23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

اعتكاف المرأة في مسجد بيتها

الإستشارة 08/01/2025

هل يجوز للمرأة أن تعتكف في البيت، وخاصة إن كان معها أطفال تخاف من تركهم ولا يمكنها اصطحابهم إلى المسجد؟

الإجابة 08/01/2025

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

الاعتكاف سنة عند أكثر أهل العلم في العام كله، وأوكد الاعتكاف ما كان في العشر الأواخر من رمضان، وإذا نذر المسلم الاعتكاف صار الوفاء به فرضًا، ويرى بعض العلماء جواز الاعتكاف مدة يسيرة في المسجد كساعة أو ساعتين بنية التقرب إلى الله تعالى.

أما اعتكاف المرأة في مسجد بيتها فمحل خلاف بين الفقهاء منعه الجمهور، وأجازه الحنفية، فإن تعذر ذهاب المرأة إلى المسجد فيسعها القول بالجواز.

وقد ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى عدم جواز اعتكاف المرأة في مسجد بيتها، مستدلين بقول الله تعالى: ﴿... وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ...﴾ (البقرة: 187).

وبالأثر الوارد عن ابن عباس رضي الله عنهما: "سئل عن امرأة جعلت عليها - أي نذرت - أن تعتكف في مسجد بيتها، فقال: بدعة، وأبغض الأعمال إلى الله البدع، فلا اعتكاف إلا في مسجد تقام فيه الصلاة"؛ ولأن مسجد البيت ليس بمسجد حقيقة ولا حكمًا. ولو جاز لفعلته أمهات المؤمنين ولو مرة، تبيينًا للجواز.

وذهب الحنفية إلى جواز اعتكاف المرأة في مسجد بيتها؛ لأن موضع الاعتكاف في حقها هو الموضع الذي تكون صلاتها فيه أفضل، كما في حق الرجل، وصلاتها في مسجد بيتها أفضل، فكان موضع الاعتكاف مسجد بيتها، وقال أبو حنيفة‏ والثوري‏:‏ لها الاعتكاف في مسجد بيتها وهو المكان الذي جعلته للصلاة منه واعتكافها فيه أفضل؛ لأن صلاتها فيه أفضل، وحكي عن أبي حنيفة‏ أنها لا يصح اعتكافها في مسجد الجماعة؛ ‏(‏لأن النبي-صلى الله عليه وسلم- ترك الاعتكاف في المسجد لما رأى أبنية أزواجه فيه وقال‏:‏ (آلبر تردن‏‏)،‏ ولأن مسجد بيتها موضع فضيلة صلاتها فكان موضع اعتكافها كالمسجد في حق الرجل.

وعلى المرأة إن كانت ظروفها تسمح بالاعتكاف في المسجد أن تذهب للمسجد خروجًا من الخلاف، ولأن المسجد مكان أفضل لانقطاع للعبادة والذكر، بخلاف البيت الذي لا يمكن أن يتوافر فيه روح المسجد، أما إن كان زوجها لا يسمح لها بالاعتكاف، أو لديها أطفال صغار تقوم على رعايتهم فيمكنها أن تعتكف في مسجد بيتها، ويكون الاعتكاف متقطعًا على رأي من يجيز ذلك من الفقهاء، حتى يمكنها أن تخرج من مكان مسجد بيتها إلى البيت كله، أو خارج البيت إن احتاجت لذلك.

ولتعلم المرأة أن قيامها بحقوق زوجها وأولادها إن أحسنت النية في ذلك ربما يقوم مقام الاعتكاف أو أكثر من الأجر، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله واسع عليم.

والله تعلى أعلى وأعلم.