الإستشارة - المستشار : أ. مصطفى عاشور
- القسم : قضايا إنسانية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
113 - رقم الاستشارة : 2722
18/09/2025
لماذا تغيب ثقافة الستر في العالم الافتراضي؟ ولماذا أصبح الكثير من الرواد في مواقع التواصل الاجتماعي يعشقون الفضح أو متابعة الفضائح؟ ما هي الأفكار التي تقف وراء تفشي هذه الظاهرة؟
غياب ثقافة الستر أزمة إنسانية؛ لأن تغييب الستر يوقظ الشهوات الرغبات، ومعه تنشط دواعي العنف والجريمة والحسد والبغضاء.
هناك تطبيع مع كشف الجسد فعلاً ومشاهدةً، فالبعض يكشف عن الجسد بقصد الإغواء، والآخر بقصد الإبهار لتناسقه وفتنته أو فتوته، والآخر من أجل التكسب.
ورغم ذلك هناك أصوات في الغرب ترفض التعري والتكشف، وترى أن الجسد "مقدس" يجب ألا يتعرى، وأن ما به من مفاتن وإثارة مصمم لمهمة محددة، وليس من الصواب إتاحة الجسد لأعين الناس، وإظهار ما يجب أن يُخفى، كما يحدث على الشواطيء بمختلف أنواعها، والتي منعت البعض منها روادها من ارتداء أي شيء، فكان ذلك قانونًا ضد الستر.
حذّر الدكتور عبد الوهاب المسيري من وجود أزمة كبيرة في الحضارة القائمة، تتلخص في أن التمييز بين الخير والشر قد انتهى، وأن انتشار العري هو نتاج لتحول مفهوم الإنسان في الحضارة الغربية ليصبح مادة استعمالية، ومع التحول وُجد "إنسان اقتصادي" يرتبط بالربح، و"إنسان طبيعي" يرتبط بالجسد، والجسد يعني العودة للحالة البدائية التي تتآكل فيها الأزياء لتنكشف العورات.
رهاب العري
العري يؤدي إلى تركيز مفرط على الجسد، وما يرتبط به من خصائص، وهذا يجرد الشخص من إنسانيته، وفي دراسة نفسية نشرت قبل عدة سنوات، أكدت أن العري يؤدي إلى تشييء الشخص، أي أن الآخرين ينظرون إليه كشيء مادي مجرد من الإنسانية، ومن ثم فالستر يصبغ على الجسد مفهوم الإنسانية، لأنه يأبى تشييء الإنسان.
وقد ظهر في الغرب تعبيرات فطرية ترفض العري وتخشاه، وظهر مصطلح "رهاب العري" أو "فوبيا العري" the fear of nudity، حيث تخشى بعض النساء من خلع ملابسهن في الصالات الرياضية والأماكن العامة، ولا شك أن ذلك نوع من التجاوب مع الفطرة التي تحبذ الستر، ورغم ذلك فإن البعض يرى أن تلك الرغبة في عدم التكشف والتعري هو "رهاب جنسي" وليس فطرة سليمة.
لكن الأخطر هو التكيف مع العري، واعتبار الستر نوعًا من التشدد أو مرضًا نفسيًّا، وظهر ما يُسمّى بالعري الجماعي، وأصبح أمرًا متوسعًا في الثقافة الغربية والمتأثرين بها عالميًّا، وبدأ الترويج لهذه الثقافة تحت عناوين مضللة تقول دراسات وأبحاث تؤكد فوائد التعري الجماعي، لكنها اشترطت أن يكون ذلك في بيئة آمنة، وهو شرط غريب ولن يتحقق لأن نداء الفطرة بين الرجل والمرأة في تلك الحالة له طغيانه الذي لا يقاوم.
لكن الأغرب أن من يطالبون بالتعري دعوا أن يشركوا الأطفال في التعري، وكأن ذلك توريث للفحش ووأد لصوت للفطرة في نفوس هؤلاء الأطفال الذين يطلعون على العورات المكشوفة وكأنهم يشاهدون شيئًا عاديًّا لا حرج فيه.
روابط ذات صلة:
أهمية ثقافة الستر في الإصلاح الاجتماعي