الإستشارة - المستشار : د. عادل عبد الله هندي
- القسم : الدعوة النسائية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
74 - رقم الاستشارة : 2578
01/09/2025
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا أم لابنة في الخامسة عشرة من عمرها، كانت من قبل تحب القرآن وتحرص على الصلاة، لكن في الفترة الأخيرة تغيّر حالها، فأصبحت تنام كثيرًا، وتتكاسل عن الصلاة، ولا تحرص على مواصلة حفظ القرآن، بل أحيانًا أوقظها للصلاة فتقوم متثاقلة أو تتأخر، وأخشى أن يزداد الأمر سوءًا مع مرور الوقت.
أشعر بالحزن والخوف عليها، وأتمنى أن تعود كما كانت أو أفضل، فما السبيل إلى هداية ابنتي، وكيف أتعامل معها برفق وحزم في الوقت نفسه؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أختي الكريمة، شعورك بالمسؤولية تجاه ابنتك وحرصك على صلاحها دليل على حياة قلبك وخوفك عليها من ضياع الدين، وهذا من أعظم القربات. قال رسول الله ﷺ: (كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته)، وإن ما تمرّ به ابنتك أمر شائع في هذه السن، فهي مرحلة مراهقة يشتد فيها الصـراع بين نوازع النفس ورغباتها، وبين نداء الإيمان، ويحتاج الأمر منك إلى مزيج من الحكمة والصبر والمتابعة.
فضل الصلاة وخطر تركها
الصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي الصلة بين العبد وربه، وقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾، وقال ﷺ: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر)، فغرس عظمة الصلاة في قلب ابنتك، وربطها بمحبة الله، هو الخطوة الأولى لعودتها.
فضل القرآن والتحذير من هجره
القرآن حياة القلوب، وقد مدح الله أهل القرآن بقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ﴾، وحذّر النبي ﷺ من نسيان القرآن فقال: ((تعاهدوا هذا القرآن، فوالذي نفس محمد بيده، لهو أشد تفلّتًا من الإبل في عقلها)).
فهم سبب التغيير
كثرة النوم وتثاقل العبادة قد تكون لها أسباب متعددة:
1) أسباب جسدية: كالسهر، أو ضعف اللياقة البدنية، أو سوء التغذية.
2) أسباب نفسية: كفقدان الحافز، أو المرور بحالة ملل أو فتور.
3) أسباب بيئية: تأثير الصديقات، الانشغال بالهاتف، أو ضعف الجو الإيماني في البيت، ومعرفة السبب يساعد على اختيار العلاج المناسب.
خطوات عملية لإحياء قلبها وإعادتها للطاعة
1) القدوة الحسنة في البيت لتكن أنتِ ووالدها المثال العملي للمحافظة على الصلاة والقرآن؛ فالقدوة أقوى من الكلام.
2) الربط بالمحبة لا بالخوف فقط أخبريها عن محبة الله لعباده التائبين، وعن فرح الله بعودتها، استشهدوا بقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ﴾.
3) التدرج وعدم القسوة ابدئي بالصلاة التي تستطيع الالتزام بها، ثم زيدي شيئًا فشيئًا، وأعطها وقتًا لتستعيد نشاطها.
4) ضبط النوم: حددي لها وقت نوم مبكرًا، وامنعي السهر المفرط على الهاتف أو الإنترنت، وشجّعيها على الاستيقاظ للفجر بوسائل لطيفة، مع مكافأة معنوية أو مادية.
5) إحياء الحافز القرآني: سجليها في حلقة تحفيظ مع بنات قريبات من عمرها، شاركيها الحفظ والمراجعة، ولتكن جلساتكما ممتعة لا مرهقة.
6) تعزيز الجانب الروحي: استمعا معًا لمحاضرات شبابية محفّزة، واقرآ سيرة الصحابيات الشابات، مثل: أسماء بنت أبي بكر، وأم عمارة، وأسماء بنت عميس، لترى أن عمرها ليس عذرًا للتقاعس.
7) تطهير البيئة: بحيث تراقبين دائرة صديقاتها ومحتوى هاتفها، فالصحبة إما جسـر إلى الجنة أو إلى الغفلة، قال ﷺ: ((المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل)).
الدعاء سلاح المربّي
إياك أن تستهيني بالدعاء لها، فهداية القلوب بيد الله، وقد دعا النبي ﷺ لابن عباس فقال: ((اللهم فقهه في الدين وعلّمه التأويل)).
نصائح عملية
1) كوني قريبة منها عاطفيًّا، فالقرب العاطفي جسر إلى القرب الإيماني.
2) اجعلي البيت بيئة إيمانية بالقرآن والذكر.
3) قدّمي النصيحة في أوقات هدوء، لا في لحظات الغضب.
4) اربطي الإنجاز الديني بمكافأة، حتى ولو كانت بسيطة.
5) أكثروا من الدعاء لها في السجود وأوقات الإجابة.
وأسأل الله -تعالى- أن يشـرح صدر ابنتك للإيمان، وأن يحبّب إليها الصلاة والقرآن، وأن يجعلها من الصالحات الحافظات، وأن يقرّ عينك بصلاحها، وأن يرزقكِ برّها في حياتك وبعد مماتك.