23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د رمضان فوزي
  • القسم : إيمانية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 25
  • رقم الاستشارة : 1024
16/02/2025

لدي مشكلتان دائما ما أواجههما، أصلي وأقطع الصلاة. ولكن من أسبوعين تقريبا تعاهدت مع الله سبحانه وتعالى أن يضاعف عقوبتي إذا توقفت عن الصلاة. والحمد لله الأمور على ما يرام الآن، والمشكلة التي تواجهني الآن هي صلاة الفجر؛ أصليه عندما أستيقظ من النوم في الساعة التاسعة أو العاشرة. الأمر الثاني أحببت فتى؛ لكنه مات بالسرطان منذ سنة، ورغم صعوبة هذا عليّ؛ إلا أنني في البداية تقربت من الله.. ولكن الآن، وخصوصا هذه الأيام، بدأت أفقد الثقة في الله، وتوقفت عن سؤاله لأن شعور ينتابني أنه لن يجيبني، أعلم أنني مخطئة وأن الله دائما معي. أريد أن أكف عن هذا التفكير. فأنا أحب الله حبا شديدا. فماذا أفعل؟

الإجابة 16/02/2025

أختنا في الله/ نيفين

أهلا وسهلا بك، ونسأل الله أن يهدينا وإياك سواء الصراط..

اسمحي لي أختي أن أبدأ باستشارتك الثانية أولا.. فأقول لك وبالله التوفيق:

اعلمي أختاه أن الأعمار بيد الله عز وجل، وأن كل ما على الأرض فان. وهذا الشاب الذي مات بمرض نحسبه إن شاء الله من شهداء الرحمن. ولا أستطيع أن أعزيك فيه؛ فهو لم يكن لك زوجا ولا حتى خطيبا ولكنها علاقة حب. وهي ليست من أسباب القرابات بين الناس.

أما بالنسبة لثقتك في الله عز وجل، فإياك ثم إياك أن تتزعزع أو تفقديها؛ ذلك أن لله علينا نعما وأفضالا نعجز عن إحصاء جزء منها، وله أيضا حكم في تصرفاته وأفعاله لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى.

فربما تمر بالإنسان بعض الأحداث التي تكون سببا في يأسه وإحباطه ثم مع مرور الزمن يتكشف له أن ما مر به لم يكن إلا خيرا من الله تعالى، ظهرت له حقيقته بعد ذلك. فأنت مثلا ربما لو عاش صاحبك هذا لغدر بك وما تزوجك، ولو تزوجك فمن أدراك أنك كنت ستسعدين معه؟ فلعل في موته خيرا لك لا تعلمينه.

فلا بد أن تكون الثقة غير مرتبطة بالنتائج، أو برؤية آيات ترينا أن الأمور تسير كما نتمنى. فلا بد أن نثق بالله؛ لأنه هو الله؛ فالمؤمن الصادق كلما ازدادت الأمور ظلمة ازداد ثقة بالله تبارك وتعالى.

احذري يا أختي أن يتطرق إليك اليأس؛ فالله عز وجل نفى اليأس عن المؤمنين فقال عز من قائل: {إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

فالثقة في الله تحيي موات النفوس وتبعث على اطمئنان النفس وراحة البال فما أعظم اللحظات التي يركن فيها العبد لجوار ربه ويلقي بهمومه بين يدي خالقه ومولاه.

وإذا مرت بك لحظات ضيق فتذكري لحظات الفرج؛ فقد نعى الله على الإنسان يأسه إذا أصابه الشر فقال: {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ} وقال سبحانه: {لاَ يَسْأَمُ الإِنْسَانُ مِن دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ}.

وقال صلى الله عليه وسلم: "عجبا لأمر المؤمن؛ إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له".

أما بالنسبة لدعاء الله عز وجل، فاعلمي أنه إلى طريق من ثلاث؛ إما أن يعجل الدعوة في الدنيا، وإما أن يمنع الله بها من البلاء ما لم يعلمه الإنسان، وإما أن تحفظ لصاحبها ليوم القيامة؛ حتى إن المؤمن يوم القيامة يتمنى أن لو لم تجب له دعوة في الدنيا من جزيل ما يرى من الأجر والثواب؛ فحافظي على علاقتك بربك ودعائك له فهو قريب جدا منك {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}.

وقال صلى الله عليه وسلم: "الدعاء هو العبادة"، وقال صلى الله عليه وسلم: "‏ليس شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء"؛ فاجتهدي في الدعاء حتى وإن لم تجدي الإجابة؛ فجددي نيتك في الدعاء أن هذا عبادة استعبدنا الله بها.

واحرصي على دعائه عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، ويا حبذا لو تعرفت على معاني هذه الأسماء واستشرتها في الدعاء؛ فإن لذلك حلاوة ستشعرين بها مع مداومة الدعاء؛ فمن أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح له. وهو سبحانه يحب عبده اللحوح؛ فألحي على الله في الدعاء، واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم ولا تتركي له فرصة يفسد عليك دينك وعلاقتك بربك.

أما بالنسبة لسؤالك الأول عن الصلاة فأقول لك أختي:

من المعلوم أن الصلاة عماد الدين، من أقامها فقد أقام الدين، ومن تركها فقد هدم الدين. وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن العهد الذي بيننا وبين الله هو الصلاة؛ فقال – صلى الله عليه وسلم-: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة؛ فمن تركها فقد كفر" (رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي). وقال: "إن بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة" (أخرجه مسلم).

أختاه تقولين: "من أسبوعين تقريبا تعاهدت مع الله سبحانه وتعالى أن يضاعف عقوبتي إذا توقفت عن الصلاة"، فأقول لك: جميل هذا الإحساس وهذا التحرك الإيجابي نحو الثبات على الطاعة، ولكن ألفت نظرك إلى أن الأصل أن المسلم يسأل الله أن يعينه على الطاعة، وأن يغفر له تقصيره، لا أن يدعوه بمضاعفة العقوبة، وكان عليك هنا أن تضاعفي أنت العقوبة على نفسك، وأن تحددي عقوبة معينة لنفسك إذا قصرت مرة أخرى، وأن تزداد هذه العقوبة إذا تكرر التقصير.

أما بالنسبة لصلاة الفجر فأقول لك: هي فعلا من أصعب الصلوات ذلك أنها في وقت يخلد فيه الناس إلى النوم والراحة؛ ولذلك ينادي المؤذن فيها فيقول: "الصلاة خير من النوم"، ولذلك أيضا خُصت ببعض الأفضال والميزات عن الصلوات الأخرى؛ فقد قال تعالى: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}. وقال صلى الله عليه وسلم: "‏من صلى الصبح فهو في ‏ ‏ذمة الله ‏ ‏فلا يتبعنكم الله بشيء من ‏ ‏ذمته" (سنن الترمذي).

أختاه، إن السبب في التقصير في صلاة الفجر أننا تعارضنا واصطدمنا بنواميس الله في كونه؛ فبدلا من أن يبدأ يومنا العملي من صلاة الفجر حتى الظهر، ثم نطبق سنة القيلولة ثم نستأنف دواما عمليا آخر بعد صلاة العصر إلى المغرب، ثم نصلي العشاء وننام حتى قبيل الفجر، ثم نقوم لنصلي ركعات في جوف الليل، ثم نبدأ يومنا من جديد.

ولكننا بدلا من ذلك يبدأ يومنا من الساعة الثامنة أو التاسعة وينتهي قبل المغرب؛ ونتأخر في النوم فتكون النتيجة هي ضياع صلاة الفجر وضياع بركة اليوم.

أختاه، إن الله حين افترض علينا صلاة الفجر كان يعلم أننا نقدر على القيام لها فقد قال عز وجل: {لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}، والدليل على ذلك ما قاله بعض الإخوة الذين كانوا يعيشون في الغرب: من الساعة السادسة صباحا وأنت تجد الشوارع مزدحمة بالناس الذين يذهبون لعملهم، ومنهم من يقوم منذ الفجر ليستنشق الهواء النقي ومنهم من يقوم قبل ذلك ليتمشى بكلبه في الشارع حتى يستنشق الهواء النقي ويقضي حاجته.

انظري أختي هؤلاء يقومون قبل شروق الشمس لأغراض دنيوية دنيئة، ونحن نستكثر أن نقوم للجنة ونداء رب العالمين.

نسأل الله لنا ولك الهداية والتوفيق.