كيف تحاسب الشريعة الشواذ وهم مرضى؟

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
  • القسم : الحدود والجنايات
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 175
  • رقم الاستشارة : 2331
10/08/2025

هل الشذوذ الجنسي مرض ، وليس على المريض حرج ، ولماذا تحاسب الشريعة الشاذ جنسيا إذا كان لا طاقة له في دفع هذا المرض؟

الإجابة 10/08/2025

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فإنه مما لا شك فيه أن الله تعالى أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا ومن الناس أجمعين، وحاشاه سبحانه وتعالى أن يكلفنا ما لا طاقة لنا به، أو أن يفرض علينا عقوبة على ذنب لا دخل لنا فيه.

 

فلو كان الشاذ مريضًا مرضًا يمنعه من أن يكون سويًّا على الفطرة التي فطر الله الناس عليها لرفع الله عنه الحرج، ولم يعاقبه على شيء لا يستطيع دفعه، ولم يقل أحد من الأطباء الثقات العدول، ولا من العلماء أنه مريض مرضًا يضطر معه لممارسة الرذيلة، ومصادمة الفطرة التي فطر الله الناس عليها.

 

ولو سلمنا بهذا لهدمت الأحكام الشرعية كلها؛ فالقاتل يمكن أن يقول إنه كان مريضًا عند القتل، والزاني كان مريضًا عند الزنى، والسارق كان مريضًا عند السرقة، وهكذا تضيع الأنفس والأموال والأعراض.

 

وإذا كانت شريعتنا الغراء حرمت اللواط، وهو إتيان الرجل للرجل، وعدته من الكبائر وعاقبت فاعله بأشد العقوبات، وحرمت السحاق، وهو إتيان المرأة المرأة، وجعلت عقوبتها تعزيرية يقدرها الحاكم أو القاضي حسب الزمان والمكان، فلا يملك المسلم إلا التسليم بأن الشريعة عدل كلها ورحمة كلها، كما ذكر ابن القيم رحمه الله، حيث ذكر في إعلام الموقعين: فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها؛ فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث; فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل؛ فالشريعة عدل الله بين عباده، ورحمته بين خلقه، وظله في أرضه، وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله صلى الله عليه وسلم أتم دلالة وأصدقها، وهي نوره الذي به أبصر المبصرون، وهداه الذي به اهتدى المهتدون، وشفاؤه التام الذي به دواء كل عليل، وطريقه المستقيم الذي من استقام عليه فقد استقام على سواء السبيل. أ.هـ.

 

والحكمة من تشديد العقوبة على الشواذ جنسيًّا أن هذا الشذوذ يهدم كليات الشريعة الخمسة التي جاءت الشريعة لحفظها، فهو يهدم مقصد حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، ولذلك جاءت العقوبة مشددة عدلاً من الله وحكمة من لدن حكيم خبير.

 

وكتب الطب حافلة بالأمراض الجسدية والنفسية والعقلية التي تصيب من مارس هذه العادة الخبيثة التي تأنف منها الحيوانات ولا يقبلها شرع ولا عقل.

 

والله تعالى أعلى وأعلم.

الرابط المختصر :