هل وفاة النبي ﷺ تمثل مصيبة للأمة؟

Consultation Image

الإستشارة 27/09/2025

هل يمثل موت النبي صلى الله عليه وسلم يمثل نكبة أو مصيبة للأمة، وما الدليل على ذلك؟

الإجابة 27/09/2025

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فوفاة النبي ﷺ كانت من أعظم المصائب التي نزلت بالأمة، وليس معنى ذلك أنه ﷺ توفي قبل أن يبلغ الرسالة، ويؤدي الأمانة وينصح لأمته، ويتركنا على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك، لكن لأن الموت نفسه مصيبة بصفة عامة فكيف إذا كانت وفاة النبي ﷺ وكان في وجوده حجة على الناس جميعًا، ومن كان يتصور اختلاف الصحابة وإراقة دماء المسلمين على يد بعضهم البعض حال وجوده ﷺ.

 

ومن كانت يتصور أن جزيرة العرب ترتد عن الإسلام إلا مكة والمدينة، ومن كان يتصور أن صحابته يختلفون إلى حد الاقتتال وإراقة الدماء وهم من تربوا على هديه وسنته؟

 

لكنها مصيبة كان لا بد منها، بعد أن قضى الله تعالى -وقضاؤه حق وعدل- أن الموت سنة كونية لجميع المخلوقات.

 

يقول الله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الغُرُورِ﴾ [آل عمران: 185]، ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ [الأنبياء: 35]، ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ [العنكبوت: 57].

 

الموت مصيبة

 

أما ذكر أن الموت مصيبة بصفة عامة فقد وردت في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ حِينَ الوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ المَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًّا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللهِ إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الآثِمِينَ﴾ [المائدة: 106].

 

وقد جعله الله من أشد صنوف الابتلاء والاختبار حيث قال: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: 155].

 

موقف الصحابة من موت النبي ﷺ

 

ولولا أن موت النبي ﷺ مصيبة وابتلاء ما قابله أشد الناس جلدة وقوة وعزمًا وهو عمر بن الخطاب مهددًا كل من يقول بوفاته بالقتل، حتى ذكّره أبو بكر الصديق –رضي الله عنه- بقول الله تعالى: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: 144]. فأيقن أن النبي ﷺ قد توفي وكأنه يسمعها أول مرة.

 

وقد وقع الخلاف بين الصحابة الكبار بين علي وعائشة وطلحة والزبير بعد اختلافهم حول قتلة عثمان ثم بين علي ومعاوية وما زالت الدماء تسيل أنهارًا داخل الصف المسلم حتى يوم الناس هذا.

 

لكن هذا لا مفر منه حتى يتحقق الابتلاء والاختبار ولو شاء الله لأنزل قرآنًا مفصلاً يحسم قضية الخلاف إلى يوم القيامة، لكن الله ترك هذا الأمر يدبره المسلمون وفق المقاصد العامة للشريعة الإسلامية والضوابط الكلية للسياسة الشرعية حتى يختبر الناس ويظهر الصالح من الطالح، ويتميز الغث من السمين، وصدق الله تعالى إذ يقول ﴿الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ العَزِيزُ الغَفُورُ﴾ [الملك: 2].

 

والله تعالى أعلى وأعلم.

 

روابط ذات صلة:

دروس اقتصادية من وفاة الرسول ﷺ

الرابط المختصر :