الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : الحياة الزوجية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
140 - رقم الاستشارة : 2346
14/08/2025
السلام عليكم، كانت هناك مشكلة كبيرة بيني وبين زوجي بسبب الأمور المادية حتى أن زوجي هددني بالطلاق إن لم أعطه راتبي، ثم تفاهمنا على أن أساهم بجزء من راتبي في مدخرات المنزل وأتصرف بباقي مالي كيفما أشاء.
وبالفعل اتفقنا على هذا، ولكن جاءني هذا الشهر بأمر جديد، حيث إنني أعطي باقي راتبي لأمي لتفك عسر حالها الآن وتسدد على راحتها.
وأما بالنسبة للمبلغ الذي وضعته في مدخرات المنزل فإني التزمت به ولم أتصرف فيه أبدًا، لكن زوجي جاء ليسألني هذه المرة عن باقي راتبي الذي هو من حقي فأجبته بكل احترام أني أساعد أمي وأنه مالي ولي حرية التصرف فيه، فبدأ يحسب لي كم مرة أعطيت أمي نقودًا ويقنعني باستردادها.
ودائمًا ما يتحجج بأني مهملة في المنزل وفي حقه كزوج وأنني أعمل على حساب وقته، ما الحل القاطع الآن فقد بدأت أشعر بأني أعيش مع إنسان مادي؟
أختي الكريمة، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في موقعك البوابة الإلكترونية للاستشارات، وبعد..
فللأسف الشديد مشكلتك هذه متكررة، وهي إحدى المشكلات التي نتجت بسبب خروج المرأة لسوق العمل من جهة وتدني الأحوال الاقتصادية، بحيث أن دخل الزوج وحده لم يعد يكفي متطلبات الحياة؛ لذلك هو يرى أن له حقًّا في هذا الراتب مقابل تساهله معك في بعض حقوقه أو حقوق البيت بسبب الوقت الذي تقضينه خارج المنزل.
ولقد قمتم بالفعل بالبحث عن حل وسطي يحفظ لك حقك في ذمة مالية مستقلة متمثلة في راتبك وبين دعمك لزوجك متمثلاً في منحه جزءًا من راتبك لضمه لميزانية البيت، ولقد قمت بالفعل بتنفيذ الجزء الخاص بك في الاتفاق وأعطيته المبلغ المحدد الذي تم الاتفاق عليه، ولكنه هو من يناقشك في المبلغ المتبقي الذي تمنحينه لوالدتك على سبيل القرض أو حتى الهبة فيطالبك باسترداده.
وفي الحقيقة هذا ليس من حقه، فمن ناحية أنت حرة بصورة مطلقة في التصرف بمالك، خاصة بعد أن وفيت بعهدك معه، ومن ناحية ثانية فإن والدتك هي أعظم الناس حقًّا عليك ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾، فمن حقك بل من واجبك برها وصلتها وفك عسرتها.
وما قاله لك من كلام عن استرداد المال من والدتك ليس من حقه، لكن لعل له وجهة نظر، كأن يكون لك إخوة آخرون قادرون على المساعدة ولا يفعلون، أو لعله يرى أن الوالدة تنفق المال على أمور استهلاكية أو ترفيهية وأنها قادرة على السداد بينما عائلتكم بحاجة للمال، وهناك احتمالات أخرى كثيرة لتفسير موقفه بعيدًا عن المادية التي تتهمينه بها، فلا أريدك أن تسيئي الظن به ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾، وكما قال النبي ﷺ (إن الظن أكذب الحديث)، ومن حق المسلم على المسلم أن يتلمس له الأعذار فما بالك بزوجك؟
سأقدم لك الآن مجموعة من المقترحات تساعدك بمشيئة الرحمن في الحفاظ على حياتك الزوجية مستقرة، وفي الوقت ذاته تجعلك تقومين بدورك كابنة على أكمل وجه وتحفظ لك حقوقك المالية وحدودك النفسية:
* تعاملي مع زوجك بلطف ورقة، وهذا هو الأصل في العلاقة الزوجية، وهذا اللطف قد يعوض أي نقص يراه في البيت أو في علاقتك به، ومن صور اللطف في الكلام مدحه وتقديره بما فيه من صفات جيدة ربما لم تذكريها في رسالتك لأن الغضب لا يجعلنا نرى غير العيوب والمساوئ.
* التعامل الرقيق اللطيف لا يعني قبول كل ما يقول به مما ليس من حقه، كأن يجتاح مالك كله أو يمنعك من صلة رحمك، هنا ينبغي الرد الحازم الممتزج باللطف، فلا داعي للصراخ أو الانفعال أو الصوت المرتفع أو الكلمات الحادة أو حتى قول ليس من حقك بطريقة قاسية، ولكن أريد لك نبرة صوت حازمة وإن كانت هادئة (هذه أمي وربي أمرني ببرها والرفق بها)، (لقد التزمت بما اتفقنا عليه وأنا واثقة فيك وواثقة أنك ستلتزم بما اتفقنا عليه، فلا تجعل الشيطان يدخل بيننا) وهكذا...
* اهتمي بعلاقتك الخاصة بزوجك؛ فعملك لا يبرر لك إهمالك هذا الجانب المهم والذي لا تستقيم الحياة الزوجية دونه، غير أنها ورقة ضغط يستخدمها زوجك ليبرر بها تدخله في شئونك المالية.. احصلي على بعض الراحة بعد العودة من عملك حتى تمتلكي الطاقة النفسية والجسدية للاهتمام بهذا الجانب.
* استغلي جزءًا من مالك في الاهتمام بأمور المنزل.. شراء آلة لغسل الصحون مثلا توفر الوقت والجهد.. عاملة منزلية أسبوعية تقوم بتنظيف البيت بشكل عميق فلا يتبقى كل يوم إلا المهام الصغيرة الروتينية، لا تجعليه يضغط عليك بهذه الورقة أيضًا، ولا تجعلي نفسك في موضع التبرير أبدًا.
* استعيني بالله تعالى مع كل خطوة وفي كل عمل حتى يوفقك وييسر أمورك كلها.. أسعد الله قلبك وأصلح ما بينك وبين زوجك، وتابعي هذه الاستشارة فقد تفتح لك آفاقا أكبر للحل حائرة بين أهلي وزوجي.