الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : الحياة الزوجية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
55 - رقم الاستشارة : 2666
15/09/2025
السلام عليكم، تعبت من التنازلات وأفكر بعدم العودة لزوجي، أنا امرأة متزوجة منذ 10 سنوات لدي 3 أولاد من زوجي، في بداية زواجي كانت هناك مشاكل مع زوجي بسبب تحكم أهله فيه وشحنهم عليه فكان كل مرة يضربني وأذهب إلى بيت أهلي، ولكن في كل مرة يعتذر وأسامحه وأعود من أجل أولادي.
بعد آخر مشكلة قبل 4 سنوات تحسنت علاقتنا وهو أصبح يرى ظلم أهله فلم يعد يستمع لهم وحسن علاقته بي إلى غاية البارحة حيث عاد وضربني وطردني إلى بيت أهلي بسبب نقاش تافه دار بيننا.
أنا الآن لا أريد أن أتصل به أو أحاول معه للمصالحة لأني حسب نظري هو من أخرجني من بيتي وجعل المشكل كبيرًا من نقاش عادي بين أي زوجين ولم يفكر حتى في أولاده، كما أني كنت أتنازل في كل مرة من أجل أولادي ولكن الآن يكفي ما صدمني هو رد فعل أهلي فهم يضغطون علي ويريدون مني الرجوع كأن شيئًا لم يحدث، ماذا أفعل؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أختي الكريمة، وأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في موقعك البوابة الإلكترونية للاستشارات..
في البداية أريد أن أحييك على 10 سنوات من الجهاد من أجل الحفاظ على بيتك وأولادك، جعل الله ذلك في ميزان حسناتك، ولا تظني أني أقول إن الصبر على الضرب والإيذاء جهاد، فهذا مما لا يقول به عاقل، ولكني أقصد قوة العفو والتسامح وقبول الاعتذار بعد الاعتذار حتى رفع الله الغشاوة عن عيني زوجك وأدرك مدي ما وقع فيه من الخطأ وما ارتكبه من ظلم وأدرك حقيقة ما يدور حوله من أحداث، ومضى على ذلك أربع سنوات وهي مدة ليست بالقليلة أبدًا التزم فيها زوجك بالتعامل الراقي البعيد تمامًا عن العنف.
ولكن يبدو أن بذور العنف كانت كامنة ولم يتم استئصالها وهذا ما جعله يستخدم العنف البدني ويضربك بل ويطردك أيضًا بعد نقاش وصفته أنت بالتافه وحتى لو لم يكن هكذا وكان النقاش حادًّا فهذا ليس مبررًا لضربك وطردك.. فهل تجاوز الأمر النقاش؟ هل قمت بإهانته مثلا؟ هل قمت بسب أهله؟ هل حدث منك أمر بالغ الاستفزاز أفقد توازنه النفسي فأقدم على ما قام به.. لا أبحث عن تبرير لزوجك، ولكنني أريد أن أقف على حقيقة الأمر.
لا تتنازلي
أختي الكريمة، لا تتنازلي هذه المرة وتسعي وراء الصلح ولا تتصلي به (لو كان الأمر كما ذكرت بالفعل) فهو ارتكب خطأ فادحًا بضربك وضاعف من هذا الخطأ بطردك خارج منزل الزوجية، وعليه أن يدرك فداحة ما ارتكب من أخطاء وأن يتعلم كيف يعتذر وكيف يعالج أخطاءه.. الآن الكرة في ملعبه كما يقولون، ولا بد أن يتعلم كيف يتحرك.. لو تنازلت الآن فسيقوم بتكرار هذا الخطأ مرات ومرات فهو لم يتحمل مسئولية ما قام به..
نعم يمكنك أن تدعي الله عز وجل بتضرع أن يهدي قلبه وألا يجعل للشيطان عليه سبيلاً ويجنبه الكبر والعناد وأن يصلح أحوالكم، وتذكري موقف السيدة عائشة وقت حادثة الإفك عندما ازدادت عليها الضغوط للحد الأقصى فقالت: فوالله لا أجد لي ولكم مثلاً إلا أبا يوسف حين قال: {فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون}. فأنت –غاليتي- اصبري صبرًا جميلاً واستعيني بالله سبحانه وتعالى وتوكلي عليه، وقريبًا جدًّا ستجدين أن زوجك هو من سيأتي ليعتذر ويعيدك إلى البيت، وهنا لا بد أن يكون لك ولأهلك وقفة جادة معه ولا بد من تقديم ضمانات حتى لا يتكرر ما حدث.
أهلك والضغوط
تعلمين –عزيزتي- أن أهلك يضغطون عليك ويريدون منك العودة لزوجك خوفًا على بيتك وأولادك وليس لأنهم يستهينون بك.. ببساطة هم خائفون أن تتحطم هذه الأسرة على وقع عناد زوجك فيريدون منك أن تتنازلي وتطلبي أنت الصلح، وهنا عليك أن تتحدثي معهم برفق وهدوء وتحتوي هذه المخاوف وتقولي لهم إنك لا تريدين خراب البيت ولا تسعين وراء الطلاق ونحو ذلك، وإنما أنت تريدين لحياتك الزوجية النجاة، وهذا لن يحدث مع الضرب والطرد والعيش تحت التهديد.
لذلك أنت تريدين إشعار زوجك أنه على وشك فقدك، ليس لأنك تريدين الانفصال حقيقة، وإنما لأنك تريدين منه أن يبذل جهده لاسترجاعك، فالعودة الصعبة، لذا الشروط والضمانات هي ما ستجعله يفكر كثيرًا قبل أن يتهور ثانية، لذلك أنت تريدين دعمهم وتريدين صبرهم معك، وأنك على يقين أنهم يحبونك ويتمنون لك الخير، وهكذا تجعلينهم معك لا عليك وتخططين معهم للشروط والضمانات الممكنة.
ضمانات قوية
عندما يهدأ زوجك ويذهب عنه الغضب سيدرك فداحة ما ارتكب من أخطاء، في البداية سينتظر أن تتواصلي معه كما كنت تفعلين من قبل، وعندما يجد أنه لا تواصل منك سيسعى هو لأخذ خطوة إيجابية قد يتصل بك.. أو قد يزورك عند عائلتك أو قد يوسط قريبًا لك أو شخصًا ذا حيثية حتى يحدثك في مسألة العودة للبيت، وهنا لا بد أن تكون الأمور واضحة في ذهنك وبالغة الترتيب وأيضًا واقعية وأنت أدرى بالحد الأقصى من التنازلات التي يستطيعها، لا نريد أن نتجاوزها حتى لا تأتي الضغوط بنتيجة عكسية، ومن الضمانات المهمة التي يمكنك التفكير فيها:
* الاعتذار الواضح الصريح، وهذا أهم ضمانة لعدم تكرار ما حدث، أن يعترف بالخطأ وأنه مهما كان المبرر فاستخدام العنف الجسدي أقصر طريق لتدمير الحياة الزوجية، وأنه آسف حقًّا لتحكم الشيطان فيه على هذا النحو الذي أفقده اتزانه.. لا تشترطي عليه أن يعتذر أمام عائلتك فما يشغلنا أن يشعر بالأسف الحقيقي من داخله وليس أن نكسره أو نهينه.
* اطلبي منه ضمانات حتى لا يتكرر ما حدث، قولي له إنك فقدت الشعور بالأمان معه بعد ما حدث وإنك تريدين منه ضمانات ودعيه يقترح عليك.. إن قدّم لك ضمانات مادية فلا ترفضي (فقد تحتاجين إليها فيما بعد)، ولكن اطلبي معها كلمة رجل أنه لن يكرر ما حدث.
* إذا قال لك لا أعرف ماذا يمكن أن أقدم من ضمانات وقتها عليك أن تقدمي قائمة محددة من المطالب، يمكنك أن تشترطي عليه أن يحضر دورة متخصصة في كيفية إدارة الغضب مثلا أو الذهاب معًا لاستشاري أسري أو حتى زيارة طبيب نفسي، فليس في الأمر ما يعيب.. يمكنك أن تطلبي ضمانًا ماليًّا (ليس لأنك مادية ولكن كي يشعر بالمسئولية وأن كل سلوك يمارس له ثمن).. يمكنك أن تطلبي منه أن يقسم ألا يكرر ما حدث وأن يتعهد أمام أسرتك بعدم تكرار هذا.. فكري جيدًا في هذه النقطة فأنت أدرى بما تحتاجين إليه ويمكنك أن تطلبي أكثر من ضمانة.
* وأخيرًا، أوصيك أختي الكريمة أن تتجنبي استفزازه وإثارة كوامن غضبه، فبعض الضحايا يقمن باستفزاز الرجل فكلمات مثل (لو كنت رجلا لفعلت كذا أو أنت لا تقدر على فعل كذا أو أهلك ثم إضافة شتائم) لها وقع بالغ السوء، خاصة على الرجال الذين يتسمون بسرعة الغضب.. تعلمي أنت أيضًا إدارة مشاعر الغضب وكوني هادئة حليمة، وفكري جيدًا في كلامك قبل أن تقوليه، خاصة عندما تشعرين بتوتر الأجواء، وانسحبي من الحوار والمكان إذا بدأت تشعرين بذبذبات غير مريحة لك، ولا تدعي الأمور تتصاعد.. أسعد الله قلبك وأصلح لك زوجك ورزقك السعادة وراحة البال، وتابعينا بأخبارك.