الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : فتاوى أخرى
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
128 - رقم الاستشارة : 2235
31/07/2025
هل يمكننا الاستدلال بالقواعد الفقهية على الأحكام الفقهية؟ أم أنها تحتاج هي إلى الدليل؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فقد فرَّق العلماء بين نوعين من القواعد الفقهية، القواعد الفقهية المستمدة من أدلة متفق عليها مثل القرآن والسنة يمكننا الاعتماد عليها في استنباط الأحكام، مثل قاعدة الأمور بمقاصدها، المشقة تجلب التيسير وغيرها. أما القواعد المختلف عليها أو المستمدة من أدلة مختلف عليها فلا يجوز الاستدلال بها على الأحكام الفقهية، ولكن يستأنس بها فقط ، أي تذكر بعد الاستدلال بالقرآن والسنة وغيرهما من الأدلة.
والقواعد الفقهية ليست على درجة واحدة، فمنها القواعد الفقهية الأساسية الكبرى وهي محل اتفق بيت المذاهب الفقهية، وهي تستمد من القرآن الكريم والسنة المطهرة واجتهاد الفقهاء، ومنها المختلف عليها سواء بين المذاهب الفقهية أو داخل المذهب الفقهي الواحد.
مصادر القواعد الفقهية
أولا : القرآن الكريم: القرآن الكريم المصدر الأول للتشريع، وهو المصدر الأول أيضًا في استنباط القواعد الفقهية، فمثلاً قاعدة "الأمور بمقاصدها" مستمدة من آيات كثيرة من القرآن الكريم منها قول الله تعالى ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ﴾ [البينة: 5].
وقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: 110].
وكذلك قاعدة "المشقة تجلب التيسير" مستمدة من قول الله تعالى: ﴿... يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ...﴾ [البقرة: 185].
ومن قوله تعالى: ﴿... مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: 6].
﴿وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ...﴾ [الحج: 78].
ثانيا: السنة المطهرة: المصدر الثاني من مصادر أصول الفقه هو السنة المطهرة بأنواعها القولية والعملية والتقريرية، وكذلك تعد السنة المطهرة المصدر الثاني من مصادر القواعد الفقهية.
فلو رجعنا إلى قاعدة "الأمور بمقاصدها" نجدها مستمدة من عدة أحاديث منها قول النبي ﷺ: "إنما الأعمال بالنيات".
وقاعدة "المشقة تجلب التيسير" مستمدة من عدة أحاديث منها ما روى الشيخان عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ﷺ قال: "يسروا ولا تعسروا وبشروا ولاتنفروا".
وما روى الشيخان بسندهما عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: "ما خير النبي ﷺ بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه".
ثالثا: الاجتهاد: وهو يمثل المصدر الثالث من مصادر استنباط القواعد الفقهية بعد القرآن والسنة حيث يجتهد الفقيه عن طريق فهم القرآن والسنة والقياس ومراعاة العرف والمصالح المرسلة وغيرها في التعرف على القواعد الفقهية.
والله تعالى أعلى وأعلم.