الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : فتاوى أخرى
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
289 - رقم الاستشارة : 2712
18/09/2025
ما معنى قولهم إن اليقين لا يزول بالشك وما الشروط التي يجب توافرها حتى تكون هذه المقولة صحيحة؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فهذه ليست مقولة، ولكنها قاعدة فقهية من القواعد الفقهية الكبرى المتفق عليها لدى أئمة وفقهاء أهل السنة جميعًا، وعليها أدلة من القرآن الكريم والسنة المطهرة، وهناك شروط وضعها الفقهاء لعمل هذه القاعدة.
معنى اليقين لا يزول بالشك
ومعناها: أن ما كان ثابت متيقنًا من الأمور، لا يرتفع بمجرد طروء الشك عليه، وذلك لأن الأمر اليقيني لا يعقل أن يزيله ما هو أضعف منه، بل يزيله ما كان أقوى منه أو ما كان مثله، ولتوضيح ذلك فإن الأصل براءة الذمة فاليقين في ذلك أنها ليست مشغولة، وإذا قام الدليل على شغلها كان اليقين شغلها بالدين، والأصل في المياه الطهارة سواء كانت مياه أمطار أو أنهار أو بحار أو عيون أو آبار، فهذا هو اليقين فيها فلا يعدل عن ذلك بالشك.
والحكم الثابت بالدليل يبقى ثابتًا ما لم يرد دليل يرفعه، فيعتبر بقاؤه يقينيًّا استنادًا إلى دليل، فلا يزيله احتمالات ليس لها ما يبررها. فمن ملك شيئًا بعقد أو إرث أو أي سبب صحيح، يبقى مالكًا لما في حوزته، ولا ينتقل إلى غيره إلا بدليل، لأن الملك استند إلى سبب صحيح، فثبوته يقيني، فلا يزول إلا بيقين مثله.
شروط العمل بها
ولهذه القاعدة شروط يجب العمل فيها، وهي:
1ـ اتحاد القضيتين المتيقنة والمشكوك فيها في المتعلق، والمقصود بذلك أن يكون ما تعلق به اليقين هو ما تعلق به الشك، ووجه اشتراط هذا في القاعدة، أنه في حدوث قضية جديدة. فلا يكون هناك نقض لليقين بالشك.
2ـ اختلاف زماني: حدوث اليقين والشك في زمن واحد، ويكون ذلك بتقدم زمن اليقين على زمن الشك، ليصدق عدم نقض اليقين بالشك؛ لأنه من المستحيل اجتماع زمان اليقين والشك، مع كون المتيقن هو المشكوك فيه نفسه، لما في ذلك من الجمع بين النقيضين وهو محال.
3 ـ اجتماع اليقين والشك في زمن واحد، والمقصود أن يتفق حصول اليقين والشك في آن واحد، لا بمعنى أن مبدأ حدوثهما يكون واحدًا، لأن ذلك من المحال.
4 ـ اتصال زمان الشك بزمان اليقين، والمقصود بذلك أن لا يوجد فاصل بينهما يتخلله يقين آخر؛ لأن دخول اليقين على اليقين ينقضه، فتخرج المسألة من نطاق عنوان القاعدة.
5 ـ فعلية الشك واليقين، والمقصود أن يتحقق كل من الشك واليقين بالفعل، فلا عبرة بالشك التقديري، لعدم صدق النقض به، ولا اليقين التقديري، لعدم صدق ناقضه بالشك.
6ـ وجود الأثر العملي المصحح لإجراء القاعدة، والمقصود هو أن يكون لإبقاء حكم المتيقن في حالة الشك أثر علمي.
7ـ ألا يعارض يقين القاعدة ما هو أرجح منه فإذا حصل التعارض عمل بالراجح.
والله تعالى أعلى وأعلم.