الإستشارة - المستشار : أ. فتحي عبد الستار
- القسم : إيمانية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
283 - رقم الاستشارة : 742
20/01/2025
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بدايةً، أودُّ أن أدعو الله بأن يجزيكم خير الجزاء على هذا الموقع المتميِّز، وبعد.. أنا شابٌّ متديِّنٌ والحمد لله، ولم أخاطب في حياتي فتاةً غريبةً عنِّي إلا في أضيق الحدود، إيمانًا منِّي بأنَّ ذلك فرضٌ عليَّ. ولكن هناك فتاة هي جارتنا، وهي متبرِّجة، وأنا كنت أشعر نحوها بشعور الإعجاب، ولكنِّي لم أخاطبها أبدًا في حياتي، وكنَّا نحضر معًا دروسًا في الثانوية العامَّة، ومع مرور الوقت تغيَّر هذا الشعور بالإعجاب إلى حبٍّ جارفٍ وخوفٍ عليها، في البداية قلت لنفسي: إنَّ هذا ليس حبًّا وإنَّما هو فقط تأثير فترة المراهقة، وحاولت أن أمنع نفسي عن التفكير فيها تمامًا، ولكن كنت كلَّما أراها في الشارع أو حتى ألمحها في السيارة يأتي إليّ شعور غريب، ويبدأ قلبي بالخفقان بشدَّة. أعلم أنَّ هذا يبدو غريبًا، ولكنِّي الآن وبعد حوالي 4 سنوات من الصبر، لا أطيق أن أراها متبرِّجةً هكذا، فأنا أحبُّها وأخاف عليها من نار جهنَّم والعياذ بالله، وفي الوقت نفسه أنا لا أستطيع أن أكلِّمها في هذا الموضوع؛ لأنِّي شابٌّ متديِّنٌ كما ذكرت، ومن الناحية الأخرى، فأنا أشعر بالذنب لأنِّي أفكِّر في فتاةٍ لا أعرفها. أنا أنوي التقدُّم لخطبة الفتاة، ولكنِّي لا أستطيع فعل ذلك الآن؛ لأنِّي لا أقبل أبدًا أن تكون زوجتي متبرِّجة، وفي الوقت نفسه أنا لا أتخيَّل حياتي من دونها. ولقد حاولت الابتعاد فترة عن البلد على أمل نسيانها، وفعلاً سافرت وحيدًا لمدة 10 أيام، وحاولت إقناع نفسي بالبعد عنها، ولكن عندما عدت ورأيتها في العمارة عاد إليّ الشعور القديم مرةً أخري. والآن أنا قررت أن أعمل جاهدًا علي هداية الفتاة، وأنا أدعو لها في كلِّ صلاةٍ وكلِّ سجدة، ولكنِّي لا أعلم كيف أستطيع أن أقنعها بالحجاب وأنا لا أحادثها ؟! أفيدوني أرجوكم. وجزاكم الله كلَّ خير.. وأكرمكم الله.
أخي الكريم، مرحبًا بك، ونشكرك على ثقتك بنا، وبعد...
أُقَدِّر بالطبع مشاعرك وعواطفك تجاه تلك الفتاة، والحقيقة –في رأيي– أن ما ينبغي أن تفكر فيه –ما دمت تحبها– ليس كونها ترتدي الحجاب الآن أم لا، وإنما ما يجب أن تفكر فيه وتبحثه هو استعدادها المستقبلي للامتثال لأوامر الله -عز وجل- عامةً، والتي يمثل ارتداء الحجاب واحدًا من تلك الأوامر.
واعلم أن الحجاب ليس غطاءً يوضع على الرأس، أو رداءً يغطي الجسم فقط، بل هو أسلوب حياة كامل، يُعَد ارتداء الملابس الساترة أحد مظاهره.
فلا ينبغي أن يكون مجرد عدم حجابها مانعًا للارتباط بها من أول وهلة، فربما لم تَجِد هذه الفتاة في الوسط الذي تعيش فيه مَن ينصحها ويرشدها ويبين لها تعاليم دينها، ومنها أهمية الحجاب ووجوبه بالنسبة للمرأة المسلمة، وربما كانت تؤدي شعائر الإسلام الأخرى، وتتميز بالأخلاق الفاضلة الحسنة، وينقصها زوج ذو دين يأخذ بيدها ويسير بها في الطريق الصحيح؛ لذا فإن تركك للارتباط بها دون أن تتعرف على خلفيات حياتها، يُعَد ظُلمًا لها إن رضِيَت بك زوجًا.
ومما يفيد فتاتك ويساعدك على دعوتها –بجانب النصيحة والكُتيّب والمواقع الدعوية– أن تحيطها بصحبة طيبة من فتيات ملتزمات في مثل سنها، فهُنَّ أقدر على دعوتها، بشرط أن يكُنَّ واعيات، يفقهن سُبُل الدعوة ويُجِدْن استخدام وسائلها.
وفي هذا الصدد –أخي الكريم– أنصحك وأحذرك من أن تمتثل هذه الفتاة، وترتدي الحجاب لمجرد إرضائك والحفاظ عليك، فما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل.
أما إن تمت الخطبة، واستنفذت وسعك معها في بيان تعاليم دينها، واتبعت معها الأساليب والوسائل الصحيحة والمناسبة لدعوتها، ورغم ذلك لم تلقَ منها استجابة، وأصرت على موقفها الرافض لاتباع أوامر الله عز وجل، فثِقْ –أخي الكريم– أن المرأة التي لا تُعظّم شعائر الله وشرائعه، لن تُعظّم رغبات زوجها، ولن تكون مُؤتمنة على بيتٍ وأسرة وأبناء، فخير لك في هذه الحالة أن تنفصل عنها دون تردد أو جزع، ولك في غيرها إن شاء الله العِوَض، وما عند الله خير وأبقى، ومع الوقت سيخبو حبك لها حتى ينطفئ.
واعلم يا أخي أن دوافع خطبة المرأة في الإسلام ليست الجمال فقط، وإنما هو آخر الدوافع اعتبارًا لمن أراد أن يبني بيتًا مسلمًا بحق، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «تُنكَح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفَرْ بذاتِ الدِّين تَربَتْ يداك» رواه البخاري.
والجمال يذهب ويزول، وينمحي جذبه وتأثيره سريعًا، أما الاعتبارات الأخرى فهي الباقية، وهي الحاكمة في علاقة الزوجين مدى الحياة.
ولا تنسَ – أخي الحبيب – أن تستخير الله عز وجل، وتستشير من تثق في دينهم وعقلهم، وأسأل الله عز وجل أن يكتب لك الخير حيث كان، ويرضيك به، وتابعنا بأخبارك.