23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

دعاء المسلمين الجدد بغير اللغة العربية

الإستشارة 10/01/2025

هل يجوز للمسلمين الجدد الذين لا يعرفون اللغة العربية الدعاء بلغتهم في الصلاة ؟

الإجابة 10/01/2025

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

فهذه مسالة خلافية بين الفقهاء وما نرجحه للفتوى جواز الدعاء بأي لغة يسهل عليه الدعاء بها، ويجد القلب حاضرًا، وعليه أن يتعلم بعض الأدعية المأثورة يدعو بها في صلاته باللغة العربية خروجًا من الخلاف.

والدعاء في الاصطلاح: الكلام الإنشائي الدال على الطلب مع الخضوع، ويسمى أيضًا سؤالاً.

وقد قال الخطابي: حقيقة الدعاء استدعاء العبد من ربه العناية واستمداده إياه المعونة، وحقيقته إظهار الافتقار إليه، والبراءة من الحول والقوة التي له، وهو سمة العبودية وإظهار الذلة البشرية، وفيه معنى الثناء على الله، وإضافة الجود والكرم إليه.

قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (البقرة: 186).

وروى أبو داود والترمذي بسندهما عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الدعاء هو العبادة". ثم قرأ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (غافر: 60).

وروى الترمذي بسنده من حديث سلمان ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "إن الله حيي كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين".

والله سبحانه وتعالى لا يكلف نفسًا إلا وسعها، والعبرة في الدعاء بحضور القلب والخشوع، فحيثما كان الخشوع وحضور القلب كانت الإجابة إن شاء الله، وعلى المسلم أن يتعلم دعاء مختصرًا باللغة العربية يدعو به أثناء الصلاة.

وقد اختلف الفقهاء في الدعاء بغير العربية في الصلاة، فقال الأحناف بالكراهة التحريمية في الصلاة والتنزيهية خارجها، وقد حرم المالكية الدعاء بغير العربية، أما الشافعية فقد فرقوا بين الدعاء بالمأثور وغيره فإن كان بالمأثور فقد ورد فيه ثلاثة أقوال أصحها: أنه يجوز بغير العربية للعاجز عنها، ولا يجوز للقادر، فإن فعل بطلت صلاته، وهو ما عليه الحنابلة.

أما خارج الصلاة ففي الأمر سعة، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن رجل دعا دعاء ملحونًا فقال: له رجل ما يقبل الله دعاء ملحونًا ؟ فأجاب:

من قال هذا القول فهو آثم مخالف للكتاب والسنة ولما كان عليه السلف، وأما من دعا الله مخلصًا له الدين بدعاء جائز سمعه الله وأجاب دعاءه، سواء كان معربًا أو ملحونًا.

والكلام المذكور لا أصل له؛ بل ينبغي للداعي إذا لم يكن عادته الإعراب أن لا يتكلف الإعراب. قال بعض السلف: إذا جاء الإعراب ذهب الخشوع.

وهذا كما يكره تكلف السجع في الدعاء فإذا وقع بغير تكلف فلا بأس به؛ فإن أصل الدعاء من القلب واللسان تابع للقلب.

ومن جعل همته في الدعاء تقويم لسانه أضعف توجه قلبه، ولهذا يدعو المضطر بقلبه دعاء يفتح عليه لا يحضره قبل ذلك وهذا أمر يجده كل مؤمن في قلبه.

والدعاء يجوز بالعربية وبغير العربية، والله سبحانه يعلم قصد الداعي ومراده وإن لم يقوم لسانه فإنه يعلم ضجيج الأصوات باختلاف اللغات على تنوع الحاجات أ . هـ.

والله تعالى أعلى وأعلم.