حكم وضوابط التضحية بالنفس لإنقاذ الآخرين

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
  • القسم : الحدود والجنايات
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 471
  • رقم الاستشارة : 2475
27/08/2025

هل إذا ضحيت بنفسى من أجل إنقاذ إنسان آخر من الموت (الغرق مثلا) أكون بذلك قد ارتكبت معصية إذا تيقنت أو غلب على ظني أني سأموت إذا أنقذته لأنه كما أعلم وقد أكون مخطئة إن حفظ الإنسان نفسه مقدم على حفظ حياة الآخرين وهل إذا كان هذا العمل جائز فهل هناك فرق إذا كان الإنسان الذى أنقذه مسلم أو كافر؟

الإجابة 27/08/2025

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فإنقاذ المسلم لأخيه المسلم خاصة، ولأخيه الإنسان عامة واجب شرعي إذا تعين عليه، وكان قادرًا على إنقاذه، وفي واقعة السؤال إن غلب على ظنه أنه سينقذه دون أن يهلك هو بالغرق أو الحرق أو غيره وجب عليه ذلك، ويأثم شرعًا إن لم يفعل، وإن غلب على ظنه أنه سيهلك سواء أنقذه أو لم ينقذه لم يجب عليه ذلك، فإن قام به إيثارًا لأخيه فنرجو له الأجر من الله تعالى.

 

ولا فرق بين أن تكون النفس مسلمة أو غير مسلمة، وإن كانت المسلمة أولى، إلا أن يكون غير المسلم محاربًا فدمه هدر، ونفسه غير معصومة.

 

يقول الله تعالى: ﴿مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ﴾ [المائدة: 32].

 

وعرفت الشريعة الإسلامية أيضًا ما يسمى بالجريمة السلبية وإن كانت لم تسمها بهذا المصطلح القانوني المعاصر، ولكنها سمتها الامتناع عن الفعل، فلو حضر المريض أمام الطبيب وامتنع عن علاجه حتى مات وكان قادرًا على علاجه يعامل معاملة القاتل العمد، وكذلك لو وجد سباح أو منقذ أحد الناس يغرق فتركه حتى مات غرقًا وكان قادرًا على إنقاذه يضمن ويعامل معاملة القتل العمد.

 

والجريمة السلبية في الشريعة الإسلامية هي الامتناع عن فعل واجب شرعًا، أو ترك ما أوجب الله على العبد فعله. وتعتبر هذه الأفعال جرائم يعاقب عليها الشرع، سواء كانت عقوبة حدية أو تعزيرية، بالإضافة إلى المسؤولية المدنية في التعويض عن الأضرار الناتجة عن هذا الترك.

 

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:

 

إذا استغاث المسلم لدفع شر وجبت إغاثته؛ لقول رسول الله ﷺ: (وتغيثوا الملهوف وتهدوا الضال)، وقوله عليه السلام: (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة)، وهذا إذا لم يخش المغيث على نفسه ضرًّا؛ لأن له الإيثار بحق نفسه دون حق غيره، وهذا في غير النبي ﷺ لقوله تعالى: ﴿النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم﴾. أما الإمام ونوابه فإنه يجب عليهم الإغاثة،, ولو مع الخشية على النفس؛ لأن ذلك مقتضى وظائفهم. انتهى.

 

والله تعالى أعلى وأعلم.

الرابط المختصر :