الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : الحياة الزوجية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
105 - رقم الاستشارة : 2778
27/09/2025
السلام عليكم ورحمة الله..
أنا شاب متزوج منذ أقل من عام وزوجتي خرجت غاضبة لبيت أسرتها وأنا كنت أنتوي الذهاب لمصالحتها وإعادتها للبيت، لكنني فوجئت بكم رهيب من المنشورات اللاذعة والميمز الساخرة التي تنشرها عني وعن عائلتي دون أن تذكرنا بالاسم، لكن كل من حولنا يعرفون أنها تقصدنا (تصورني أني عديم الشخصية وابن أمه وتقول عن الحماة حرباية وكلام كثير فيه قلة أدب).
هي حامل وأنا أشعر بالنفور منها بعد ما نشرته، ولدي ديون لم تسدد بعد بسبب الزواج ولست مستعدًا لهذه الخسارة المادية أنا أشعر بالتردد والحيرة، فبما تنصحونني؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ابني الكريم، وأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في موقعك البوابة الالكترونية للاستشارات.
مشكلات العام الأول من الزواج هي مشكلات شائعة جدًّا ومنطقية أيضًا؛ لأنه مهما كانت علاقتكم قوية أثناء فترة الخطبة فإن الزواج أمر مغاير، فأنتما شخصان مختلفان مهما كان بينكما من توافق.. هناك تربية مختلفة.. تنشئة مختلفة.. طرق تفكير مختلفة.. أولويات مختلفة.. اهتمامات مختلفة، وحتى نجد صيغة توافقية مريحة بينكما فمن الوارد جدًّا أن يحدث الخلاف وقد يتطور لمشكلة لأن أدوات التعامل مع الخلاف بينكما مختلفة أيضًا.. هل رأيت الطفل الذي يتعلم المشي؟ كم مرة سقط وهو يحاول؟ كم مرة استند على الأشياء حتى يستطيع الحركة؟ أنتم قررتم السير في طريق معًا، ومن الطبيعي أنكما تتعلمان السير عليه وطبيعي أن يحدث السقوط المرة تلو المرة.
الخروج الغاضب
لكن الخلاف أو السقوط لا بد أن يكون في الحدود الآمنة التي لا تكسر شيئًا بينكما، وليس من ذلك في شيء خروج الزوجة غاضبة من البيت، فإما أنها خرجت بسبب خلاف ضخم أفقدها الأمان كالنساء المعنفات مثلا، وإما إنك طردتها من البيت وهذا بالتأكيد خط أحمر، وإما أنها خرجت من تلقاء نفسها بسبب خلاف محدود كان يمكن احتواؤه بينكما وبخروجها خرج لدائرة أوسع، إلا أنه وفي كل الأحوال يمثل خروج الزوجة من بيت الزوجية أو إخراجها دلالة غير جيدة بالمرة حتى لو وصل الخلاف للطلاق لم يكن عليها الخروج ولم يكن لك الحق في إخراجها ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ﴾.
على أي حال لا فائدة من البكاء على اللبن المسكوب وقد حدث الخروج بالفعل، وإنما أردت لفت انتباهك حتى تتجنبا ذلك في المستقبل إن شاء الله ويكون حل أي خلاف داخل البيت هو إحدى القواعد الثابتة لحل الخلاف.
والدتك وزوجتك
ابني الكريم، أنت لم تشرح لنا شيئًا عن سبب الخلاف بينك وبين زوجتك، ولكن بين السطور نلمح خلافًا بين زوجتك ووالدتك اتهمتك زوجتك على إثره أنك ضعيف الشخصية، والكلام الذي تم نشره على منصات التواصل الذي يتحدث عن "الحماة الحرباء وابنها" لا شك أنه كلام جارح مس كبرياءك، لكن وبشكل موضوعي ونزيه أريدك أن تفكر بعيدًا عن رد الفعل.. هل لهذا الكلام الجارح أصل أم لا؟ هل ظلمتها والدتك حقًّا؟ هل شكت لك وأنت لم تتجاوب مع شكواها؟ أو انتصرت لوالدتك رغم أنك تعرف أنها ظالمة وأنت تعتقد أن هذا هو بر الوالدين؟
ابني الكريم، فليكن معيارك الذي تحتكم إليه هو شرع الله عز وجل لا العادات ولا التقاليد وفي علاقة زوجتك ووالدتك احتكم إلى هذا المعيار.. معيار العدالة الشرعي، دع عنك ما يطلق عليه "العشم" ومثل هذه الأمور وأعط كل ذي حق حقه.
وسائل التواصل
اخطأت زوجتك بالفعل عندما لجأت لوسائل التواصل تلمح لطبيعة المشكلات والخلافات بينكما، والكثير من الناس يستخدم وسائل التواصل كلون من ألوان تفريغ الانفعالات، وبعضهم يكتب كما فعلت زوجتك دون إشارة لاسم أو هوية، على اعتبار أنه طالما أنك تأثرت فما تم نشره لمس دواخلك "يكاد المريب أن يقول خذوني"... بالتأكيد لا أبرر لها ولكن أشرح لك بعضًا من دوافعها خاصة لو كانت تشعر أنها قد تعرضت لظلم بيّن وقد تأخرت أنت في مصالحتها..
إلا أنه وفي كل الأحوال فإن استخدام وسائل التواصل في تصفية الحسابات وأخذ الحقوق هو كارثة، والشكوى على منصات التواصل كارثة أكبر، خاصة عندما يكون التلميح قويًّا أو عنيفًا وتكون الدائرة القريبة كلها شبه مجمعة أن هذه المنشورات هي رسائل من الزوجة للزوج أو العكس في حالات أخرى.
مشاعرك بالغضب أو النفور هي طبيعية أيضًا تمامًا، لكن المشاعر تناقش يا بني والأفكار الصحيحة تعدل مسار المشاعر الغاضبة وحتى المشاعر الغاضبة تقدر بقدرها.. الطلاق هو آخر الحلول التي ينبغي التفكير فيها وليس أول ما يتبادر إلى ذهنك.. ليس لأن زوجتك حامل وليس لأن عليك ديونًا ولا تحتمل المزيد من الخسائر المادية رغم أن هذه أسباب إضافية تدفعك لمزيد من التفكير العقلاني.. أنا لا أدعوك لحل يمس كبرياءك كرجل تم اتهامه بضعف الشخصية فيريد الرد بأعنف ما يستطيعه ألا وهو الطلاق وإنهاء هذه العلاقة وتصفيتها، فليس هكذا تحل الأمور، وليس هكذا تورد الإبل.
ما العمل؟
• تقبل مشاعرك الغاضبة أو النافرة فهي طبيعية تمامًا.
• ناقش مشاعرك بهدوء.. حجم الخطأ الذي ارتكبته في حقها والذي دفعها للخروج ودفعك للسعي وراء الصلح.. حجم الخطأ الذي ارتكبته هي بالنشر على مواقع التواصل.. حجم الألم الذي عانيت منه عندما قرأت ما تكتبه.
• لا يمكن النظر إلى النتيجة وغض الطرف عن السبب، ولا يمكن أن تحاسبها على رد الفعل وتتجاهل الفعل الذي تسبب فيه.
• استغفر الله كثيرًا؛ فالشيطان لا يسعده شيء أكثر من تغذية مشاعر النفور بين الزوجين.
• لا بد من الجلوس معها وجها لوجه وإجراء حوار ناضج بينك وبينها.. تعترف فيه أنت بالخطأ الذي ارتكبته في حقها أولاً وتطالبها فيه بالاعتذار عما بدر منها كرد فعل غير ناضج وغير مسئول.
• حوار ناضج بلا انفعالات زائدة أو اتهامات قاسية أو سخرية لاذعة أو نقد قاتل.. تركز فيه على مشاعرك وأفكارك، فهناك فارق بين أن تقول لقد جرحني ما تم نشره عني وبين أن تقول لها أنت شخصية جارحة ومستفزة بدليل ما كتبته.
• عودة الوئام التام بينك وبين زوجتك قد يستغرق بعض الوقت، وهذا أمر طبيعي ولا يمنع من الصلح؛ فالصلح يساعد على التئام الجروح سريعًا بينما البعد يلقي مزيدًا من الملح عليها.
• حل مشكلتك الحقيقية مع زوجتك من جذورها بدلا من الانشغال بردود الأفعال.. ابحث عن حلول واقعية لا تتعارض مع الشرع وتقضي على أصل الخلاف.. أسعد الله قلبك وأصلح لك زوجك، وتابعنا بأخبارك دائمًا.
روابط ذات صلة:
طلب المرأة الطلاق عن طريق وسائل الإعلام
لماذا غابت ثقافة الستر في العالم الافتراضي؟