Consultation Image

الإستشارة 19/04/2025

هل كل كافر ليس بيننا و بينه عهد ولكنه مسالم يجوز قتله وإذا كانت الإجابة بلا فما تفسير الآية الكريمة: قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَىٰ ۖ وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا " المفسرون يقولون أن المفصود بالظلم الشرك أو الكفر فلماذا قال ذو القرنين أنه سيعذب من يشرك بالله لمجرد شركه أليس من المفترض بالإضافة إلى شركه أن يكون معتديا؟

الإجابة 19/04/2025

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فالآية موضع الاستدلال تدخل تحت ما يعرف في أصول الفقه بشرع من قبلنا، والاحتجاج به محل خلاف بين الفقهاء، فمنهم من قال: شرع من قبلنا ليس شرعا لنا، خاصة إذا وجد ما يعارضه، ومنهم من يقول: شرع من قبلنا لنا خاصة إذا وجد ما يؤيده، والخلاف هنا صوري أو شكلي.

 

أما قتل الكفار لكفرهم فقط فموضع خلاف بين الفقهاء أفرد له شيخنا العلامة القرضاوي له فصلاً كبيرًا من كتابه فقه الجهاد، وبعد أن عرض رأي الفقهاء والمفسرين القدامى والمعاصرين، خلص إلى أن الكفر وحده ليس موجبًا للقتل، ويمكننا أن نسالم الكفار ما سالمونا، ونحاربهم إن حاربونا.

 

ويستدل الشيخ – رحمه الله – بأدلة نوجزها فيما يلي:

 

1. دعوة الإسلام إلى السلم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} [البقرة:208]، وقد فُسِّر {السِّلْمِ} في الآية: بالموادعة وترك الحرب، كما فُسِّر بالإسلام وشرائعه كافَّة.

 

2. قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة:190]، فشرع قتال مَن قاتلنا، ومفهومه عدم قتال مَن لم يقاتلنا، ونهى عن الاعتداء ومنه قتال مَن سالم.

 

3. منعه - في سورة النساء - صراحة عن قتال مَن سالمنا، بقوله تعالى: {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً} [النساء:90]...

 

4. أمره سبحانه بالجنوح للسلم - حتى بعد وقوع القتال - إذا جنح لها العدو، وإن كان يريد الخداع، قال تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ} [الأنفال: 61، 62].

 

5. أمر الله تعالى لرسوله بالتولِّي والإعراض عن المشركين إذا لم يستجيبوا لدعوته، ولم يُؤمر بقتالهم؛ ففي سورة التوبة: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [الآية: 129]...

 

6. وضع دستور المسالمة والمحاربة في آيتين من سورة الممتحنة: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الممتحنة: 8، 9].

 

7. حديث الرسول المتفق عليه : "لا تتمنَّوا لقاء العدو، وسلوا الله العافية...".

 

8. قراءة صحيحة للسيرة النبوية ولغزوات الرسول ﷺ.

 

9. قراءة صحيحة لفتوحات المسلمين: أنها كانت ردًّا لعدوان، أو منعا لفتنة المؤمنين.

 

10. بيان أن عِلَّة القتال هي: الاعتداء والحِراب والفتنة في الدين. وليست مجرَّد الكفر، {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون:6].

 

11. فلسفة الإسلام في كسب الناس بالسلم، والدعوة بالحُجَّة الإقناع، والأسوة الحسنة.

 

والله تعالى أعلى وأعلم

الرابط المختصر :