الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : الحياة الزوجية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
216 - رقم الاستشارة : 2117
16/07/2025
السلام عليكم، هل يجوز الطلاق إذا لم أحب زوجتي، أشعر بالندم على زواجي، أنا طبيب أعمل في أوروبا واتجوزت من سنة ونصف واحدة مبحبهاش ولا كانت عجباني بس كانت مريحاني جدا فوق الوصف.
الخطوبة كانت ١٠ شهور، وكانت طول المدة دي حاضر ونعم، بعد الجواز ظهرت على حقيقتها عِند وكسل وإهمال وعدم تفاهم وطمع، أنا مش مخلي نفسها في أي حاجة طول الوقت طلبات وبرده مش عاجبها وما تعرفش تقول كلمه شكرا.
ووصلت إني مزنوق وبعت فلوس على حسابها وأنا بره مصر وهي مرضيتش ترجع الفلوس، مع العلم دي فلوس ناس أبويا سالفها من مصر لحد ما أنزل ومبلغ كبير.
حاليا مفيش ذرة تفاهم ولا حب بينا، معانا بنت مولودة بقالها أسبوع، وآخر مره شوفتها من ٦ شهور غضبانة وأنا بره مصر افتعلت مشكلة، منبه عليها مليون مرة واتخانقنا، يعني قعدت ٦ شهور عند أهلها وقعدت يوم معايا حياتنا في العادي يوم خناق ويوم لا، وحتى واحنا متصالحين عندي نفور رهيب منها هي في وادي وانا في وادي.
ومفيش أي دعم نفسي ليا ومش عاوزاني أتطور في مجالي، بالعكس بتشدني لتحت، من الآخر أنا تعيس معاها وحاليا مبقتش واثق فيها، وعلى فكرة قليلة الذوق بدرجة بشعة، حتى العلاقة الحميمة ما بينا بالخناق، يعني لو اتفقنا يوم نعمل وحصل أي ظرف تقلب البيت حريقة، زيادة عن كده مفيش رومانسية ولا بتعمل أي حاجة، هي عارفه أني بحبها، حتى مكياج متعرفوش، أنا باقرف منها ومن عقلها.
أنا عارف أنها غلطتي إني ما أخدتش واحدة بحبها من الأول عشان استحملها وفضلت الراحة عن الحب واتضح إني غلط وبعترف بكده.
عاوز حل للموضوع ده بفكر جديا إني أطلقها بس شايل هم الطفلة هيبقي ذنبها إيه وفي غصة في صدري، يا ريت تفيدوني من غير تجريح، ومع العلم مفيش حد تاني في حياتي ومتشكر جدا.
وعليكم السلام ورحمة الله، وأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك أخي الكريم في البوابة الالكترونية للاستشارات.
في البداية أريد أن أطرح عليك سؤالاً: هل الخطأ الوحيد لك في هذه الحياة أنك تزوجت بلا حب وأنك فضلت الراحة على الحب؟ يا أخي أنت لم تترك عيبًا أو منقصة إلا وألصقتها بزوجتك أم ابنتك (عناد وكسل وإهمال وطمع.. قليلة الذوق تريد أن تنحدر في حياتك وعملك.. مقززة منفرة) ما هذا كله؟! وأي نقيصة لا تتسم بها.. ألا يوجد فيها ميزة واحدة حتى؟ وكيف لإنسانة بكل هذا الشر والسوء أن تخدعك لما يقارب العام طيلة فترة الخطوبة ثم فجأة بعد الزواج تحولت لهذه الشخصية التي تحكي عنها؟
أخي الكريم، أنت تكتب لنا والطرف الآخر غائب عن الصورة، ولكي تتسنى لنا مساعدتك فكان عليك أن تتحرى الموضوعية ما استطعت، فأسهل شيء أن يبرئ الإنسان نفسه من العيوب جميعًا ويلصق بالطرف الثاني كل الآفات الخلقية الممكنة، لكن هل هكذا سيحصل على استشارة حقيقية؟ أم أنه يبحث عن رخصة تدعم موقفه بالقفز من المركب وتركها تغرق؟
خلل العلاقة
قرأت رسالتك أكثر من مرة حتى أجد مشكلة محددة نتخذها كنقطة ارتكاز، فلم أجد إلا شكواك منها وإشارة سريعة لوجود خلل في العلاقة الزوجية الخاصة، حيث إنك ذكرت أنها تتم بالاتفاق على يوم محدد فإذا انشغلت أنت في هذا اليوم تشاجرت معك و(قلبت البيت حريقة)، ولكنك سرعان ما تبرر لنفسك بأنك مشغول بطموحك المهني الذي لا تتفهمه هي (عندما تطالب بحقوقها الشرعية مثلا بينما أنت مشغول)، وبالتالي فهي لا تريد لك التفوق في مجالك المهني ولا تدعمك بل تريد أن تشدك للأسفل بمثل هذه الأمور.
ليس هذا فقط بل هي مهملة لا تعرف فنون الزينة الأنثوية، ومن ثَم فأنت معذور تمامًا في شعورك بالنفور نحوها وبالتالي تجاهل حقوقها الشرعية، وربما لم يطرأ على بالك أن إهمالها للزينة قد يعود لتجاهلك لك وحرمانها من علاقتكما الخاصة.
عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: "دخلت عليَّ خويلة بنت حكيم بن أمية وكانت عند عثمان بن مظعون – أي زوجته– فرأى رسول الله ﷺ بذاذة هيئتها – عدم اهتمامها بهيئتها ومظهرها – فقال لي: يا عائشة، ما أبذ هيئة خويلة! قالت: فقلت: يا رسول الله، امرأةٌ لها زوجٌ يصوم النهار ويقوم الليل، فهي كمن لا زوج لها، فتركت نفسها وأضاعتها، قالت: فبعث رسول الله ﷺ إلى عثمان بن مظعون فجاءه فقال: يا عثمان، أرغبت عن سنتي؟ قالت: فقال: لا والله يا رسول الله، ولكن سنتك أطلب، قال: فإني أنام وأصلي، وأصوم وأفطر، وأنكح النساء، فاتق الله يا عثمان، فإن لأهلك عليكَ حقَّاً، وإن لضيفك عليك حقًّا، وإن لنفسك عليك حقًّا، فصم وأفطر، وصل ونم…".
وهذا الحديث رواه الإمام أحمد والإمام أبو داود وله شواهد منها حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وزاد في آخره قال: "فأتتهم المرأة بعد ذلك كأنها عروس –في اهتمامها بمظهرها وهيئتها– فتعجبت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها من هيئتها الجديدة فقالت لها: مه! – أي ما الخبر؟ – قالت: أصابنا ما أصاب الناس".
مفتاح الحل
أخي الكريم، إذا كنت حقًّا تريد البحث عن حل وإن كنت حقًّا خائفا على مستقبل ابنتك الوليدة إذا ما وقع الطلاق، فليس هناك حل غير الصدق مع النفس.. أدعوك لجلسة هادئة مع نفسك، تسمي الله وتصلي على النبي ﷺ وتقوم بإعادة تقييم حياتك الزوجية منذ البداية، فلقد كانت معك خطيبة هادئة وديعة تقول لك نعم وحاضر وكنت تصفها بالفتاة المريحة، نعم لم تكن بينكما قصة حب ملتهبة لكن من الذي قال لك إن الزواج يُبنى على الحب فقط...
كانت هذه الراحة التي تستشعرها تجاه فتاتك مقدمة جيدة لبناء عاطفي حقيقي متين، فما الذي حدث وما الذي غيرها؟ لا تصلح إجابة أنها ظهرت على حقيقتها هذه، هناك سبب عليك أن تعرفه وتعرف دورك في ذلك، وإلا فعليك أن تتواصل معها وتسألها لماذا تغيرت معك وما الأمور التي تفتقدها معك وحولتها لهذه الشخصية أو ما الأخطاء التي وقعت فيها وجعلتها ترتكب هذه الأخطاء.
وفي ضوء اكتشافك للإجابة أو ما تقوله هي أو بالاثنين معًا فكِّر مرة أخرى في مدى حقيقة الاتهامات الملقاة عليك.. فكِّر وأنت تعزل نفسك عن مشاعر الرفض والنفور المسيطرة عليك.. فكِّر وأنت تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.. إذا لم تستطع وغرقت في بعض التفاصيل قم بتكرار المحاولة مرة ثانية وثالثة.
لنفترض أنك وجدت أنك تتحمل 10% فقط من الخطأ من وجهة نظرك، ابدأ بإصلاح هذه المساحة وصدقني ستلمس رد فعل إيجابيًّا من زوجتك، فقط لا تسعى وراء عثراتها ولا تجعل من نفسك القاضي والجلاد، وتغافل عما تستطيع من أمور لا تعجبك، وتذكر جيدًا هذه القصة كلما وسوس إليك الشيطان بأنك لم تتزوج بعد قصة حب أو أنك لا تحبها فيروى (أن رجلاً جاء إلى عمر يريد أن يطلق زوجته معللاً ذلك بأنه لا يحبها، فقال له عمر: ويحك، ألم تُبْنَ البيوت إلا على الحب، فأين الرعاية وأين التذمم؟).. أسعد الله قلبك وأراح بالك وأّلف بينك وبين زوجتك، وتابعنا بأخبارك.