كيف أُعيد الرومانسية إلى حياتي الزوجية؟

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فتحي عبد الستار
  • القسم : الحياة الزوجية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 332
  • رقم الاستشارة : 2286
05/08/2025

أنا متجوزة بقالي سبع سنين، وعندي ولدين الحمد لله. أول سنين جوازنا كانت كلها حب واهتمام ورومانسية، لكن دلوقتي، حاسة إن في حاجة اتغيرت. الكلام بينا بقى على قد الضروري: 'الولاد أكلوا؟' 'فين فلوس الجمعية؟' 'هنجيب طلبات البيت إمتى؟'. مفيش كلام من القلب للقلب زي زمان، ولا حتى نظرة حنية زي الأول.

البرود ده واجعني أوي وموترني. ساعات ببص لنفسي وبقول: هو أنا اللي قصرت؟ هل انشغالي بالأولاد والبيت هو اللي خلى العلاقة كده؟

أنا خايفة جدا من نتايج الحالة دي وتطورها، وفعلا مش عارفة أعمل إيه! ومش قادرة أفتح الكلام مع زوجي في الموضوع ده، مش عارفة هو بيفكر إزاي، وإيه ممكن يكون رد فعله، خصوصًا مع ضغط الحياة ومسؤوليات الأولاد اللي مابتخلصش. أعمل إيه؟

الإجابة 05/08/2025

مرحبًا بك أختي الكريمة، ومرحبًا بتواصلك معنا وثقتك الغالية التي نعتز بها. نسأل الله العظيم، رب العرش الكريم، أن يبارك لك في زوجك وأولادك، وأن يملأ بيتك سكينة ومودة ورحمة، وبعد...

 

فكثير من البيوت تمر بهذه المرحلة بعد مرور سنوات من الزواج وبدء المسؤوليات وتراكمها؛ لكنها ليست نهاية المطاف؛ بل هي محطة تتطلب وعيًا وجهدًا مشتركًا لتجاوزها، والعودة بالعلاقة إلى مسارها الصحيح.

 

أختي الفاضلة، لا تلومي نفسك ولا تتهميها بالتقصير، فكل مرحلة في الحياة لها متطلباتها، وانشغالك ببيتك وأولادك هو واجبك الدنيوي وعمل صالح تؤجرين عليه من الله؛ لكن الحياة الزوجية نبتة تحتاج إلى رعاية وسقي مستمر حتى لا تذبل، والزوجان مسؤولان معًا عن هذه الرعاية.

 

أسباب برود العاطفة وكيفية علاجها

 

هناك عدة أسباب تدفع إلى برود العاطفة في الحياة الزوجية، يجب أن نفهمها لنستطيع التعامل معها، ومن ثم إعادة الروح والحياة والحرارة لعلاقاتنا الزوجية، ومنها:

 

- سنة الحياة وتغير الأولويات:

 

من الطبيعي أن تتغير طبيعة العلاقة مع مرور الزمن، فالحب الأولي المفعم بالرومانسية أيام الخطبة وبدايات الزواج، والمشتعل بأحاسيس مدفوعة بالانجذاب الجسدي في كثير من الأحيان، قد يتحول مع الوقت -في جزء كبير منه- إلى مودة ورحمة عميقة، وهي أساس الحياة الزوجية المستقرة؛ لكن هذا لا يعني أن تنطفئ شعلة «الحب» تمامًا. تذكري قول الله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكم مِّنْ أَنفُسِكمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِك لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكرُونَ﴾ [سورة الروم: 21]، فالمودة والرحمة هما الركيزتان الأساسيتان، فاجعلي تركيزك على تقويتهما.

 

- الضغوط الحياتية وتأثيرها:

 

مسؤوليات البيت والأولاد وضغوط العمل كلها عوامل قد تؤثر على الحالة النفسية للزوجين، وقد تجعل الزوج ينسى التعبير عن مشاعره؛ لأنه منهك أو مشغول بالوفاء بمتطلبات الحياة. لا تحكمي على تصرفاته من منظور واحد، بل حاولي أن تلتمسي له العذر، فربما هو يرى أن عمله وتوفير احتياجاتكم هو أسمى تعبير عن حبه واهتمامه. يقول رسولنا الكريم ﷺ: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه» [رواه البيهقي]، فعمل زوجك وإتقانه له من أجلكم، هو تعبير قوي عن حبه لكم واهتمامه بشؤونكم والحرص على إسعادكم.

 

- بادري بالحوار:

 

أنتِ تخشين من فتح هذا الموضوع مع زوجك؛ وهذا مفهوم؛ لكن الحل لن يكون أبدًا إلا بالحوار البنَّاء، وأن تتحملي عبء المبادرة به؛ لأنه -فعًلا- قد لا يكون ملتفتًا إلى هذه المشاعر التي تنتابك.

 

اختاري الوقت المناسب، بعيدًا عن ضغوط اليوم، ربما بعد أن يخلد الأولاد للنوم وفي جو هادئ، ابدئي بكلمات حانية رقيقة، وسرد ذكريات جميلة تجمعكما. ثم عبّري عن مشاعرك بهدوء، ومهم جدًّا أن يخلو حديثك من أي لوم أو اتهام.

 

قولي ما معناه: "أنا أشعر بالوحشة أحيانًا، وأشتاق إلى حديثك الدافئ ونظرة الحنان منك". لا تقولي: "أنت تغيرت، أنت لم تعد تهتم بي". فالأولى تفتح بابًا للحوار، والأخرى تضع حاجزًا من الدفاع، وربما الهجوم.

 

- بادري بإحياء الرومانسية:

 

لا تنتظري أن يبادر زوجك فقط؛ بل كوني أنتِ المبادرة. جددي في نفسك وبيتك، وغيري من روتينكما اليومي. فاجئيه برسالة قصيرة تعبر عن حبك وشوقك، أو بوجبة مفضلة على غير توقع. قد تكون لمسة بسيطة أو كلمة طيبة هي الشرارة التي تعيد إحياء المشاعر. يقول النبي ﷺ: «تبسمك في وجه أخيك صدقة» [رواه الترمذي]. فما بالك بالتبسم في وجه زوجك؟

 

- الاستعانة بالله والدعاء:

 

وأولًا وأخيرًا، اجعلي من الدعاء سلاحك الأول. استعيني بالله واطلبي منه أن يؤلف بين قلبيكما، وأن يملأ حياتكما بالمودة والرحمة. الدعاء هو سر العلاقة الطيبة، وهو يغير الأقدار. تذكري أن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء. ادعي كثيرًا وأنتِ موقنة بالإجابة.

 

وختامًا أختي العزيزة، أود أن أطمئنك بأن هذه مرحلة عابرة يمكن تجاوزها بإذن الله. أنتِ لستِ مقصرة، ولكنك تحتاجين إلى المبادرة بحكمة وحب. تذكري أن علاقتكما الزوجية هي بناء مقدس وميثاق غليظ، والله -سبحانه وتعالى- باركها. فلا تيأسي أبدًا، وابدئي اليوم خطوة صغيرة نحو إعادة الدفء إلى بيتك.

 

وفقك الله وأعانك، وفتح لك قلب زوجك، ورزقكما السعادة والهناء وراحة البال ورغد العيش، وبارك لكما في ولديكما، وتابعينا بأخبارك.

الرابط المختصر :