حفظ قلب المرأة في بيئة العمل

Consultation Image

الإستشارة 08/09/2025

أنا امرأة عاملة في وظيفة مختلطة، أتعامل يوميًّا مع رجال من زملاء ومديرين ورؤساء عمل. أحياناً أشعر أن قلبي قد يضعف أمام بعض الكلام اللطيف أو الاهتمام الزائد من أحدهم، مع أنني متزوجة ولدي أسرة. أخاف أن يجرني الشيطان إلى التعلق بغير زوجي، خاصة أن الجو العام في العمل يشجع على ذلك من خلال المزاح أو المجاملات. كيف أحفظ قلبي من التعلق بغير زوجي، وكيف أثبت على العفة والوفاء لعهدي مع الله ومع زوجي؟

الإجابة 08/09/2025

أختي الكريمة، أسأل الله أن يثبت قلبكِ على طاعته وأن يطهرك من الفتن ما ظهر منها وما بطن. إن مجرد إحساسكِ بخطر التعلق، وطلبك النصيحة، وحرصك على الوفاء لزوجك، دليل إيمان حي في قلبك، فالحمد لله الذي أيقظ قلبك قبل أن تزل القدم.

 

القلب محل نظر الرب

 

أوَّل ما ينبغي أن تعلّميه أن القلب هو محل نظر الرب سبحانه وتعالى. قال النبي ﷺ: (إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم).

 

فإذا سلم القلب من التعلق بغير الله وما يغضبه، سلمت الجوارح تبعًا له. وأعظم البلاء أن ينشغل القلب بعلاقة محرمة أو تعلق غير مشروع، لأنه باب فتنة، وربما هدم البيوت وأفسد الأسر.

 

لقد أمر الله المرأة بحفظ قلبها ولسانها، فقال جل شأنه في محكم كتابه: ﴿فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ وهذه الآية وإن كانت خطاباً لنساء النبي ﷺ فهي موجهة لكل مسلمة من بعدهن؛ لأن العلة عامة، وهي أن الكلام اللين أو المبالغ فيه يفتح أبواب الطمع والفتنة.

 

كما أمر الله المؤمنات بحفظ أبصارهن وقلوبهن فقال: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾، وغض البصر لا يعني فقط غض النظر عن النظر المحرم، بل يشمل كذلك كف القلب عن التعلق والتفكر في ما لا يرضي الله.

 

ميثاق عظيم

 

وأنتِ متزوجة أيتها الأخت، وقد جعلكِ الله في ميثاق عظيم مع زوجك، قال تعالى: ﴿وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ [النساء: 21]. فزواجك عهد مقدس، وأي تعلق بغيره خيانة معنوية تفتك بالبيوت ولو لم تصل إلى الفعل الصريح. فاحذري أن يهدم الشيطان بيتك من هذا الباب الخفي.

 

إنَّ النبي ﷺ حذّر من أبواب الفتنة الصغيرة التي قد يتهاون بها الناس فقال: (إن الله كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، وزنا الأذن الاستماع، وزنا اليد البطش، وزنا الرجل الخطى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه) فالبداية نظرة أو كلمة أو ابتسامة، ثم يتدرج الشيطان بالعبد حتى يقع فيما هو أعظم.

 

أختي الكريمة، لا تظني أن تجاهل الخطر أو الاستهانة به يحميك، بل الوقاية بالاستعانة بالله ثم بالأسباب العملية. والقلوب بيد الله، فالجئي إليه بالدعاء أن يصرف عنك الفتن، واذكري دومًا قول يوسف عليه السلام: ﴿وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبو إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ﴾. فإذا كان يوسف النبي المعصوم قد خاف على نفسه وطلب العصمة من ربه، فأولى بنا نحن أن نخاف ونلجأ إلى الله.

 

خطوات لحفظ القلب

 

وتلك بعض الخطوات العملية الواقعية لحفظ قلبك:

 

1) استحضري دومًا أن الله يراك ويسمعك، قال تعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى﴾.

 

2) اجعلي كلامك في العمل جادًّا مختصرًا، بعيدًا عن المزاح أو اللطف الزائد، فهذا أول سور الحماية للقلب.

 

3) غضّ البصر وحراسة الخاطر: لا تسمحي لنفسك بإطالة النظر ولا استرسال الخواطر في غير زوجك.

 

4) أكثرِى من ذكر الله والدعاء: (اللهم طهر قلبي، اللهم احفظ فرجي، اللهم اصرف عني الفتن ما ظهر منها وما بطن).

 

5) اشغلي قلبك بحب زوجك، وأكثري من الدعاء له، والتقرب إليه بما أحل الله، فذلك حصن حصين من كل ميل منحرف.

 

6) حددي نيتك في العمل دائمًا: أن وجودك فيه عبادة وابتغاء رزق حلال وخدمة للمجتمع، لا مجال فيه لتعلق عاطفي أو فتنة.

 

7) إذا أحسستِ بمدخل شيطاني أو ميل قلبي، فاقطعيه فورًا بالاستعاذة بالله والبعد عن موطن الفتنة.

 

ونسأل الله تعالى أن يثبت قلوبنا جميعًا، اللهم احفظ قلوب نسائنا من الفتن والشهوات، واملأها بحبك وحب أزواجهن فيما يرضيك. اللهم اجعل بيوتهن عامرة بالإيمان، وأزواجهن وأولادهن قرة أعين، واصرف عنهن كيد الشيطان وفتن العمل المختلط.

الرابط المختصر :