الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : فقهية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
51 - رقم الاستشارة : 883
04/02/2025
نقيم في بلد أوروبي وحسبنا الله ونعم الوكيل في ذلك . من شدة خوفنا على أولادنا نجبرهم على الالتحاق بدورات تعلم الدين وتحفيظ القرآن . سؤالي هل الشاب أو الشابة المجبرون على الالتحاق بهذه الدورات لهم أجر وثواب على هذا؟ أرجو الإجابة على سؤالي وبارك الله فيكم وجزاكم خير الجزاء.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فحسنًا فعلتم، وحسنًا تفعلون في هذه البيئة الغريبة، وهذا واجب عليكم من باب كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته.
والطفل في هذه الحالة وإن كان ليس مكلفًا، لكنه يثاب هو ووالداه حتى لو حُمل على الطاعة حملاً؛ فقد أمرنا المعصوم صلى الله عليه وسلم أن نأمر أولادنا بالصلاة لسبع، وأن نضربهم عليها لعشر.
فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عَشْر، وفرّقوا بينهم في المضاجع" (رواه أحمد وأبو داود، وهو صحيح).
وروى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي ركبًا بالروحاء فقال: من القوم؟ قالوا: المسلمون. فقالوا: من أنت؟ قال: رسول الله. فرفعت إليه امرأة صبيًّا، فقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر.
وفي الصحيحين عن الربيع بنت معوذ في حديث صوم يوم عاشوراء... وفيه: ونُصوّم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار.
ويقول فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي – رحمه الله-:
إن الهجرة أحيانًا تكون مباحة وأحيانًا تكون فريضة إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يقيم شعائر دينه في بلده؛ فهنا جاءت الآية الكريمة {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُواْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا} [النساء: 97]، فهذه الهجرة ليست مجرد مباح بل هي أمر واجب على المسلم إذا وجد أرضًا تسعه وتسع دينه، ويستطيع أن يحتفظ فيها بدينه على الأقل في الشعائر والأشياء الأساسية.. يجب عليه أن يهاجر.
ولكن على المسلمين الذين يهاجرون في هذه البلاد عدة واجبات، ليست مجرد أنني أهاجر وانتهى الأمر، هناك للأسف مسلمون هاجروا إلى أستراليا وهاجروا إلى الأرجنتين، وهاجروا إلى أمريكا الشمالية، والجيل الأول ذهب تمامًا، ذاب في المجتمع، ومُحِيت هويته؛ لأنه لم يكن عنده معرفة بالإسلام ولا التزام جيد بالإسلام، وقد ذهب للرزق وللعيش فقط، وبعضهم تزوج من المجتمع وعاش وانتهى تمامًا، هذا لا يجوز.
وأهم هذه الواجبات هو الواجب الأول: أن يحافظ على شخصيته الإسلامية من أن تذوب في هذا المجتمع، وليس معنى هذا أن ينغلق عن المجتمع وينعزل عنه فهذه آفة أخرى، لا نريد للمسلم أن ينعزل وينغلق وينكفئ على ذاته ويترك المجتمع، ولا نريد منه أيضًا أن ينفتح انفتاحًا يُذيب شخصيته ويزيل الحواجز تمامًا.. لا، نحن نريد تماسكًا دون انغلاق وانفتاحًا دون ذوبان، هذه هي الوسطية التي نريدها لمن يعيش هناك.
والخلاصة أن العبرة في السفر إلى بلاد الغرب هي الأمن والطمأنينة على الدين.
والله تعالى أعلى وأعلم