مصير أهل الفترة والذين لم تبلغهم دعوة الإسلام صحيحة

Consultation Image

الإستشارة 22/09/2025

ما مصير أهل الفترة؟ وكذلك الذين لم تبلغهم دعوة الإسلام هل من العدل أن يعذبوا دون أن تصلهم دعوة الإسلام أصلا، أو وصلتهم مشوهة ولم يجدوا من يقدم لهم الإسلام على حقيقته؟

الإجابة 22/09/2025

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فيراد بأهل الفترة الذين عاشوا بين نبيين فلم يدركوا الأول، ولم يدركهم الثاني، وتطلق خاصة على الفترة التي كانت بين عيسى عليه السلام، وبين محمد ﷺ، فعيسى أرسل إلى بني إسرائيل خاصة، فالذين كانوا في هذا الوقت من غير بني إسرائيل لا تشملهم دعوة عيسى عليه السلام، ولم يدركهم النبي ﷺ وللعلماء آراء كثيرة في مصيرهم في الآخرة من أعدلها أنهم لا يعذبون، أو يمتحنون في الآخرة، لقوله تعالى ﴿مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: 15].

 

ويلحق بهؤلاء جميعًا الذين يعيشون الآن ولم تصلهم دعوة الإسلام أو وصلتهم محرفة مكذوبة وهذا رأي كثير من العلماء المعاصرين.

 

أقوال العلماء في أهل الفترة

 

جاء في الموسوعة العقدية من الدرر السنية: اختلف العلماء في ذلك على عدة أقوال، من أشهرها:

 

القول الأول: أن من مات ولم تبلغه الدعوة مات ناجيًا.

 

وقد نص بعض العلماء على دخول أطفال المشركين الجنة -دون غيرهم من أهل الفترة- منهم: ابن حزم، والنووي، والقرطبي، وابن حجر، وذكر أنه ترجيح البخاري.

 

القول الثاني: أن من مات ولم تبلغه الدعوة فهو في النار.

 

قال ابن القيم: هو قول جماعة من المتكلمين، وأهل التفسير، وأحد الوجهين لأصحاب أحمد، وحكاه القاضي نصًّا عن أحمد، وغلطه شيخنا، وهو قول جماعة من أصحاب أبي حنيفة.

 

القول الثالث: أنهم يمتحنون في عرصات القيامة بنار يأمرهم الله سبحانه وتعالى بدخولها، فمن دخلها كانت عليه بردًا وسلامًا، ومن لم يدخلها فقد عصى الله تعالى؛ فهو من أهل النار.

 

وهذا قول جمهور السلف، حكاه الأشعري عنهم، وممن قال به: البيهقي، وابن تيمية، وابن القيم، وابن كثير، وغيرهم.

 

قال ابن تيمية: من لم تقم عليه الحجة في الدنيا بالرسالة؛ كالأطفال، والمجانين، وأهل الفترات؛ فهؤلاء فيهم أقوال؛ أظهرها: ما جاءت به الآثار؛ أنهم يمتحنون يوم القيامة، فيبعث إليهم من يأمرهم بطاعته، فإن أطاعوه استحقوا الثواب، وإن عصوه استحقوا العذاب.

 

وقال ابن القيم بعد حكايته للأقوال في أطفال المشركين وأدلتها: المذهب الثامن: أنهم يمتحنون في عرصة القيامة، ويرسل إليهم هناك رسول، وإلى كل من لم تبلغه الدعوة، فمن أطاع الرسول دخل الجنة، ومن عصاه أدخله النار، وعلى هذا فيكون بعضهم في الجنة، وبعضهم في النار، وبهذا يتألف شمل الأدلة كلها، وتتوافق الأحاديث، ثم ساق أدلة لهذا القول، وقال: فهذه الأحاديث يشد بعضها بعضًا، وتشهد لها أصول الشرع وقواعده، والقول بمضمونها هو مذهب السلف والسنة، نقله عنهم الأشعري رحمه الله.

 

وقال ابن كثير: اختلف الأئمة -رحمهم الله تعالى- فيها قديمًا وحديثًا، وهي الولدان الذين ماتوا وهم صغار وآباؤهم كفار ماذا حكمهم؟ وكذا المجنون، والأصم، والشيخ الخرف، ومن مات في الفترة ولم تبلغه الدعوة، وقد ورد في شأنهم أحاديث أنا ذاكرها لك بعون الله وتوفيقه، ثم ساق عشرة أحاديث في هذه المسألة، ثم أشار إلى الأقوال في المسألة، ورجح أنهم يمتحنون يوم القيامة؛ حيث قال: وهذا القول يجمع بين الأدلة كلها، وقد صرحت به الأحاديث المتقدمة المتعاضدة، الشاهد بعضه لبعض.

 

وقال الشنقيطي بعدما رجح هذا القول: (إن الجمع بين الأدلة واجب متى ما أمكن بلا خلاف؛ لأن إعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما، ولا وجه للجمع بين الأدلة إلا هذا القول بالعذر والامتحان.

 

والله تعالى أعلى وأعلم.

 

روابط ذات صلة:

حكم من يتوفى وهو يبحث عن الدين الحق

 

الرابط المختصر :