ضوابط وآداب للمفتي في الأحكام الشرعية

Consultation Image

الإستشارة 31/08/2025

ما الأداب التي يجب على المفتي التحلي بها عند الفتوى عامة والفتاوى المعاصرة خاصة؟

الإجابة 31/08/2025

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فالفتوى منصب عظيم الأثر، بعيد الخطر؛ فالمفتي -كما قال الإمام الشاطبي- قائم مقام النبي فهو خليفته ووارثه "العلماء ورثة الأنبياء"، وهو نائب عنه في تبليغ الأحكام، وتعليم الأنام، وإنذارهم بها لعلهم يحذرون، ومن ثم يجب على المفتي بصفة عامة، والمفتي في القضايا المعاصرة خاصة أن تتوافر فيه هذه الشروط والآداب، ويمكننا إيجازها في الكفاءة العلمية، والتحلي بالأخلاق الربانية، وهو مقياس قرآني دقيق (القوي الأمين) أو (الحفيظ العليم).

 

شروط يجب أن تتوافر في المفتي

 

وقد ذكر الدكتور يوسف القرضاوي – رحمه الله - بعض الشروط التي يجب أن تتوافر فيمن يتصدى للفتوى ومنها:

 

1. أن يكون على قدر كبير من العلم بالإسلام: والإحاطة بأدلة الأحكام، والدراية بعلوم العربية، مع البصيرة والمعرفة بالحياة وبالناس أيضًا، بالإضافة إلى ملكة الفقه والاستنباط.

 

2. أن تكون له صلة وثيقة وخبرة عميقة بالقرآن الكريم: حفظًا، وتلاوة، وفهمًا وتدبرًا، وأن يلم بعلوم القرآن وعلوم السنة المطهرة.

 

3. أن تكون له ملكة في فهم لغة العرب وتذوقها: ومعرفة علومها وآدابها حتى يقدر على فهم القرآن والحديث.

 

4. أن يكون متمرسًا بأقوال الفقهاء: ليعرف منها مدارك الأحكام، وطرائق الاستنباط، ويعرف منها كذلك مواضع الإجماع ومواقع الخلاف، وأن يكون معايشًا للفقهاء في كتبهم وأقوالهم، ويطّلع على اختلافهم، وتعدد مداركهم، وتنوع مشاربهم، ولهذا قالوا: "من لم يعرف اختلاف الفقهاء لم يشم رائحة الفقه".

 

5. أن يكون عالمًا بالفقه وأصوله، ومعرفة القياس والعلة، ومتى يستعمل القياس، ومتى لا يجوز.

 

ضوابط أخلاقية للمفتي

 

ويمكننا أن نضيف بعض الضوابط الأخلاقية التي ينبغي على المفتي أن يتحلى بها حتى يستطيع القيام بهذا الواجب الكبير على أحسن وجه، ومنها على سبيل المثال لا سبيل الحصر:

 

1- أن تكون له نية: فإن لم تكن له نية، لم يكن عليه نور، ولا على كلامه نور، وأن يخلص بهذا العمل لله، يقول الإمام النووي -رحمه الله-: قالوا:‏ "وينبغي أن يكون المفتي ظاهر الورع، مشهورًا بالديانة الظاهرة، ‏ والصيانة الباهرة".‏

 

2- أن يشعر بالافتقار إلى الله تعالى: وصدق التوجه إليه، وأن يقف على بابه متضرعًا، داعيا أن يوفقه للصواب، ويجنبه زلل الفكر واللسان والقلم، ويحفظه من اتباع الهوى.

 

3- أن يحيل سائله إلى من هو أعلم منه بموضوع الفتوى، ولا يجد في ذلك حرجًا في صدره؛ فقد فعل ذلك معظم أئمة الدين.

 

4- أن يسأل هو إخوانه من أهل العلم ويشاورهم: ليزداد استيثاقًا واطمئنانًا إلى الأمر، كما كان يفعل عمر؛ حيث يجمع علماء الصحابة ويشاورهم؛ بل كان يطلب رأي صغار السن فيهم مثل عبد الله بن عباس، الذي قال له مرة: تكلم ولا يمنعك حداثة سنك.

 

5- أن يرجع عن الخطأ إذا تبين له: فالرجوع إلى الحق خير له من التمادي في الباطل، ولا إثم عليه في خطئه؛ لأنه مأجور عليه، وإنما يأثم إذا عرفه ثم أصر عليه عنادًا وكبرًا، أو خجلاً من الناس، والله لا يستحيي من الحق. 

 

6- أن يفتي بما يعلم أنه الحق ويصر عليه: ولو أغضب من أغضب من أهل الدنيا، وأصحاب السلطان، وحسبه أن يرضى الله تبارك وتعالى.

 

7- أن يكون له حلم ووقار وسكينة.

 

والله تعالى أعلى وأعلم

الرابط المختصر :