الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : فتاوى أخرى
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
217 - رقم الاستشارة : 2956
14/10/2025
هل كل ما رآه المسلمون حسنا هو عند الله حسن؟ بعض الناس يحتج بهذا الأثر على ما اجتمع عليه الناس في أي عصر من العصور يعتبر حسنا ومشروعا، وهل هذا حديث؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فليس كل ما رآه المسلمون حسنًا يكون عند الله حسن، فـ (ال) هنا للعهد وليست للجنس، فليس المراد كل المسلمين، ولكن يراد به المسلمون الذين لا يخالفون ما استقرت عليه الشريعة الإسلامي، وهذا الأثر موقوف على ابن مسعود – رضي الله عنه – وقد أخذ منه الفقهاء قاعدة العادة محكمة، وهذه قاعدة لها شروطها وضوابطها من أهمها، ألا يخالف العرف أو العادة نصوص الشريعة الإسلامية، وإلا كان عرفًا فاسدًا لا يعتد به، كما تعارف كثير من المسلمين على التبرج أو أكل الربا، أو الاختلاط غير المشروع وغيره.
حِكم بينات
جاء في شرح الدرر السنية: كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه من أجلّ الصحابة علمًا، وأرفعهم قدرًا، وقد ملأ الله قلبه بنور العلم والإيمان، فكانت له آراء واجتهادات وأقوال تعد من الحكم البينات التي ألقاها الله سبحانه على قلبه ولسانه كما في هذا الأثر، حيث يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "إن الله نظر في قلوب العباد" نظرة فحص وتمحيص كما يشاء، وكيفما شاء الله سبحانه "فوجد قلب محمد ﷺ خير قلوب العباد" صفاء ونقاء، وأكثر قابلية للحق والوحي "فاصطفاه لنفسه" فاجتباه واختاره ليكون نبيه، "فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد، بعد قلب محمد؛ فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد" نقاء وصفاء، وأكثر قابلية للحق، "فجعلهم وزراء نبيه" يستشيرهم في أمور الدنيا والدين "يقاتلون على دينه"؛ دفاعًا عنه، ونشرًا له؛ "فما رأى المسلمون حسنًا؛ فهو عند الله حسن، وما رأوا سيئًا؛ فهو عند الله سيئ"، والمراد أن إجماع الصحابة واتفاقهم على أمر، فهو صحيح، كما يدل عليه السياق، ويؤيده قوله تعالى: ﴿وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: 115].
المراد بالمؤمنين
فالمراد بالمؤمنين هنا الصحابة، على أحد الأقوال، ويؤيده أيضًا استدلال ابن مسعود على إجماع الصحابة على اختيار أبي بكر رضي الله عنه خليفة، كما في رواية الحاكم، وعليه فاللام في (المسلمون) ليست للاستغراق، بل للعهد. وعلى أن اللام للاستغراق، فليس المراد به قطعًا كل فرد من المسلمين، ولو كان جاهلاً لا يفقه من العلم شيئًا، فلا بد إذن من أن يحمل على أهل العلم منهم بلا خلاف، وهم زبدة المسلمين وعمدتهم، والمقصود العلماء بالكتاب والسنة، الأتقياء عن الحرام والشبهة؛ وإجماعهم معصوم، ويؤيد ذلك كله حديث مرفوع عند مسلم: "لا تجتمع أمتي على الضلالة"؛ فالحديث -وإن كان مطلقًا- فإن الأحق به عند التخصيص هم صحابة النبي ﷺ. أ.هـ.
والله تعالى أعلى وأعلم.
روابط ذات صلة:
حكم العادات إذا خالفت أحكام الشريعة
العُرف في الشرع متى نحكِّمه في معاملاتنا؟ وكيف نضبطه؟