الإستشارة - المستشار : د. عادل عبد الله هندي
- القسم : الدعوة النسائية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
53 - رقم الاستشارة : 2606
04/09/2025
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا أعمل مُحفِّظة للقرآن الكريم، وقد منَّ الله عليَّ بدراسة القراءات، وأرغب في توظيف هذا العلم مع البنات والزميلات اللاتي معي في مجال الدعوة، فكيف يمكنني ذلك بطريقة صحيحة ومؤثرة؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحبًا بكِ أختنا الكريمة على صفحات موقعنا، وأسأل الله أن يبارك فيكِ، وأن يجعل القرآن العظيم ربيع قلبك ونور صدرك، وأن يجعلك مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر، وأن يرزقك الإخلاص في تعليم كتابه والدعوة إليه.
عِظَم أمانة تعليم القرآن والقراءات
إن ما تحملينه أمانة عظيمة، لأنك تحملين كلام الله، وتدرسين وجوه قراءاته التي هي جميعها وحيٌ من عنده. وقد قال النبي ﷺ: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، والقراءات ليست مجرد اختلاف في الأداء، بل هي كنوز في المعاني، وإعجاز في البيان، وتوسعة على الأمة في التعبد بكتاب الله.
مشروعية توظيف القراءات في الدعوة
والقراءات القرآنية باب من أبواب العلم الشرعي، ويمكن توظيفها في الدعوة بأسلوب مؤثر يربط القلوب بالقرآن، إذا روعيت الضوابط الشرعية، والتي منها ما يأتي:
1) الإخلاص: اجعلي هدفك الأول هو تقريب الناس من كتاب الله، لا مجرد إظهار المهارة أو التفوق العلمي.
2) الحفاظ على حدود الشَّـرع: العمل مع البنات والزميلات في بيئة آمنة من الفتن، وضمن الإطار المأذون شرعًا.
3) التدرج في الطرح: بعض الناس قد لا يعرفون عن القراءات إلا القليل، فابدئي بما يفهمونه ويحببهم في التعلم.
طرق عملية لتوظيف القراءات في الدعوة
1) إظهار المعاني المتعددة: بيّني كيف أن اختلاف القراءات يزيد المعنى ثراءً، مثل قراءة: ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ﴾ [البقرة: 132]، وقراءة ﴿وَأَوْصَى﴾، لتوضيح عمق التوجيه الرباني.
2) الربط بالسيرة والفقه: استحضري أمثلة كيف فهم الصحابة القراءات واستنبطوا منها أحكامًا أو مواعظ.
3) المسابقات القرآنية: قدمي مسابقات في التلاوة بالقراءات المختلفة، مع شرح مختصر لمعنى كل وجه.
4) الدروس الصوتية: سجّلي تلاوات متنوعة بالقراءات، مع تفسير مبسط، وشاركيها مع الطالبات كوسيلة تعليمية ودعوية.
5) التأملات الإيمانية: اربطي بين اختلاف القراءة وبين أثرها على القلب، كاختلاف ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ و﴿مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾.
الجمع بين التعليم والتزكية
تعليم القراءات ليس غاية في ذاته، بل هو وسيلة لزيادة الإيمان والعمل، فلتكن حلقاتك مجالًا:
• لغرس الخشية والتقوى.
• ولتحبيب الطالبات في تدبر القرآن.
• ولتربية الداعيات على التواضع، فإن القراءات فضل من الله لا مجال فيه للكبر.
التحذير من الآفات
• الحذر من جعل القراءات مجالًا للجدال أو التعالي العلمي.
• الحذر من أن يكون الاهتمام بالأداء دون المعاني والعمل.
• اجتناب اختلاط غير مشروع أو خروج عن آداب المعلمة المسلمة.
واعلمي أختي الكريمة، أنَّكِ اليوم في موضع قد تحسدك عليه الملائكة، فكل حرف يتعلمه على يديك طالبة أو أخت في الله هو لكِ به أجر مضاعف. تذكري قول النبي ﷺ: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله) واجعلي علم القراءات سلّمًا يقود القلوب إلى محبة القرآن، لا مجرد مهارة تُذكر في السيرة الذاتية.
ونسأل الله أن يوفقك لتعليم القرآن كما يحب ويرضى، وأن يجعل القراءات سببًا لفتح القلوب المغلقة، وأن يرزقك الإخلاص والقبول، وأن يجعل كل نفس يخرج من قارئة تعلمت على يديك نورًا لكِ يوم القيامة، وأن يجعلك من أهل الله وخاصته.