الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : الحياة الزوجية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
22 - رقم الاستشارة : 3056
26/10/2025
كيف أتعامل مع زوجي المدمن دون أن أخسره؟ زوجي مدمن حشيش، للأسف، تكلمت معه وحاولت أن أكون هادئة ومتفهّمة، لعلّ وعسى أن يُقلع عنه، وقبل بضع سنوات وجدت معه حبوب "ليريكا – بريغابلين"، وعندما واجهته أخبرني بأنها لصديقه لأنه يعاني من مرضٍ نفسي، فصدقته.
وبعد فترة أيضًا وجدتها مرة أخرى، ولجأ إلى الكذب والمراوغة قبل فترة وجدت حبوب كبتاغون بنية، وعندما واجهته أنكر بشدة، وبدأ يتذمّر ويقول إني أتجسّس عليه وأقتحم خصوصياته، عندها أخبرته بلهجة حازمة أني لا أريد أن أراها في منزلي مرة أخرى، فأنا لست مسؤولة عن أصدقائه.
قبل شهر وجدتها أيضًا في مكان مخبأة بطريقة جيدة وحصل نقاش بيني وبينه وحصل نقاش بيني وبينه، فسألته: "هل توجد مخدرات في منزلي؟" فقال: "نعم، ومالكِ شغل فيها"، وسكتُّ، ولم أوضح أني عرفت موقعها، وأصبحت أراقبها كل يوم هل تزيد أو تنقص، ونعم، كانت تنقص وتزيد كلما نقصت، أي إنه يستخدمها شبه يومي.كثرةُ خروجه لأصدقائه وبقاؤه بالساعات معهم زادت من شكوكي، وعندما يعود يكون بمزاج غريب، أنا الآن في حيرة من أمري، لا أستطيع حل هذا الموضوع، وكل يوم أبدأ بتحليل تصرفات زوجي منذ أن تزوجته حتى الآن، لنا خمس سنوات زواج.
ولدينا ابن أصبح كثير العصبية، مزاجيًّا ومتقلبًا، كثير الشك بي، وعند النقاش يقوم بفتح عينيه بقوة ويُغمضهما بحركة تلقائية متكرّرة، أصبح ينسى ما يقول، أو ما أقوله أنا، وكثرت الخلافات بيننا، عند أي مشكلة يسترجع جميع المشاكل السابقة، عصبي أيضًا على والديه، وأحيانًا يضرب ابني بقوة، وأنا متأكدة أنه ليس في كامل وعيه، لأن طبعه في الأساس الحنان.
أرجوكم ساعدوني، لا أريد أن أخسر زوجي، ولا أريد أن يُكتشف أمره ذات يوم فيخسر كل شيء، مع العلم أن والديه كبيران في السن، ولا أستطيع أن أخبر أحدًا من أهله أو من أهلي، مهما يكن، هذا والد ابني، ولا أريد أن يُقال ذات يوم: "والدك مدمن مخدرات"، كل ما أعرفه أني أريد أن أنقذه، وأن أعيش حياةً زوجية مستقرة.
أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك ابنتي الكريمة في موقعك البوابة الإلكترونية للاستشارات...
ما تصفينه صعب جدًّا، فمعايشة زوج مدمن هو أمر بالغ الصعوبة والقسوة.. يبدو لي من خلال سطور رسالتك أنك سيدة قوية الشخصية تمتلكين قدرًا كبيرًا من الإيثار والتضحية وترغبين في الخروج بزوجك من هذا المأزق دون أي خسائر، حتى أنك تخشين على والديه ألا يتحملا الخبر بسبب كبر سنهما وتحملت كل شيء وحدك خشية أن يتسرب الخبر الذي يسقطه أمام المجتمع؛ لأن الذي سيسقط ليس زوجك فحسب وإنما والد طفلك أيضًا.
طفلك الذي قد يتم التنمر عليه بسبب والده وهذا مجهود نفسي جبار منك، لذلك قبل حديثي عن زوجك ومشكلته الصعبة لا بد أن أحدثك عنك أنت حتى لا ينتهي بك الأمر لمرحلة الاحتراق النفسي تحت مطرقة الضغوط القاسية.
تجديد طاقتك
ابنتي الكريمة، أنت بحاجة لشحن طاقتك الروحية والإيمانية إلى الحد الأقصى حتى تستطيعي تحمل كل هذه الضغوط.. بحاجة لوقت لا تفكرين في هذه المشكلة وما يترتب عليها.. وقت تخلين فيه بربك وتتخففين فيه من الضغوط كلها.. ركعتين في جوف الليل.. جلسة استغفار وقت السحر.. جلسة هادئة قبل شروق الشمس وقبل غروبها تجلسين تذكرين الله عز وجل بقلبك ولسانك وتنشغلين بذلك عن الدنيا وما فيها من هموم ستشعرين وقتها بخفة في روحك ونشاط وحيوية في جسدك وستشعرين أنك قادرة تمامًا على الصمود في مواجهة هذه الفتنة وبقدرتك على التمسك بكف زوجك حتى يعبر هوتها السحيقة.
لا يعني هذا بحال أنك ستخوضين هذه المعركة وحيدة، فأنت بحاجة لكثير من دوائر الدعم حولك، ويأتي على رأس ذلك الدعم النفسي، فأنت بحاجة للتواصل مع متخصصين في الطب النفسي وعلاج الإدمان كي يرسموا معك ملامح خطة علاجية خاصة لو رفض هو العلاج، وهذا أمر محتمل وسأناقشه معك لاحقًا.
الطبيب المختص قد يساعدك في العلاج وسوف يوضح لك الخطوط الحمراء التي عليك أن تعرفيها؛ لأن سلامتك وسلامة طفلك هي أولوية.
من دوائر الدعم المهمة أيضًا المجموعات الخاصة بعائلات المدمنين المتعافين، فلديهم تجربة واقعية حية قد تلهمك وتساعدك على التعامل مع زوجك.. وإن لم يتيسر لك الانضمام لإحدى هذه المجموعات فهناك مجتمعات صغيرة لهم موجودة على الشبكة العنكبوتية.
من المهم أيضًا أن تأخذي بالأسباب المادية للنجاة فيكون لديك خطة بديلة إذا ساءت الأمور.. بدءًا من توفر مكان تذهبين إليه أنت وطفلك.. مبلغ مادي لا تقتربين منه يؤمن احتياحاتك أنت وطفلك لفترة من الزمن.. حقيبة معدة فيها ملابس كافية لك وله.. حقيبة صغيرة تحوي أوراقك المهمة، فالمدمن يا ابنتي قد يصل لمرحلة يفقد فيها السيطرة تمامًا، لذلك لا بد أن تكوني مستعدة.. أنت لا تريدين ذلك ولا ترغبينه بالتاكيد لكنه سيناريو وارد لا بد من الاستعداد له.
حماية طفلك
ابنتي الغالية، في سياق بحثك عن حل لمشكلة إدمان زوجك لا تهملي حماية طفلك ووضعه كأولوية، فمن ناحية تحدثي بلهجة قاطعة وحاسمة أنك لا تريدين مخدرات في البيت بسبب وجود الطفل، ومن ناحية ثانية لا تسمحي لزوجك بتعنيفه وضربه، وهذا سبب عصبية الطفل.. أبعديه عنه حتى يستعيد رشده.. أخبري الطفل أن والده مريض لذلك فهو عصبي وانفعالي هذه الأيام، وأكدي له أنه يحبه بشدة وأنها مسألة وقت ويشفيه الله عز وجل ويعود للتعامل معه وفقًا لحنانه السابق..
احرصي ألا يحدث حمل جديد في هذه الفترة العصيبة والحساسة فأنت غير مستعدة لذلك أبدًا، وزوجك بدلاً من أن يكون محورًا للدعم قد أصبح يمثل خطورة على الأطفال.. أقدر مشاعرك نحوه وأنك ترين فيه طبيعة أصلية حنونة، لكننا نتحدث في هذه اللحظة عبر معطيات الواقع وتعقيداته.
أنت وزوجك
نأتي الآن لقلب المشكلة كيف تواجهين زوجك؟ كيف تساعدينه وتدعمينه؟ كيف تساعدينه على العلاج والتعافي؟
زوجك -يا ابنتي- يتعاطى أنواعًا متعددة من المخدرات وهذا أمر بالغ الخطورة.. الكبتاغون مثلا يؤثر على المخ وعلى الجهاز العصبي فيسبب له هلاوس ويزيد لديه الشك الذي يعاني من آثاره، لذلك لا مناص من العلاج.. تحدثي إليه في وقت بعيد عن وقت التعاطي.. وقت تشعرين أنه أقرب للطبيعي.. لا تهاجميه ولا تصرخي في وجهه فهو سينكر ويرفض الحوار.. بل لا تحدثيه عن المخدرات والتعافي ربما لأنه يشعر باليأس وعدم القدرة عن الابتعاد عن المخدر...
تحدثي معه بهدوء وتعاطف (وأنت بالفعل تمتلكين الكثير من التعاطف نحوه)، قولي له إنه مرهق نفسيًّا، ما المانع من زيارة الطبيب النفسي، ولو قبل يكون هناك تنسيق بينك وبين الطبيب، ويكون لدى الطبيب تصور مسبق عن حالة زوجك وهو سيقوم باللازم.
في حال إصرار زوجك على الرفض والامتناع عن تلقي العلاج مع تكرار العرض عليه والتعبير عن خوفك وشفقتك عليه ورغبتك أن يرتاح وينام بعمق، يمكنك أن تبحثي مع الطبيب عن وضع خطة علاجية دون علمه فقد يجدي ذلك في سحب المخدر من الدم خاصة لو كان في مرحلة مبكرة من الإدمان، تلك المرحلة التي لا تحتم الحجز في مصحة علاجية حتى تنتهي أعراض الانسحاب...
فإن لم يجدِ هذا كله نفعًا فلا مناص من إخبار عائلته، فلا يصح أن تكتمي هذه الكارثة أكثر من ذلك، وفضيحة محدودة الآن أفضل من فضيحة مدوية غدًا، وتذكري أنه من الممكن أن يتم إجبار المدمن على العلاج عندما يكون البديل هو الموت.. زوجك بحاجة للعلاج الدوائي الذي لا يستمر طويلاً، لكنه بحاجة للعلاج النفسي لفترة لا تقل عن ٦ شهور وقد تصل لعام كامل، وعلى الرغم من ذلك فسيظل من الوارد أن يقع في الانتكاسة مرة أخرى فعليك أن تدركي أبعاد ذلك.
ابنتي الكريمة، كل الخيارات مفتوحة أمامك بما فيها خيار الطلاق، فلا تستبعدي أيًّا منهم فقرارك سيوقف بشكل كبير على مدى تجاوبه في العلاج، وإلا فأنت تظلمين نفسك وطفلك إن بقيتم في العراء تواجهون هذه العاصفة العاتية. أصلح الله لك زوجك، وحفظ لك ابنك وأسعد قلبك، وتابعيني بأخبارك دائمًا.
روابط ذات صلة:
ابني المدمن حوّل حياتنا إلى جحيم!!