الإستشارة - المستشار : أ. فتحي عبد الستار
- القسم : وساوس وشكوك
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
104 - رقم الاستشارة : 2823
30/09/2025
أنا بنت سني 28 سنة. من سنتين، ربنا هداني ولبست الحجاب الكامل، بس من وقتها، لاحظت إن اللي بيتقدموا لي عددهم قلّ بشكل كبير.
بصراحة، أهلي وقرايبي وجيراني طول الوقت بيربطوا بين حجابي الكامل وصعوبة الزواج، وبيقولوا "الحجاب ده مغطي جمالك، عشان كده مفيش حد بيتقدم لك".
الكلام ده دخل دماغي وبدأ يوسوس لي، رغم إني مؤمنة إن الزواج رزق بتاع ربنا وحده. بس ساعات بحس بخيبة أمل وضيق، وبسأل نفسي: هل حجابي ده فعلًا أصبح عقبة في طريقي للزواج؟
وهل يجوز إني أخفف الحجاب شوية زي ما البنات بيعملوا، عشان أكون مقبولة اجتماعيًا وتزيد فرصة زواجي؟
مرحبًا بك يا ابنتي، وأسأل الله العظيم أن يبارك لك في عمرك، وأن يزيدك من فضله، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي تقرُّ به عينك وتسكن إليه نفسك، وبعد...
فما تحدثتِ به إلينا هو حديث النفس الذي يمُر به كثير منَّا في لحظات الضعف الإنساني. إن شعورك بالضيق وخيبة الأمل هو شعور طبيعي يمر به الإنسان عندما يجد نفسه في مواجهة كلام الناس وآرائهم التي قد تؤثر على ثوابته وإيمانه، ولكن الأهم هو كيف نتعامل مع هذا الشعور.
تصحيح نظرتنا للحجاب
بدايةً، اسمحي لي أن أؤكد لك على أن حجابك الكامل هو تاج عزٍّ وشرف، وهو دليل على صدق إيمانك وعمق صلتك بالله. إن قرارك بارتداء الحجاب الكامل في هذه السن هو خطوة مباركة، وهو استجابة لأمر الله تعالى. وتذكري دائمًا قول الله عزّ وجل: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ [سورة الأحزاب: 36].
إن الحجاب يا ابنتي ليس مجرد قطعة قماش؛ بل هو رمز لعفَّتك وحيائك، وحاجز بينك وبين فتن الدنيا. إنه طاعة لله ورسوله، وطريق إلى جنته ورضوانه. فهل يعقل أن يكون ما أمرنا به الله يمثل عائقًا أمام سعادتنا؟
الزواج رزق من الله وحده
أما بالنسبة للزواج، فاعلمي أنَّه رزق مقسوم ومكتوب عند الله قبل أن يخلقك. يقول تعالى: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾ [سورة الذاريات: 22].
إن الرزق يا ابنتي لا يقتصر على المال والطعام فقط؛ بل يشمل كل ما يعطيه الله للإنسان، ومن ذلك الزواج. إن الله هو الرزاق وحده، وهو القادر على أن يرزقك الزوج الصالح في أي وقت يشاء، وبالطريقة التي يريدها.
قد يظن الناس أن الحجاب هو السبب في قلة الخُطَّاب، ولكن الحقيقة مختلفة تمامًا. فقد يكون الله يؤخر عنك هذا الزواج لحكمة يعلمها هو وحده. قد يكون من يأتي الآن ليس مناسبًا لك، وقد يكون من سيأتي لاحقًا هو من اختاره الله لك. يقول النبي ﷺ: «عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيرًا له» [رواه مسلم].
«خففي الحجاب».. وسوسة شيطان
أما سؤالك عن جواز تخفيف الحجاب، فاعلمي أن هذا من وسوسة شياطين الجن والإنس، الذين يريدون أن يزيِّنوا لك ما حرَّم الله عليك، ويُثبِّطونك عن طاعته. يقول تعالى: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾ [سورة فاطر: 6].
إنّ تخفيف الحجاب من أجل إرضاء الناس أو لجلب الخُطَّاب هو تنازل عن مبدأ عظيم لأمر موهوم. فمن يختارك من أجل جمالك الظاهر، قد يتركك لأجل من هي أجمل. أما من يختارك من أجل دينك وخلقك وحيائك، فهو الذي سيصونك ويقدرك. يقول النبي ﷺ: «تُنكَحُ المرأةُ لأربعٍ: لمالِها وحَسَبِها وجمالِها ودينِها، فاظفَرْ بذاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَداكَ» [رواه البخاري].
إنّ الذي يبحث عن زوجة صالحة وذات دين، سيكون حجابك الكامل هو أول ما يجذبه إليك؛ لأنه يرى فيك الزوجة التي يريدها لأبنائه. وقد حكى لنا التاريخ قصصًا كثيرة عن نساء عفيفات كنَّ في غاية الحياء والتستُّر، وقد رزقهنَّ الله بأزواج صالحين لم يلتفتوا إلى جمال الشكل بقدر ما اهتموا بجمال الروح والدين.
وختامًا ابنتي الغالية، لا تجعلي كلام الناس يزعزع إيمانك ويُقلِّل من شأنك. تذكري دائمًا أنك أغلى من أن تكوني سلعة تُعرَض للناس، وأنَّ الله قد أكرمك بالحجاب، فلا تتخلي عنه. توكَّلي على الله، وأكثري من الدعاء والاستغفار، واعلمي أنه قريب مجيب. إن ما أنتِ فيه اختبار من الله لك، فكوني صابرة ومحتسبة، واعلمي أن بعد العسر يسرًا. ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ [سورة الشرح: 5 و6].
وفَّقَك الله وأعانك، وثبتك على الحق والهدى والإيمان.
روابط ذات صلة:
حبيبتي غير محجبة.. هل تصلح للزواج؟
حبيبتي غير محجبة.. كيف أهديها لأتزوجها؟
القلب بين العاطفة والدين.. هل أتزوجها وهي غير محجبة؟
«الحجاب» في الغرب.. تحديات الإيمان والمظهر الاجتماعي
حجابي في العمل بين الثبات وضغوط الآخرين