غيرة زوجي شديدة بسبب عملي.. ما الحل؟

Consultation Image

الإستشارة 18/09/2025

أنا امرأة متزوجة، أعمل في وظيفة يغلب عليها الرجال من زملاء وإداريين، وأحيانًا يقتضي العمل أن أتحدث معهم، أو أتعامل بشكل مباشر معهم. غير أنني أشعر أن زوجي يغار من ذلك كثيرًا، حتى إنه أحيانًا يعاتبني على بعض الكلمات أو الضحكات العابرة، وأشعر أنه محق في غيرته، لكنني في نفس الوقت مضطرة للعمل ولا أستطيع أن أتركه الآن. فما السبيل حتى أرضي ربي أولاً، وأحفظ نفسي وزوجي من الشكوك والغيرة، وفي الوقت نفسه أؤدي عملي؟

الإجابة 18/09/2025

أختي الكريمة، أسأل الله أن يفتح عليك أبواب الرشد والهداية، وأن يرزقك قلبًا مطمئنًا طاهرًا، وأن يجعل بيتك مأوى سكينة ورحمة. لقد طرحتِ قضية تمس شريحة كبيرة من النساء في هذا الزمن، وصدق مشاعرك واعترافك بمكانة غيرة زوجك في قلبك دليل على صدقك وحبك له، وخوفك من الله فوق ذلك هو أعظم بشارة لك.

 

الغيرة دليل حب

 

اعلمي يا أختي أن الغيرة في أصلها صفة محمودة، بل هي من خصال الرجال الصالحين، وقد وصف النبي ﷺ سعد بن عبادة رضي الله عنه بالغيرة حين قال: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ؟ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي». فغيرة زوجك ليست ظلمًا لك ولا تشددًا منه، بل هي علامة حياة قلبه وحرصه على صونك وحفظك.

 

والشريعة الغراء وضعت للمرأة في العمل أو الحياة العامة ضوابط تحفظ كرامتها وتبعد عنها الشبهات، قال الله تعالى: ﴿فَلَا تَخْضَعْنَ بِٱلْقَوْلِ فَيَطْمَعَ ٱلَّذِى فِى قَلْبِهِۦ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا﴾، فالأمر ليس في أصل الكلام مع الرجال الأجانب إن كان للحاجة، بل في نوعية الكلام وطريقته وحدوده. ومن هنا جاء توجيه القرآن أن يكون الكلام (قولاً معروفًا) أي جادًّا، موزونًا، بعيدًا عن التكسّر والمزاح الزائد.

 

وتذكَّري أن النبي ﷺ قال: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا»، فأنت مسؤولة أمام الله عن حفظ بيتك وصيانة علاقتك بزوجك، ولا يجوز أن تستهيني بشعوره أو غيرته، بل عليك أن تراعي ذلك وتقدّريه، فهو أمانة عظيمة.

 

أختي الغالية، العمل المختلط ابتلاء يحتاج إلى فطنة وصبر، وهو ليس حرامًا في أصله إن التزمت المرأة بضوابط الشرع، لكن الخطر أن يتوسع التعامل ويتجاوز الضرورة. كثير من الناس يظن أن المزاح أو الضحك البسيط أمر عادي، بينما هو الشرارة الأولى التي قد تفتح أبواب الريبة وتزرع بذور الشك في قلب الزوج، وقد قال النبي ﷺ: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ».

 

اعلمي أن كرامتك وسمعتك وحياتك الأسرية أثمن من أي وظيفة، فإذا اضطررتِ للعمل فليكن عملك مضبوطًا بالوقار والحشمة، ولتكن كلماتك محسوبة، وحركاتك موزونة، ونظراتك عفيفة، لتجمعي بين رضا الله، وطمأنينة نفسك، وراحة زوجك.

 

خطوات لضبط التعامل في العمل

 

وتلك بعض الخطوات العملية لضبط الموقف:

 

1) استحضري دائمًا مراقبة الله تعالى قبل مراقبة الناس، فكل كلمة وحركة مسجلة في صحيفتك.

 

2) اجعلي حديثك مع الرجال مقتصرًا على الضَّرورة، وبألفاظ واضحة رصينة بلا مزاح أو ضحك زائد.

 

3) صارحي زوجك بما تقومين به من ضبط نفسك في العمل، ليطمئن قلبه، ويرى أنك حريصة على مشاعره.

 

4) حافظي على المظهر المحتشم الذي يذكّرك ويذكّر من حولك بأنك ملتزمة بحرمات الله.

 

5) تجنبي الخلوة أو الجلوس الطويل مع الرجال بلا حاجة، فذلك باب فتنة.

 

6) اجعلي الدعاء والاستغفار وردًا دائمًا، فإنه يطهّر القلب ويعين على الثبات.

 

7) رتبي أولوياتك دائمًا بحيث لا يتقدم عملك على بيتك وزوجك، ولا تغلب الدنيا على الدين.

 

8) إن رأيت أن العمل يجرّك إلى ما لا تطيقين من الفتن أو الشبهات، فراجعي نفسك بشجاعة، فالدنيا لا تعدل شيئًا من رضا الله وسعادة بيتك.

 

ونسأل الله تعالى أن يحفظ نساء المسلمين بحفظه، وأن يسترهن بستره، وأن يلهمهنّ الرشد والعفاف، اللهم اجعل عملهن طاعة، وبيوتهن سكينة، وزوجاتهن قرة أعين لأزواجهن، وأعنهن على حفظ دينهن ودنياهن، واصرف عنهن الفتن ما ظهر منها وما بطن.

 

روابط ذات صلة:

زوجي والغيرة القاتلة.. ماذا أفعل؟

زوجي لا يغار عليَّ.. ما الحل؟

الرابط المختصر :