أعاني مع الرجل المثالي

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
  • القسم : الحياة الزوجية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 225
  • رقم الاستشارة : 2359
17/08/2025

السلام عليكم... أحتاج إلى رأيكم، فأنا أعيش في حيرة تهدد استقرار زواجي رغم أن زوجي - في نظر الجميع - "الرجل المثالي" بكل معنى الكلمة! في العمل: ناجح، محترم، واجتماعاته لا تنتهي، حتى تحوّل سفر العمل إلى روتين شهري. كلما حاولت التقرب، يذكرني بـ"الضغوط التي يتحملها من أجلنا".

في الخارج: يهتم بأناقته، رائحته، ولياقته بشكل مبالغ فيه، لكن حين أسأل عن سبب إهماله لحميميتنا، يتجاهل أو يختفي خلف هاتفه! حتى مع الأطفال: صار "البطل" الذي يلهو معهم لساعات... لكنه يتهرب من أي حديث بيننا بمجرد نومهم.

الأغرب أنني أشعر بأنه "يشبع" احتياجاته العاطفية خارج البيت: إعجاب زميلاته، الإشادة الدائمة بمظهره، حتى صار يتحدث عن عمله بحماس لا أراه أبدًا حين نكون لوحدنا! لاحظت أيضًا أنه يفضل تصفح هاتفه ليلًا بدءًا من التواصل الاجتماعي وحتى... (لا أريد أن أتهمه ظلمًا). جربت المواجهة المباشرة: فيقول إنه "متعب" أو يختلق مشكلة قديمة ليفتعل البرود أيامًا. إن حاولت التقرب، يصبح باردًا كالغريب!

أسئلتي:

لماذا يهرب مني رغم عدم وجود خيانة واضحة؟

كيف أتعامل مع "التهرب المقنع" بالعمل أو الأطفال؟

هل اهتمامه المفرط بمظهره قد يكون مؤشرًا على نفور داخلي مني؟

أخاف أن يتحول زواجنا إلى "مسرحية" نعيشها للآخرين فقط... فماذا أفعل؟

الإجابة 17/08/2025

وعليكم السلام ورحمة الله أختي الكريمة، وأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في موقعك البوابة الإلكترونية للاستشارات، وبعد:

 

فإنني أقدر مشاعرك العميقة القلقة، فما تعيشينه غير مفهوم، هو حتى لا يساعدك بتقديم تفسير حقيقي للأمر.. يقينًا مشاعرك لا تخدعك، وهذا البرود في الحميمية بينكما يثير الكثير من علامات الاستفهام.. كنت أفضل لو تجبينني منذ متى بالضبط وأنت تشعرين بانسحابه العاطفي؟ وهل الأمر تم فجأة أم بالتدريج؟ وهل قال شيئًا.. ألمح لشيء.. اشتكى من شيء يخص علاقتكما وأنت لم تستجيبي له أم أنه التزم الصمت منذ البداية؟

 

دعيني أحاول الإجابة عن أسئلتك في ضوء ما قدمته من معلومات، ولو أنني أتمنى أن تعيدي التواصل معنا برسالة أكثر تفصيلاً فيها إجابات عن تساؤلاتي حول الأمر.

 

لماذا يهرب؟

 

كثيرة هي الدوافع التي قد تجعل الرجل يهرب من زوجته ويتعامل معها ببرود لعل أخطرها أن تكون هناك أخرى في حياته.. يعيش قصة حب مثلاً.. زميلة معجبة به تمنحه الكثير من كلمات المدح والتقدير فانجذب لها وشغلت تفكيره، خاصة لو أنه يفتقد كلمات المدح والتقدير منك ولا يجد إلا اللوم والشكوى.. هذا احتمال لا يمكننا أن نستبعده، ولا يمكننا أن نثبته في اللحظة الراهنة.

 

هناك احتمال وهو أنك لا تهتمين بمظهرك وأناقتك ورائحتك، لا أقصد في وقتكما الخاص فقط، ولكن بوجه عام، وأنتم تتناولون الطعام وأنتم تلعبون مع الأطفال، فحدث له شيء من النفور، خاصة أنه شديد الاهتمام بالتفاصيل، ومرتبط بنفس الأمر أن يكون لديك التهابات نسائية غير معالجة وأنت غير متنبهة لها، فهذه الالتهابات الشائعة تسبب النفور، وقد يكون لديك تسوس في الأسنان أو حشوات قديمة تسبب رائحة نفس غير مستحبة.. هذا احتمال شائع للنفور الزوجي.

 

هناك احتمال أن يكون هو من لديه بعض المشكلات الصحية أو يعاني من بعض الأمراض المزمنة التي قد تؤثر على لياقته، وهو يعوض ذلك بالمظهر الخارجي الرائع، لكن في المساحة الخاصة يخشى من الخذلان.

 

ويبقى احتمال أنه مستهلك في العمل وهو وارد أيضًا، فمن الممكن أنه يبذل كل طاقته في العمل ولعله يبحث عن منصب جديد أو ترقية، وهذا يجعل رغبته في العلاقة الزوجية منخفضة بالفعل.

 

التهرب المقنع

 

أما عن سؤالك التالي: كيف أتعامل مع "التهرب المقنع" بالعمل أو الأطفال؟ فأقول لك إياك أن تلعبي دور المطارد في علاقتك الزوجية، فهذا سيجعله يمعن أكثر وأكثر في الهروب، الرجل لا ينجذب أبدًا لمن تطارده حتى لو كانت زوجته، فهذا يشعره بالحصار، والحصار يدعوه للفرار، الحل أن تجعليه هو من يهتم بك.. يبحث عنك.. ينشغل بك، وهو بالتأكيد أمر ليس بالسهل، ويحتاج إلى الوقت والجهد ولكنه مهم جدًّا ويستحق ما يبذل فيه، وإليك عددًا من الأمور تساعدك على ذلك:

 

• الإيمان بالقدر خيره وشره.. نعم -أختي الغالية- فالإيمان العميق بالقدر وأن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا يريح الإنسان، فأنت توكلي على الله وارضي بما قدره الله تعالى، وهذا يجعلك هادئة مستقرة ثابتة.. هذا الهدوء سيصل إليه، وسوف يستشعره، نعم قد يريحه ولكنه سيجعل الأسئلة تتواتر إلى عقله.. لماذا لم تعد تسأل؟ لماذا لم تعد تطلب ما بالها هادئة هكذا؟

 

• ابدئي الاهتمام العميق بنفسك من الداخل للخارج.. ليس بهدف جذبه بل في المقام الأول لأنك تحتاجين ذلك، تحتاجين أن تستعيدي الثقة في نفسك؛ لذلك قلت لك من الداخل للخارج؛ فجلسة ذكر هادئة قبل طلوع الشمس أو قبل غروبها أو صلاة في جوف الله تعيد لك اتزانك النفسي وتجعل همك وحجم مشكلتك يتضاءل في وعيك، فهناك كثير من الأمور الجميلة والمهمة التي يعيش لأجلها الإنسان فوق هذه الأرض.. الشعور بالسكينة القلبية سيجعلك تترفعين على كثير من المشاعر السلبية، وسيجعلك على يقين أنك إنسانة مهمة وتستحقين الاهتمام، وأن من يقترب منك فهو الرابح، ومن يبتعد هو الذي يناله الخسران، وكل هذه المشاعر ستصل إليه بشكل تلقائي ودون كلمة واحدة.

 

• مرتبط بالنقطة السابقة أنه وكما اهتممت بروحك فعليك أن تهتمي بجسدك وصحتك بأن تذهبي للطبيبة النسائية وطبيبة الأسنان وتتابعي أي نقص في صحتك في أي مجال.. تغذيتك.. وزنك.. وأن تبدئي ممارسة رياضة خفيفة.. وشراء ملابس جديدة أنيقة و"ترندي" كما يقال.. وتذهبي لصالون التجميل وتحصلي على اهتمام خاص بشعرك وبشرتك، وإياك إياك أن تسأليه ما هو رأيك.. ثقي أنه سيلاحظ كل شيء وإن لم ينطق بكلمة.

 

الاهتمام المفرط بالمظهر

 

بالنسبة لسؤالك عن اهتمام زوجك المفرط بمظهره وعن علاقة ذلك بنفوره منك، فلا أرى علاقة قوية بين الأمرين، هو يهتم بمظهره كي ينال كلمات التقدير والإعجاب من الزملاء والزميلات في العمل، وهذا يمنحه شعورًا هو بحاجة ماسة إليه ألا وهو شعور التقدير وأنه مهم وأنه واضح جدًّا ولا يمكن تجاوزه وأنه ناجح في كافة المجالات، فهو ناجح في عمله ووسيم وأنيق أيضا، هو يقتات على مشاعر الإعجاب والتقدير وتغذي جزءًا عميقًا في اللاوعي الخاص به..

 

يمكنك أن تمنحيه أنت أيضًا بعض كلمات إعجاب مدروس وتتابعي رد فعله على ذلك، يعني مثلا تندمجين معه أثناء اللعب مع الأطفال وتبتسمين وتقولين لأولادك أنتم محظوظون ببابا وتنظرين في عينيه نظرة بسيطة، فهذا مدح لن يناله من أحد غيرك.. بعد أن يرتدي ملابسه لمسة خفيفة على كتفه كأنك تضبطين الملابس وتبتسمين وتقولين ما شاء الله تبارك الله ما هذه الأناقة.. لا تقولي له أبدًا ما هذه المبالغة، ومثل هذا الكلام يسبب النفور الفعلي.

 

ماذا أفعل؟

 

زوجك يرغب أن يبدو في صورة الرجل المثالي لا بأس دعميه في ذلك.. هذه ليست مسرحية كما تظنين بل صورة يرغب ويحلم أن يكونها بالفعل، جربي أن تدعميه كما شرحت لك في النقطة السابقة، إذا شعرت ولو بتجاوب بسيط منه فاستمري فأنت على الطريق الصحيح، مع مراعاة الاهتمام العميق بنفسك ومن الداخل للخارج كما شرحت لك، وأيضًا دون مطاردة منك أو لوم أو عتاب، فقط بعض كلمات مدح صادقة من شخصية مهتمة هي الأخرى بنفسها وواثقة في كل حركة وكلمة، وانتظري فترة لا تقل عن شهر، فإن شعرت بتحسن ولو بسيطًا.. بعض الشغف فهذا جيد جدًّا.. أما لو كان التجاوب منعدمًا فهنا لا مناص من المواجهة الجادة مع الاستعداد لكافة النتائج والتبعات.

الرابط المختصر :