من الحرمان بكل صوره.. حرمان من الزوج وحرمان من المال غير الشك الذي يحيطها به (أذكر في إحدى الاستشارات المؤلمة أن الزوجة تركت هاتفها متصلاً بالإنترنت ونامت وعندما حدثها ولم ترد بينما يراها متصلة حتى الفجر.. استيقظت في الصباح على طرقات حماتها وأخته أخذوا منها الهاتف لتفتيشه غير الشتائم والسباب الذي تلقته منه).
بعض النساء في الريف ممن يعشن في بيت العائلة تعاني من الحرمان من الزوج والحرمان من المال، بالإضافة للخدمة الشاقة في بيت العائلة مقابل الطعام.. بعض المغتربين لا يرسلون حتى مصروفًا شخصيًّا لزوجته ويترك لوالده أو شقيقه مهمة شراء ما تحتاجه فعليها أن تخبره بما تريد ثم يقيم هذا الوالد أو هذا الأخ مدى الحاجة الحقيقية لهذا الشيء من عدمه ثم يقرر شراءه أو رفضه.
أيها الإخوة، هذا ليس زواجًا، هذا أسوأ من العبودية.. ليت الدعاة وخطباء المساجد خاصة يوم الجمعة يتحدثون عن مثل هذه الكوارث الإنسانية التي تحدث في بيوت ظاهرها الصلاح والالتزام الشكلي.. ليتهم يتحدثون عن مقاصد الزواج، وكيف أن السفر الطويل يفقد الزواج أهم مقاصده.. ليتهم يتحدثون عن أن القيمة الحقيقية للمال أن يعيش الإنسان وأسرته حياة كريمة، وأن الادخار يأتي بعد ذلك، وأنه لا فائدة من ادخار المال للأبناء بينما يعيشون في تعاسة.
قبل الطلاق
يا ابنتي، غياب زوجك لثلاث سنوات متصلة يمثل عنتًا كبيرًا لك، ولكن قبل أن تطلبي الطلاق لا بد من الحوار معه بهدوء، توضئي وصلي ركعتين واقرئي ما تيسر من القرآن وتوجهي إلى الله بالدعاء أن يصلح ذات بينكم، وتحدثي معه في مشكلة واحدة فقط ولتكن مشكلة سفره الطويل الذي أفقد حياتك الزوجية معنى السكن وليتم تأجيل باقي المشكلات الآن.
تحدثي بهدوء ولطف ولا توجهي له النقد العنيف حتى لا يعاندك.. تحدثي عن اشتياقك له واسأليه ألا تشتاق إليّ؟! استخدمي قوتك الناعمة في جذبه عسى أن يلين قلبه.. لا تحدثيه عن المشكلات المادية ولا الضغوط الملقاة على عاتقك سيأتي دورها، لكن دعينا نحل الآن أبرز مشكلة تعانين منها ألا وهي غيابه الطويل، فإن استجاب لك فهذه خطوة كبيرة على الطريق وعندما يعود يمكن فتح ملف السفر والغياب وبقية الملفات واحدًا تلو الآخر.
إن لم يستجب لك فصعدي الأمر لعائلتك بحيث نصل لمرحلة الحكمين، حكم من أهلك، وحكم من أهله، مع الحرص على اختيار أشخاص مرنة لديها سعة أفق وليس أشخاص كل ما يشغلهم المال.. من الممكن أن تطلبي من بعض أهل العلم التدخل سواء لنهيه عن هذا المنكر أو ليكون الحكم الخاص الذي ترتضينه.. ولا تنسي الدعاء لله سبحانه وتعالى في أوقات الاستجابه أن يهديه ويبعد عنه الشيطان ويصلح ذات بينكم..
وأخيرًا يا ابنتي، احتسبي كل هذا الجهد للحفاظ على بيتك جهادًا في سبيل الله وعملاً تتقربين فيه إلى الله، لكن إن كنت تشعرين أنك في فتنة فلا خير في هذا الزواج الذي لا يحقق مقاصده. أراك الله الحق حقًّا ورزقك اتباعه، غاليتي، وتابعيني دائما بأخبارك.
ويوجه الدكتور رجب أبو مليح المستشار الشرعي لموقع الاستشارات رسالة للزوج:
الأخ الكريم..
اعلم أن زوجك أمانة في يدك وفي عنقك، وأنت مسئول عنها يوم القيامة، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، ولقد حثنا النبي ﷺ على التوازن في حديث سلمان الفارسي عندما نصح سلمان أخاه أبا الدرداء بقوله إن لنفسك عليك حقًّا، وإن لربك عليك حقًّا، وإن لأهلك عليك حقًّا، فقال ﷺ صدق سلمان.
وغيبتك الطويلة عن زوجتك هذه غيبة غير مبررة مهما كانت الأسباب، فقد تركتها كالمعلقة، لا هي زوجة، ولا هي مطلقة، ولا يوجد مبرر لهذا الانقطاع عنها إلا إذا كنت لا تستطيع الرجوع إلى بلد لأمر قاهر لا يد لك فيه!
وفي الجهاد وهو ذروة سنام الإسلام كان عمر بن الخطاب لا يسمح للجنود وهم يدافعون عن الدين والأرض والعرض أن يتأخروا عن زوجاتهم أكثر من ستة أشهر بعد أن استشار حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها.
وبعض الشباب يفهم البر خطأ فيسلط أهله على زوجته ليعاملوها معاملة الإماء بحجة بر الوالدين أو الإحسان للأهل، ولا أحد يمنعك من برك بهم لكن ليس على حساب هذه المسكينة التي فقدتك جسديًّا ومعنويًّا!
فاتقوا الله في نسائكم ولا تعرضوهن للفتنة، فهذا ميثاق غليظ، فأعطوا هذا الميثاق حقه، يقول الله تعالى: ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا﴾ [النساء: 21].
روابط ذات صلة: