زوجي متعلق عاطفيًّا بسيدة متزوجة.. ماذا أفعل؟

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
  • القسم : الحياة الزوجية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 356
  • رقم الاستشارة : 2214
29/07/2025

سيدتي قصتي بدأت قبل حوالي 10 سنوات زمن بدايات التواصل الاجماعي، آنذاك وجدت زوجي، والذي أشهد له بحسن السمت والخلق والدين، أضاف صديقات في حسابه، فاختلفنا قليلا ثم قام بحذفهن وتجاوزنا الأمر لأننا لم نكن على علم بالحدود الشرعية لمثل هذه العلاقات، إلى هنا كل شيء طبيعي.

ولكن قبل ثلاث سنوات اكتشفت أن زوجي عاود الاتصال بإحداهن! هذه الفتاة التي تعرف عليها سابقا كانت عزباء لكنها الآن سيدة متزوجة رابني الأمر وواجهته فأبدى ندمه وخجله ووعد بأن هذا لن يتكرر وأعلمني أنها مجرد صداقة سطحية باعتبارها ذات بعل رغم أني وجدتهم يتبادلون بعض المناشير الرومانسية،.

تجاوزت الأمر هذه المرة أيضا لكنني بقيت أشك وأترصد هاتفه كلما سنحت الفرصة، حتى جاء ذاك اليوم الذي توفي فيه والده رحمة الله عليه فإذا بها تنشر تعزية على حسابها فجزعت لذلك كثيرا وهون الأمر عليّ وأقنعني أن لا علاقة له بالموضوع فلعلها علمت من منشور ما.

بعد حوالي سنة من هذه الحادثة كنت حاملا بابنتي وعلمت فيما بعد أنها هي الأخرى كانت حاملا بابنتها في نفس شهري، اكتشفت وصالهما مجددا فابرقت وأرعدت فإذا بها تتصل بي على وجل وتبلغني أنني أبالغ كثيرا وليس بينهما سوى صداقة عابرة وان اتصالاتهما طفيفة جدا وقطعت عليّ عهدا ان تنهي الأمر فمنحتهما فرصة.

هذه السنة زار زوجي البقاع المقدسة كانت رحلة جديدة في حياتنا اذ اعتبرتها ميلادا جديدا لعلاقتنا ومحوت ما سبق من شكوك كونه لن يفسد عمرته بالمعاصي لأصدم بعد فترة بوجود صورتها على هاتفه فهالني الأمر وبلغته أن لا حاجة لي به وأن بقائي ليس سوى لأجل أطفالى، يعلم الله كم عانيت نفسيا بين مد وزجر ولعلك أدرى بمثل هذه الصدمات..

اضطربت كثيرا ومؤخرا أصبحت أحس بالبرود تجاهه أوعزت له أني لن أمنعه مني خشية من الله ولكنني في المقابل لن أحمل نفسي فوق طاقتها فما عادت عندي رغبة به، لا أخفيك أنني لا أكرهه ولكنني نفسيا اقتنعت أنه يحبها وأنه عاطفيا استبدلني بها رغم أنه يحسن إلى وإلى أطفاله.

شيء ما بداخلي تحطم مجروحة جدا لم أعد أعرف ما يجب أن أفعله أنا لا أكرهه ولكن في قرارة نفسي أريده أن يعلم أني لم ولن أعود له كالسابق لاني أدركت واقتنعت أنه متعلق بها وهذا آذاني بشدة من جهة لم أستطع التفريط في عشرة 17 سنة والجميع من حولنا يرانا من اكثر الازواج انسجاما، ماذا أقول لهم وما حجة انفصالي، ومن جهة أعيش في دوامة رأسي لا ينفك يحلل ويناقش تعبت كثيرا من كثرة التفكير.

ماذا عساي أفعل لأنقذ هذا الزواج؟ ولأحيا بنفس سليمة لأني أراني أضيع نفسيا أتحطم وكل شيء أضحى سوداويا أحس بغربة عاطفي بحطام لا يلتئم...

الإجابة 29/07/2025

أختي الكريمة، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في موقعك بوابة الاستشارات الإلكترونية.. أشعر بمدى ألمك وبقسوة ومرارة ما مررت به.. أشعر بخذلانك بعد كل هذه السنوات.. أشعر بهذه الجروح العاطفية المفتوحة وأنت تشعرين أن رجلك قد تعلق بأخرى.. أشعر بحيرتك وأنت تتأرجحين بين البقاء والابتعاد.. بين الإصلاح والتجاهل.. تحترقين –حبيبتي- حينًا ثم تشعرين أن قلبك تجمدت ذراته وهو يواجه الحياة في مهب رياح جليدية؛ فرفقًا بنفسك ورفقًا بقلبك، فنفسك لا تستحق منك أن تذهب حسرات على رجل كان لك يومًا الحياة بكاملها وآن أوان أن يتغير هذا.

 

مشاعر مشروعة

 

أختي الكريمة، تقبلي مشاعرك المتألمة ولا تتجاهلي ما تشعرين، به ويمكنك كتابة ما تشعرين به كلما شعرت أنك بحاجة للتنفيس عن مشاعر الغضب أو الحزن، ويمكنك أن تقومي بالتسجيل الصوتي فهو يصلح أيضًا لتفريغ الانفعالات.. اسمحي لنفسك بالبكاء ولا تدّعي بطولة وهمية في مواجهة ما تعانين منه، ولا يكن أكبر همك هو الصورة المرتسمة لعلاقتكما أمام الناس وكيف تحافظين على إطارها بارقًا لامعًا بينما الحقيقة أن هناك عطنًا كبيرًا يتخلل داخلها.

 

توجهي إلى الله بمشاعرك المتألمة وتحدثي إليه وبثيه همك وحزنك فهو سبحانه القادر على لملمة مشاعرك المبعثرة، فادعيه أن يشفي قلبك من الوجع، واقضي الوقت الكافي في الذكر خاصة الاستغفار والصلاة على النبي فهذا يبث قلبك الذي يرتجف ألمًا مساحات شاسعة من الطمأنينة ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾.

 

أختي الكريمة، أنت إنسانة طبيعية جدًّا في مشاعرها وأحاسيسها ﴿وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا﴾، فاقبلي هذا الضعف الإنساني في مواجهة الألم تمامًا، كما عليك تقبل الضعف الأنثوي الفطري في مواجهة هذه المشاعر المؤلمة.

 

الصمود النفسي

 

أختي الغالية، ليس معنى دعوتي لك بقبول الضعف الإنساني أو الضعف الأنثوي في مواجهة الألم وألا تتجاهلي ما تشعرين به من غضب أو حزن، أن تكوني هشة نفسيًّا مهيأة، أن تصبحي حطام امرأة كونك تعرضت للخيانة أو لشعورك أنك لم تعودي كافية بالنسبة له أو لأنك تشعرين أنه استبدل بك عاطفيًا هذه المرأة وأنه صارت هناك مشاعر وروابط تجمعهما...

 

هذا كله لا يحطمك ولا يجعلك هشة ما لم تسمحي لهذه الأفكار بالوصول لعقلك والسيطرة على مشاعرك فالإنسان الخائن يخون الله أولا وهو يعتدي على حرماته، ويخون نفسه ثانيًا وهو يدهس القيم الفاضلة النبيلة التي تميزه كإنسان، وهو يخون معاني الشرف في نفسه وهو يتواصل مع امرأة متزوجة، وهو يخون فرصته في النجاة وهو يدنس عمرته إلى الأراضي المقدسة بتلك السلوكيات الرديئة التي يصر عليها...

 

ومن ثم فهو شخص مثير للشفقة، إن أردت الحقيقة، وليس هو الشخص الذي يفقدك ثقتك في نفسك أبدًا، وعندما تصبحين غير كافية لرجل مثل زوجك يحادث النساء المتزوجات فهذا لا يعني أن فيك نقصًا بل يعني أن النقص موجود لديه هو لذلك يبحث عن مثل هذه العلاقات الشائنة.

 

الشعور بالألم لا يعني الهشاشة النفسية بل يعني أنك إنسانة طبيعية لم تخسر فطرتها في تذوق شتى المشاعر حتى المؤلمة منها.

 

الصمود النفسي لا يعني أن نعلن للآخرين أننا أقوياء لا نتألم بينما نحن من أعماقنا ننزف ألمًا ووجعًا.. الصمود النفسي لا يعني أن نكون جامدين متبلدين فاقدين للشعور كالآلات الصماء، فهذا يعني خلل واضح في الفطرة الإنسانية.

 

الصمود النفسي يعني باختصار أننا قادرون أن نمضي في حياتنا قدمًا رغم مشاعر الألم التي تعترينا بين الحين والآخر.. الصمود النفسي يعني ألا نفقد ثقتنا في أنفسنا بينما الظروف والملابسات بل والطرف الآخر قد يوحون لنا بذلك.

 

الصمود النفسي يعني أننا لا نسير في هذه الحياة الدنيا هملاً، بل نسير في معية الله القوي القادر على إصلاح كل حياتنا وقلوبنا وكل أمورنا.

 

الحب وحدوده

 

أختي العزيزة، أنت لم تكرهي زوجك هذه نقطة جوهرية في الحل، بل يمكن القول إنك رغم الألم ما زلت تحملين له مشاعر الحب، وهذه المشاعر التي ما زلت تحملينها هي أهم أسباب ألمك ومعاناتك لأنه بدلا من أن يبادلك إياها ذهب ومنح مشاعره أو بعضًا منها لامرأة أخرى، فما رأيك أن تضعي حدودًا لحبك له، لو افترضنا أن هذا الحب عبارة عن محلول مركز وكنت تحبينه في البداية بتركيز 90% والآن أصبحت تحت وطأة المشكلات تحبينه بتركيز 40%.

 

فما رأيك أن تختاري بشكل عقلاني (حتى تحافظي على سلامك الداخلي) أن تحبيه بتركيز لا يزيد عن 20% وتعلق لا يزيد عن 5% وتعددي مصادر الحب والتعلق في حياتك، فتمنحي أولادك ووالديك النصيب الأكبر ثم ذوي الأرحام والصديقات.

 

أعلم أن طبيعة المشاعر مختلفة فحب الزوج مختلف عن حب الابن أو الأب نعم، ولكن في نهاية المطاف يحدث إبدال وإحلال ويمتلئ الخزان العاطفي، هذه نقطة.

 

النقطة الثانية أن تخفيف مشاعر الحب والتعلق ووضع الحدود لذلك لا علاقة له بالواجبات والحقوق، فأنت أنت نفس الزوجة التي تقوم بواجباتها نحو زوجها، لكنها فقدت التعلق وقل شغفها به فلم تعد تهتم بتتبعه وتتبع هاتفه وتتبع أخباره وسلوكياته، ولم يعد كلامه الناقد يؤثر فيها إلا قليلاً، وهذا لا بد أن يكون حقيقيًّا وليس ادعاء وتمثيلا فحياتك العاطفية لا بد أن تكون ثرية مترعة بمشاعر الحب من مصادر متعددة...

 

أنت هنا لست بحاجة للحفاظ على حياتك الزوجية حتى تحافظي على الصورة الوردية التي بناها الناس عن علاقتك أنت وزوجك فتقومي بتمثيل السعادة والراحة والطمأنية، وكل هذه المعاني النفسية الغائبة بالفعل عن حياتك الزوجية في اللحظة الراهنة.

 

أما في حالة وضع حدود لمشاعرك فأنت تحافظين على حياتك الزوجية؛ لأنك ترغبين في ذلك ومن أجل مصلحة أولادك، ولكن مشاعر الحب والتعلق أصبحت هادئة للغاية لا تحرق القلب كما يحدث معك في هذه اللحظة.

 

أعلم أن هذا ليس سهلا ولكنه أيضا ليس مستحيلا هو فقط بحاجة لتغيير في طبيعة الأفكار التي تدور في عقلك، فبدلا من أن تساورك أفكار من نموذج: لقد استبدل بي عاطفيًّا أخرى، أنا لم أعد كافية بالنسبة له، حياتي محطمة وأشعر بغربة عاطفية.

 

تستبدلين بذلك أفكارًا من نموذج: أنا إنسانة مؤمنة، والمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف؛ لذلك أنا قوية وقادرة على النجاح في حياتي، لدي في حياتي مصادر متعددة من الحب تجعل حياتي العاطفية ثرية، زوجي شخص ضعيف يستحق الشفقة على سلوكه لم أعد أحتاج إليه، أنا أبني حياتي من جديد لا أعتمد فيها ولا أتعلق إلا بالله سبحانه وتعالى.. ومع التكرار والتدريب يتحقق الهدف بالتدريج.

 

ادعي الله تعالى أن يعافيك ويشفي صدرك وقلبك ويعينك ويذهب عنك مشاعر الغيرة والألم ويبدلك بها مشاعر راحة واطمئنان وأمان وسيستجيب لك، فقط توكلي عليه وادعي بإخلاص.. أعانك الله تعالى ورزقك راحة البال، وتابعيني بأخبارك دائما.

الرابط المختصر :