الإستشارة - المستشار : أ. ريما محمد زنادة
- القسم : فقهية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
77 - رقم الاستشارة : 1593
12/04/2025
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لقد تم قصف مكان قريب جدًّا من بيتنا فسمعت أختي تصرخ بصوت عال جدًّا؛ الأمر الذي أرعبني فخرجت من غرفتي بسرعة بلا إدراك بدون حجاب، وكان زوج أختي موجودًا يحاول إنقاذها ونقلها للمستشفى بعد أن دخلت شظية في خاصرتها، وبسرعة رجعت وارتديت حجابي، فهل يلحقني إثم لذلك؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أسأل الله الرحمن الرحيم أن يثبتك على دين الحق ويسترك في الدنيا والآخرة بستره الجميل، وأسأله العظيم رب العرش العظيم أن يشفي أختك شفاء تامًّا، إنه قريب مجيب الدعاء.
جزاك الله -تعالى- خيرًا لحرصك أن تكوني كما أراد -سبحانه وتعالى-، وطرقك باب "استشارات"، تأكيد على ذلك، ودلالة واضحة على ثقتك به، أسأل الله -تعالى- أن يلهمني الرشاد لما يحب ويرضى من القول والعمل، بما سأفتي لك به.
بالله أولا وآخرًا أستعين فلا حول لي ولا قوة إلا بالله العلي العظيم... أما بعد:
فحقيقة أختي الفاضلة، اطلعت على سؤالك مرات عديدة، وكل مرة يبهرني إيمانك وطهارتك وعفتك وحرصك في وقت الحرب وإصابة أختك، على ارتداء حجابك الساتر الذي جاءت به الأحكام الشرعية، وحصنت به جسد المرأة وكان لها المانع بأن يظهر شيء منها لا يحل رؤيته إلا لمن ارتضى الله -تعالى- في أحكامه أن يحل لها أن تظهر بدون حجاب لكن ضمن ضوابط أيضًا.
وخير ما أستشهد به قوله -تعالى-: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور : 31].
أي أن المؤمنات لا يُظهرن زينتهن للرجال، بل يجتهدن في إخفائها إلا الثياب الظاهرة التي جرت العادة بلُبْسها، إذا لم يكن في ذلك ما يدعو إلى الفتنة بها، وليلقين بأغطية رؤوسهن على فتحات صدورهن مغطيات وجوههن؛ ليكمل سترهن، ولا يُظْهِرْنَ الزينة الخفية إلا لأزواجهن؛ إذ يرون منهن ما لا يرى غيرهم. وبعضها، كالوجه، والعنق، واليدين، والساعدين يباح رؤيته لآبائهن أو آباء أزواجهن أو أبنائهن أو أبناء أزواجهن أو إخوانهن أو أبناء إخوانهن أو أبناء أخواتهن أو نسائهن المسلمات دون الكافرات، أو ما ملكن مِنَ العبيد، أو التابعين من الرجال الذين لا غرض ولا حاجة لهم في النساء، مثل البُلْه الذين يتبعون غيرهم للطعام والشراب فحسب، أو الأطفال الصغار الذين ليس لهم علم بأمور عورات النساء، ولم توجد فيهم الشهوة بعد...
وإذا تتبعنا الآية الكريمة السابقة يؤكد لنا أن زوج الأخت يعتبر أجنبيًّا فلا يحل لك بالظهور أمامه بدون حجاب، وهذا هو الأصل.
لكن في الوقت ذاته جاءت الشريعة الإسلامية بأحكامها الغراء ترفع الحرج والمشقة، ولا تحمل الإنسان ما لا يطيق، كما جاء في قوله -تعالى- في كتابه العزيز: {... وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ...} [الحج : 78]، حيث منَّ الله -تعالى- على المسلمين بأن جعل شريعتنا سمحة، ليس فيها تضييق ولا تشديد في تكاليفها وأحكامها.
وكما ذكرت بأنك خرجت بلا إدراك بدون حجاب، أي أن ذلك حدث بدون أي أدنى قصد، وتم الأمر بسرعة في عودتك لارتداء الحجاب، والظرف كان يتصف بأنه طارئ جمع عليك القصف وإصابة شقيقتك.
أختي الفاضلة، ثبتك الله -تعالى- وأذكرك بقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- كما جاء في سنن ابن ماجة: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ".
وبما سبق والله -تعالى- أعلى وأعلم، لا مؤاخذة عليك بما حدث؛ لأن الأمر صدر منك بخطأ بعيدًا عن التعمد والقصد... والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.