الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : الحدود والجنايات
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
298 - رقم الاستشارة : 2659
10/09/2025
أيهما أفضل وأولى للمسلم الاعتراف بالحدود أم التوبة والستر على النفس ؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فالأولى هو الستر والتوبة توبة نصوحًا، يقول النبي ﷺ "اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها، فمن ألم فليستتر بستر الله، وليتب إلى الله؛ فإنه من يبد لنا صفحته، نقم عليه كتاب الله عز وجل".
وإن أراد أن يتطهر من الذنب في الدنيا ويخرج من الذنب كمن لا ذنب له فليقم عليه الحد فالحدود كفارات، عن عبادة بن الصامت قال: كنا مع رسول الله ﷺ في مجلس، فقال: "تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا، ولا تزنوا، ولا تسرقوا، ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق، فمن وفّى منكم فأجره على الله، ومن أصاب شيئًا من ذلك فعوقب به، فهو كفارة له، ومن أصاب شيئًا من ذلك فستره الله، فأمره إلى الله إن شاء عفا عنه، وإن شاء عذبه".
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:
نص فقهاء المذاهب على أنه يجوز في الحدود الشهادة والستر، لكن الستر أفضل فيما كان حقًّا لله عز وجل، واستدلوا بقول النبي ﷺ: "من ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة"، وبقوله ﷺ: "لو سترته بثوبك كان خيرًا لك". واستثنوا من ذلك المتهتك الذي لا يبالي بإتيان المحظورات ولا يتألم لذكره بالمعاصي.
وقال الفقهاء: يقول الشاهد على السرقة: أخذ لا سرق إحياء للحق ورعاية للستر. وإذا طعن في الشهود يجوز أن يسأل عنهم القاضي جهرًا أو سرًّا على المفتى به عند الحنفية.
وقال المالكية : إن الشاهد مخير في الرفع إلى القاضي أو الترك إلا في الحدود فالترك فيها أولى لما فيه من الستر المطلوب في غير المتجاهر بفسقه وأما المجاهر فيرفع أمره. وكون الترك مندوبًا هو قول لبعض المالكية وفي المواق: ستر الإنسان على نفسه وعلى غيره واجب وحينئذ يكون ترك الرفع واجبًا.
ويقول الشيخ عطية صقر -رحمه الله تعالى- :
ننصح من يتورطون في جريمة عقوبتها الحد أو غيره، وبخاصة ما ليس فيها حق للعباد أن يستروا أنفسهم فلا يبيحوا بها، ولا يطلب أحد أن يُقام عليه الحد لتكفير خَطئه، فالتوبة النصوح أحسن وسيلة. وأوقع في عدم الوصمة للفرد والمجتمع بالانحراف. يقول النبي ﷺ: "من أصاب شيئًا من هذه القاذورات فليستتر بستر الله، فإن من أبدى لنا صفحته أقمنا عليه الحد" رواه مالك في الموطأ. ويقول في مبايعته لأصحابه على عدم الشرك والزنا والسرقة والقتل: "ومن أصاب شيئًا من ذلك فَسَتَرَه الله عليه فَأَمره إلى الله، إن شاء عفا عنه وإن شاء عذَّبه". (رواه البخاري ومسلم).
والله تعالى أعلى وأعلم.