الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : فتاوى أخرى
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
193 - رقم الاستشارة : 2711
18/09/2025
تسأل امرأة فتقول إن رؤيتها في الغالب تتحقق، وقد رأت رؤيا أنها ستطلق في اليوم التالي لزواجها، وقد تقدم له شاب ارتضت خلقه ودينه وارتاحت إليه بعد صلاة الاستخارة لكن مواصفاته تشبه إلى حد ما الذي رأته في المنام وطلقها فهل تأخذ بنتيجة الاستخارة أو تأخذ بالرؤيا التي رأتها في المنام؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فالرؤيا سواء أكانت صالحة أم غير صالحة ليست من مصادر الأحكام الشرعية في شيء، فالأحكام الشرعية معروفة ومحددة في المتفق عليه عند أهل السنة والجماعة، وهي القرآن الكريم والسنة المطهرة والإجماع والقياس، والمختلف عليه كالذرائع وشرع من قبلنا والعرف والمصالح المرسلة وقول الصحابي وغيرها.
الرؤيا لا يُبنى عليها حكم فقهي
ولا يجوز لأحد أن يبني حكمًا فقهيًّا من الأحكام الشرعية على الرؤيا وحدها، وفي واقعة السؤال نوصي الأخت الكريمة بكثرة الدعاء والذكر واللجوء إلى الله، فإن كانت خطبتها وزواجها من هذا الرجل خيرًا شرح الله الله صدرها له، وإن كانت غير ذلك صرفها الله عنها، وصرفه عنه بحوله وقوته.
والذي يرى خيرًا له أو لغيره فليحمد الله تعالى، وليحدث به الناس إن أراد، والذي يرى غير ذلك فليستعذ بالله لكنه لا يرتب حكمًا فقهيًّا من الأحكام الخمسة على هذه الرؤيا، إلا في المباحات، حيث إن الفعل والترك فيها يستويان.
روى مسلم وغيره عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ، وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا، وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ، وَالرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ: فَرُؤْيَا صَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللهِ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ، فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ.
رؤيا الأنبياء
أما رؤيا الأنبياء عليهم السلام فهي وحي عندهم وهذا من خصائصهم، ولا يشاركهم فيه أحد.
يقول الله تعالى: ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ* فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ* وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ* قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ* إِنَّ هَذَا لَهُوَ البَلاءُ المُبِينُ* ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [الصافات:102 - 107].
فإبراهيم الخليل هَمّ بذبح ولده بسبب هذه الرؤيا وهذا من خصوصيات الأنبياء عليهم السلام،
وكثير من الناس يبنون قراراتهم في الزواج أو السفر، أو الحب والكره، أو غير ذلك على رؤيا رأها، دون أن يميز أنها من الله أو من الشيطان أو من حديث النفس، وهذا لا يجوز شرعًا.
يقول الشيخ البنا – رحمه الله - في رسائله: وللإيمان الصادق والعبادة الصحيحة والمجاهدة نور وحلاوة يقذفهما الله في قلب من يشاء من عباده، ولكن الإلهام والخواطر والكشف والرؤى ليست من أدلة الأحكام الشرعية، ولا تعتبر إلا بشرط عدم اصطدامها بأحكام الدين ونصوصه.
ويقول الدكتور عبد الكريم زيدان – رحمه الله - والإلهامات والخواطر والفراسة أمور ثابتة، وقد تُسمى بالكَرَامَات، وهي حق يجب التسليم بها، ولكنها لا تُتخذ دليلاً من أدلة الأحكام، فان أدلة الأحكام هي القرآن والسنة وما تفرع عنهما، ولكن هذه الأمور أي الإلهام ونحوه ويُستأنس بها ويُسترشد بها في معرفة الأشخاص والأحوال وما يجب أخذه أو تركه في أمور الحياة، أما الرؤى – وهي جمع رؤيا – فمنها الصادقة ومنها أضغاث أحلام، ورؤيا المؤمن غالبًا ما تكون صادقة صريحة أو تحتاج إلى تأويل.
والله تعالى أعلى وأعلم