الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : الحياة الزوجية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
147 - رقم الاستشارة : 2354
13/08/2025
لماذا قد يفضّل الزوج التحدّث مع ابنه المراهق أكثر من زوجته؟ ما الذي يدفع الزوجة لمشاركة أسرارها مع ابنتها قبل زوجها؟
أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك أخي الكريم في موقعك بوابة الاستشارات الإلكترونية، وبعد..
هذا السؤال عام للغاية وليست فيه تفاصيل شخصية قد تساعدنا في تقديم حل أكثر تفصيلاً، وبالتالي سوف تكون الإجابة على نفس هذا القدر من العموم، وإذا أردت أخي أن نقوم بتنزيل هذه الإجابة على واقعك الشخصي فأرجو إرسال تفاصيل وملابسات التحدي الذي تعيشه.
على أي حال هذا السؤال يشير إلى أمرين:
• ضعف التواصل وضعف مهارات الحوار بين الزوجين.
• وجود علاقة تثليث في النظام العائلي المذكور.
ولكي نفهم طبيعة ما يحدث في هذا النمط من العائلات.. علينا أن نفهم أولا الصورة الصحية لطبيعة العلاقة في العائلة ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾؛ فالزواج في الإسلام يقوم على المودة وهي الحب القوي النقي، وكل ما في هذا الحب من معاني الدفء والقرب والاهتمام، ومن ثم يحدث التواصل بشكل فطري وحتى في غياب الحب المتدفق وفي أوقات الأزمات ولحظات الضعف تسدل الرحمة ستارًا من الرفق واللين وتجعل التواصل مستمرًا أيضًا.
التواصل والحوار يشبه في أهميته جهاز الدوران في الإنسان دونه يحتضر ويموت؛ لذلك تجد في كل استشارة دائما التوصية الأولى هي الحوار والتواصل الفعال لأنها الجسر الذي يصل ويقارب الزوجين، ذلك التواصل الذي يبدأ بالاستماع والإنصات.. انظر كيف استمع النبي ﷺ للسيدة عائشة وهي تروي له قصة أم زرع الطويلة، وكيف تفاعل معها، وكيف منحها اهتمامه وعلّق عليها بل وأرسل رسألة طمأنة كانت السيدة عائشة بحاجة للاستماع إليها.
لكن عندما يحدث أمر ما يعيق هذا التواصل ويعيق هذا الحوار.. (مشكلات - مشاحنات- سوء فهم – سوء ظن) يحدث تراكم انفعالي وعاطفي بحاجة لتفريغ، وهناك تظهر العلاقة المثلثة فيحتل المراهق دورًا في العلاقة بين الزوجين كصديق مقرب، فتقترب الفتاة المراهقة من أمها وتحتل محل الصديقة المقربة (حتى قد يصل الأمر أن تشكو الأم الأب لابنتها) وهي لا تنتظر النصح وإنما تطلب الاهتمام والإصغاء.
أمر يشبه هذا يحدث بين الوالد والأب المراهق فهو يشبع معه مشاعر التوجيه ويشعر بقيمته معه، وذلك يشجعه على اتخاذه صديقًا والإسرار له ببعض الأسرار، وفي كثير من الأحيان لا يكون للحديث أهمية خاصة وإنما يتشاركون أحاديث عادية جدًّا، لكنه يجد في علاقته بابنه من يستمع له يهتم بآرائه يشاركه التجارب.
تبدو مشكلة التثليث واضحة عندما نقوم بتحميل المراهق دورًا ليس له، فهذا يمثل عبئًا نفسيًّا عليه؛ لأن لكل دور التزاماته وأعباءه، والمراهق ليس أهلاً لتحمل دور البديل أو المشارك أو حتى الصديق المقرب على مثل هذا النحو.. هنا يحدث خلل في الأدوار وخلل في نفسية المراهق، وبالطبع تتسع الهوة بين الزوجين ويدخلان في لعبة الاستقطاب الخطرة.
هذا التثليث يختلف تمامًا عن العلاقات العائلية الصحية، حيث تكون هناك علاقات دافئة مع المراهقين، سواء من نفس الجنس أو من الجنس المخالف، وتكون هناك أحاديث ودية ونقل خبرات، فهناك دور الوالد أو الوالدة، وهناك دور الابن أو الابنة، وما يجمعهم من صداقة هو جزء من التربية الوالدية، ولا يمكن أبدًا أن يكون بديلاً للتواصل المباشر بين الزوجين.. في انتظار رسالة أخرى منك لتوضيح أبعاد الاستشارة.