خنت زوجتي فهل تغفر لي؟

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
  • القسم : الحياة الزوجية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 210
  • رقم الاستشارة : 2118
16/07/2025

كيف أصلح علاقتي مع زوجتي بعد أن اكتشفت خيانتي لها، فأنا لدي مشكلة وهي أن زوجتي قامت بالتجسس على هاتفي وقد شاء الله أن تجد فيه مجموعة من الرسائل التي كنت أتحدث فيها مع فتيات ومع بائعات هوى ورسائل عن الأموال التي كنت أصرفها على عشيقاتي. بعد أن علمت بالأمر حاولت مصالحتها لكنها كانت قاسية وساخرة من كلامي واعتذاراتي، بالأمس فقدت أعصابي وحاولت ضربها. أنا الآن أريد إصلاح كل شيء لكني ضائع لا أعلم من أين أبدأ وماذا علي أن أصلح أولًا؟

الإجابة 16/07/2025

من أين تبدأ؟ وماذا عليك أن تصلح؟ نعم عليك أن تفكر طويلاً في إجابة هذا السؤال، فهل تدرك يا أخي حجم الخطأ وفداحة الخطيئة التي ارتكبتها وفي حق من ارتكبتها؟ هل تعتقد أن جريمتك التي اعترفت بها هي جريمة في حق زوجتك فقط وأن مشكلتك أن زوجتك اكتشفت هذه الجريمة؟

 

إن كان هذا ما تظنه وتعتقده أو تحاول خداع نفسك به فأنت واهم، فلقد اقترفت كبيرة من كبائر الذنوب هي فاحشة الزنا التي أمرنا الله عز وجل بعدم الاقتراب مجرد الاقتراب من حدودها ﴿وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً﴾ (الإسراء: 32).

 

والمعنى اللغوي للفاحشة هو أنها مشتقة من القبح والشناعة، فعلاقة الزنا تجسد حي للقبح الشنيع الذي تعيشه في حياتك والطريق السيئ الذي اخترت أن تحياه وأنت تظن أنك هكذا تستمتع بحياتك وتقضي أوقاتا مسترقة بعيدة عن ضغوط الحياة والتزاماتها، بينما أنت في واقع الأمر مغترب عن نفسك التي كرمها الله تعالى ساعيًا إلى سخطه سبحانه عليك متجاهلاً صوت الفطرة في داخلك الذي يحذرك من التمادي في هذا الطريق الخبيث.

 

خيانة الله

 

أخي السائل، لقد خنت الله تعالى قبل أن تخون زوجتك ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ (الأنفال: 27).

 

قال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور عند تفسير هذه الآية: فالإيمان والطاعة لله ورسوله عهد بين المؤمن وبين الله ورسوله، فكما حذروا من المعصية العلنية حذروا من المعصية الخفية، وتشمل الخيانة كل معصية خفية فهي داخلة في لا تخونوا؛ لأن الفعل في سياق النهي يعم.

 

ولقد خنت نفسك بارتكابك هذه الفاحشة وأهدرت كرامتها.. تتساءل وهل يخون الإنسان نفسه أقول لك نعم ﴿وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا﴾، هؤلاء الذين يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله يخونون أنفسهم ويكذبون عليها حتى يشبعوا شهواتهم، وهم يعلمون أن الله يرى ويسمع ما يقومون به، فيخدعون أنفسهم ويشوشون عليها ويخرسون صوت الضمير داخلهم حتى يتسنى لهم ارتكاب الفاحشة، فإذا تكررت الفاحشة أصبحت خيانة النفس أكثر سهولة.

 

والآن قبل أن تفكر كيف تصالح زوجتك التي خنتها، فكّر كيف ترضي الله الذي خنت أمانته، وفكّر في نفسك التي خنتها وأوردتها المهالك، حتى أن حد ما قمت به حتى تتطهر من هذا الإثم هو الرجم بالحجارة حتى الموت، فهل تدرك حجم ما أوقعت به نفسك من بلاء.

 

هل من توبة؟

 

أخي السائل، لم أبالغ قيد أنملة وأنا أشرح لك مغبة ما وقعت به، وأنا على يقين أنك مدرك أنك أخطأت، ولكن إدراكك تشوبه الشوائب فأصبح فاترًا حتى سهل عليك تكرار الذنب، فإن أدركت على وجه الحقيقة أي مصيبة اقترفتها وأي كارثة حلت بك وأي فاحشة وقعت فيها مرارا فقد آن أوان التوبة التي تبدأ بمشاعر الندم العميق على ما اقترفت من ذنوب.. ندم لا تشوبه تبريرات.. ندم حقيقي تئن به نبضات قلبك.. ندم يجعل من توقفك عن هذه الممارسات الفاحشة حتمية وجودية بالنسبة لك.. ندم يدفعك دفعًا لاتخاذ قرار ألا تعود أبدًا لهذه الفواحش، وهذا يعني أن تتخذ كل الاحتياطات التي تجعلك بعيدا عن فوهة هذا الثقب الأسود الذي يبتلع روحك أو الفاحشة.

 

ستفكر طويلاً في المداخل ونقاط الضعف التي تسلل لك منها الشيطان سابقًا حتى تسدها تماما وتحكم غلقها، وإياك إياك من ترك أحد الأبواب مواربا حتى أي مسوغ.. قبل ذلك وبعده ستقف على باب ربك راجيًا طارقًا الباب حتى يفتح لك تسأله الهداية والثبات طالبًا العفو والمغفرة، وثق أنك تخاطب أرحم الراحمين الذي يغفر لك ولو بلغت ذنوبك عنان السماء، فقط كن صادقًا في طلب المغفرة.

 

أنت وزوجتك

 

بعد توبتك النصوح ادع الله تعالى أن يصلح حياتك ويؤلف بين قلبك وقلب زوجتك فهو وحده القادر أن يمنح قلبها الصبر والسكينة بعد ما قمت به أنت وبعد ما قرأته على هاتفك.. أخبرها بكل صدق أنك تبت إلى الله بعد أن أدركت خطأك وذنبك وأنت الآن تطلب منها غلق صفحة الماضي بكل ما فيها من سواد وفتح صفحة جديدة، ولا تنتظر منها موافقة فورية وقبول لما تقول، فاصبر وتحمل وتلطف بها، فما تعانيه هي الأخرى ليس بقليل أبدًا، ولا تفقد الأمل سريعًا وإياك إياك من التعامل معها بعنف أو أن تفقد أعصابك لرفضها قبول الصلح لأنك هكذا ستهدر آخر فرصة لك معها.

 

على أي حال عليك أن تدرك أن لزوجتك كامل الحرية في الاختيار، سواء أرادت الصبر والاستمرار معك أو آثرت الابتعاد والفراق، لكن أنت ابذل جهدك في استمالتها والصبر على كلماتها الحادة والاعتراف بذنبك وتحملك لكافة المسئولية عما جرى، واستعن بالله ولا تعجز وأبشر بالجزاء الطيب الذي يعيشه التائب.. أصلح الله أمورك كلها، وتابعنا بأخبارك.

الرابط المختصر :