وجود مخلوقات سكنت الأرض قبل الإنس والجان

Consultation Image

الإستشارة 30/08/2025

هل يمكن أن تكون هناك مخلوقات عاقلة سكنت الأرض غير الإنس والجن قبل أن يظهر الإنسان على سطح الأرض ولا ينتمون لجنس البشر والجن؟ وإذا كانت الإجابة بنعم فهل يمكن أن يكون تلك الحفريات التى يدعي بعض العلماء أنها تعود للإنسان (مثل الإنسان المنتصب والإنسان الماهر وإنسان هايدلبرج ) تعود لتلك المخلوقات العاقلة غير البشرية؟ وهل يمكن أن يكون تفسير قوله تعالى "إنى جاعل فى الأرض خليفة" هو أن يخلف الإنسان تلك المخلوقات العاقلة؟

الإجابة 30/08/2025

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وتسلم تسليمًا، وبعد:

 

فلم يرد دليل قطعي من القرآن الكريم أو السنة المطهرة على وجود مخلوقات سكنت الأرض قبل الإنس والجن، وإنما هي إشارات لبعض المفسرين تعقيبًا على قول الله تعالى ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 30].

 

وفي أمور الغيبيات علينا أن نقف عند حدود ما ذكر الله تعالى في كتابه، وما بين النبي في سنته، خاصة في الأمور التي لا ينبني عليها عمل، ولو كان فيها خير لذكرها الله تعالى وبينها نبيه ﷺ.

 

يقول ابن كثير في "البداية والنهاية":

 

"قال كثير من علماء التفسير: خلقت الجن قبل آدم عليه السلام، وكان قبلهم في الأرض (الحِنُّ والبِنُّ)، فسلّط الله الجن عليهم فقتلوهم وأجلوهم عنها وأبادوهم منها وسكنوها بعدهم".

 

ويقول العلامة الطاهر ابن عاشور في "التحرير والتنوير:

 

"تعقيبُ ذكرِ خلق الأرض ثم السماوات، بذكر إرادته تعالى جعل الخليفة، دليلٌ على أن جعل الخليفة كان أول الأحوال على الأرض بعد خلقها، فالخليفة هنا الذي يخلف صاحب الشيء في التصرف في مملوكاته، ولا يلزم أن يكون المخلوف مستقرًا في المكان من قبل، فالخليفة آدم، وخَلَفِيَّتُه قيامه بتنفيذ مراد الله تعالى من تعمير الأرض بالإلهام أو بالوحي، وتلقين ذريته مراد الله تعالى من هذا العالم الأرضي" انتهى.

 

أما ما يذكره بعض المفسرين أو المؤرخين، أن قومًا اسمهم الحن (بالحاء المهملة) كانوا يسكنون الأرض، فجاء الجن (بالجيم المعجمة) فقتلوهم وسكنوا مكانهم، فيبدو أنها من القصص التي لا تستند إلى أي سند صحيح.

 

ويقول في موضع آخر:

 

 إذا صح أن الأرض كانت معمورة من قبل بطائفة من المخلوقات يسمون (الحِنُّ والبِنُّ) بحاء مهملة مكسورة ونون في الأول، وبموحدة مكسورة ونون في الثاني، وقيل: اسمهم (الطَّمُّ والرَّمُّ) بفتح أولهما، وأحسبه من المزاعم، وأن وضع هذين الاسمين من باب قول الناس (هيّان بن بيّان) إشارة إلى غير موجود أو غير معروف، وَلَعَلَّ هَذَا أَنْجَزُ لأهل القصص من خرافات الفرس أو اليونان، فإن الفرس زعموا أنه كان قبل الإنسان في الأرض جنس اسمه الطم والرم، وكان اليونان يعتقدون أن الأرض كانت معمورة بمخلوقات تدعى (التيتان) وأن (زفس) وهو (المشتري) كبير الأرباب في اعتقادهم جلاهم من الأرض لفسادهم" أ.هـ.

 

والله سبحانه وتعالى نهانا عن أن نقفو ما ليس لنا به علم فقال: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا﴾ [الإسراء: 36].

 

والله تعالى أعلى وأعلم.

الرابط المختصر :