الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : الحياة الزوجية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
118 - رقم الاستشارة : 2423
23/08/2025
السلام عليكم..
أود الاستشارة حول مشكلة حدثت بيني وبين زوجتي مؤخرًا، وأشعر بالندم على رد فعلي، لكنني لا أعرف كيف أصلح الأمر. ما حدث أننا ذهبنا للتسوق في أحد المراكز التجارية ....وعندما رأيت كمية المشتريات في عربة التسوق، انفعلت بشدة وأخذت أرمي بعض الأغراض خارج العربة أمام الناس!
زوجتي شعرت بإحراج شديد، وتدخل الموظفون لتهدئة الموقف.
أعلم أن تصرفي كان خاطئًا، لكنني كنت متوترًا بسبب ضغوط مالية مؤخرًا، وخفت أن ننفق أكثر من اللازم.
زوجتي الآن تشعر بأنني لا أثق بها، وأنا لا أعرف كيف أعتذر أو أتعامل مع الموقف. فما نصيحتكم؟
كيف يمكنني إصلاح ما حدث، ومنع تكرار مثل هذه المشاكل في المستقبل؟
وجزاكم الله خيرًا.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأهلاً وسهلاً بك أخي الكريم في موقعك البوابة الإلكترونية للاستشارات.
في البداية أريد أن أُعرب لك عن سعادتي لشجاعتك في تحمل الخطأ، فبينما يلجأ البعض للتبرير وتحميل الطرف الآخر الذنب ويعتبرون الخطأ الذي قاموا به مجرد رد فعل، أنت تعترف تمامًا بالخطأ، وأنه لم يكن يصح ما حدث.
وأيضًا أريد أن أحييك لاستبصارك بسبب مشكلتك وأنه التوتر بسبب الضغوط المادية وليس بسبب مصروفات زوجتك؛ لأنه لو لم يكن هناك توتر شديد داخلك لاستطعت أن تقول لزوجتك ببساطة: المشتريات كثيرة، وأخشى ألا تسمح الميزانية بها؛ لذلك أريد قبل أن نتحدث عن كيفية الاعتذار وكيف يمكنك أن تتجنب ما حدث أن نتحدث عن فن إدارة التوتر خاصة عندما يتعلق الأمر بالأمور المالية.
إدارة التوتر
أخي الفاضل، من الواضح أنك تعاني من تراكم التوتر منذ مدة، ربما منذ بدأت مشاكلك المالية، وهذا التوتر انفجر في لحظة فقمت بما قمت به أثناء التسوق، هنا لا بد من علاج هذا التوتر المتراكم.. بحاجة لإعادة إدارة حياتك ومواجهة مشكلاتك والبحث عن حلول عملية وخطوات صغيرة لحلها.
قد تكون مشكلاتك المادية ليست ضخمة ولكنها متكررة، وفي كل مرة تقع تحت وطأة مشكلة تشعر بالتوتر، ومع تكرار المشكلات أصبح التوتر جزءًا من طبيعتك الشخصية، ومع كل موقف يمثل ضغطًا حقيقيًّا أو متخيلاً (مثل ما حدث أثناء التسوق) يتفجر جزء من التوتر المتراكم في الداخل.
لذلك فالحل الأمثل هو مواجهة هذه الضغوط بصدق وشفافية، ثم البحث عن حل واقعي وتقسيم هذا الحل لخطوات صغيرة، وهذا يشعرك بالراحة الفورية كونك تجد خارطة طريق واضحة أمامك.. ولو أنك تحدثت مع زوجتك عن طبيعة المشكلة واستراتيجية الحل، فإن هذا يمثل لونًا جيدًا جدًّا من التفريغ الانفعالي الذي يحقق راحة فورية، بالإضافة إلى أنه يعمق علاقتك بزوجتك عندما تشاركها هذه التفاصيل الصغيرة بل ويجعلها تتحسن أكثر عندما تخرج للتسوق فهي مدركة لظروفك ومخاوفك.
لكن لو أنت لا تفضل مشاركة أحد لمشكلتك أو تخشى لو أخبرتها ببعض التفاصيل أن تفقد هي شعورها بالأمان، فلا تتحدث معها، ويمكنك أن تمارس التفريغ الانفعالي على الورق فتكتب وترسم ما تشعر به وما تعاني منه، فهي طريقة مجربة تساعد على التهدئة العميقة.
أما إذا شعرت بتوتر مفاجئ كما حدث أثناء التسوق.. إذا بدأت تشعر بضربات قلبك تزيد.. تعرق زائد.. ارتجاف اليدين، فيجب أن تتنبه لهذه العلامات المبكرة فتعمل على تثبيط هذه النوبة الانفعالية الناتجة عن التوتر، وأهم تقنية تساعدك على ذلك تقنية التنفس العميق، فهي مجربة كثيرًا وتحقق نتائج ممتازة، خذ شهيقًا عميقًا من أنفك وأنت تعد من واحد إلى أربعة، ثم احتفظ بالهواء محبوسًا في صدرك وعد من واحد إلى أربعة، ثم أخرجه ببطء شديد من أنفك أو من فمك وأنت تعد من واحد إلى ستة، وكرر ذلك ثلاث مرات فقط وستلاحظ نتيجة فورية.
كيف تعتذر؟
أخي الكريم، أنت تشعر من داخلك بالأسف لما حدث، وهذه المشاعر ستصل لزوجتك إذا رافقتها كلمات أسف صادقة وتعبيرات وجه حزينة ولغة جسد تشعرها بقيمتها لديك.. ربما تصمت ولا تتجاوب، لا بأس انتظر بعض الوقت وقدم اعتذارًا آخر يمكنك أن تعتذر لها بشكل عملي من خلال تقديم هدية بسيطة أو دعوتها لقضاء بعض الوقت في الخارج.. قل لها إنك على استعداد للذهاب لنفس متجر التسوق حتى تشتري كل ما تريده (طبعًا تكون مستعدًا ماديًّا)، فلربما بذهابك لنفس المتجر والحرص أن تتعامل معها برقي ولطف أمام العاملين فيه يقلل من مشاعر الإهانة التي تعرضت لها...
من الوارد جدًّا أن ترفض ولا ترغب بالذهاب لنفس المتجر مرة ثانية حتى لو من أجل تحسين صورتها، ولكن يكفيك تقديم العرض، فهذا يؤكد لها أنك تريد أن تقوم بأي عمل حتى تعتذر لها...
اشرح لها ما تعاني منه بطريقة مختصرة، وقدم ذلك كتفسير قد يساعدها على التجاوز (وقد تتعاطف معك) لا كتبرير يجعلها تشعر أنك من داخلك لست حزينًا بما يكفي لما حدث.
قد تقبل اعتذارك، لكن في داخلها ستظل تذكر ما حدث، ولا شك أن الزمن جزء من العلاج، وعدم تكرار ما حدث سيجعل أثر هذه الواقعة المؤسفة يخفت بالتدريج.
عدم تكرار ما حدث هو الهدف الذي ينبغي أن تعمل عليه، والحل الأمثل لذلك هو نزع فتيل التوتر المتراكم والتعامل بذكاء كما بينت لك مع التوتر اللحظي المفاجئ.
أيضا يساعدك على عدم تكرار ما حدث فتح قنوات حوار مع زوجتك، خاصة قبل الذهاب لأماكن قد تسبب التوتر واختلاف وجهات النظر كمراكز التسوق، بحيث يتم الاتفاق مسبقًا على الأشياء التي ترغبون في شرائها بدلاً من وقوع مفاجأة غير مرغوب فيها كما حدث من قبل، فمن الذكاء تجنب الأمور التي تسببت في المشكلة السابقة حتى لا تتكرر مسبقًا.
أسعد الله قلبك، وأصلح ما بينك وبين زوجتك، ورزقك الخير كله، وتابعنا بأخبارك دائمًا.