Consultation Image

الإستشارة 05/04/2025

بنتي في 3 إعدادي وأنا من الناس التي ترفض الختان، لكن حقيقي للأسف بنتي محتاجة هذه العملية وكشفت والدكتورة أكدت لي هذا الكلام، فأنا محتارة خايفة أظلمها لأنها بجد محتاجة تجميل؟؟؟ هل هناك رأي شرعي بذلك؟

الإجابة 05/04/2025

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فإن حكم ختان الإناث يدور بين الوجوب والندب والإباحة، ولم يقل أحد من الفقهاء إنه حرام، وما دامت الطبيبة المسلمة رأت أن ابنتك تحتاج إليه، فقد يقترب الأمر من الوجوب، خاصة لو تسبب عدم الختان لها في ضرر في الحال أو المآل، فلا ضرر ولا ضرار، والضرر يزال، وكونك لا تقبلين الختان فهذا مقبول في حالة عدم احتياج ابنتك إليه؛ فعليك بالأخذ بأسباب الحيطة، وبإجراء هذه العملية عند طبيبة مسلمة متخصصة حتى لا يطلع الرجل على عورة البنت وقد بلغت الحلم، وعلى الطبيبة أن تلتزم بالحد الأدنى الذي لا يؤذي البنت ولا يحرمها من الاستمتاع الحلال في المستقبل.

 

جاء في فتاوى مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ما يلي:

 

إذا أردنا أن نبيّن حكم الشريعة في ختان الإناث فلا بد من تقرير حقائق:

 

أولها: أن أهل العلم مجمعون على مشروعية ختان الأنثى، لكنهم مختلفون في درجة المشروعية بين قائل بالوجوب وهم الشافعية، وقائل بالسنية وهم الحنفية والمالكية، وقائل بالمكرمة وهم الحنابلة رحمة الله على الجميع، والمدار في ذلك على قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ﴾ [النحل: 123]، مع ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه: "الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظافر وقص الشارب"، ولم يفرّق بين الذكور والإناث.

 

ثانيها: أنه قد تتابعت فتاوى علماء الإسلام المعاصرين في القول بمشروعية ختان الإناث، ومن هؤلاء صاحب الفضيلة الأستاذ العلامة الشيخ حسنين محمد مخلوف مفتي الديار المصرية سابقًا في كتابه (فتاوى شرعيّة) 1/ 126 - 127 تحت عنوان (خفض البنات مشروع)، ومنهم الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه (فتاوى معاصرة) 443، ومنهم العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز المفتي العام في السعودية سابقًا، وذلك في (فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء) 5/119 - 120 - 121، والعلامة الشيخ الدكتور محمد مختار الشنقيطي في كتابه (أحكام الجراحة الطبيّة) 16، وانظر كذلك الموسوعة الفقهية 19/28.

 

ثالثها: بهذا يعلم أنه لم يقل أحد من أهل العلم المعتبرين في القديم ولا الحديث بالتحريم قط، بل الاتفاق قائم على المشروعية، والقول بالمنع قول محدث يروّج له من يريدون التلبيس والتدليس على الناس، لتحقيق مآرب خفية الله أعلم بها.

 

رابعها: إذا تبيّن ذلك عُلم أن فعله خير من تركه، وأنك -أيها السائل- لو فعلته فقد أتيت بأمر واجب أو مستحب وحصّلت في ذلك أجرًا عظيمًا إن شاء الله بحسب نيتك في اتباع السنة وتعظيم الشرع، والواجب عليك التحري عن الطبيبة الموثوقة الحاذقة التي تجري عملية الختان وفق الأصول الطبية، والضوابط العلمية التي تتم بها المصلحة وتنفي المفسدة.

 

خامسها: أن الختان المسمى بالفرعوني والذي يتم فيه إيذاء الأنثى بقطع أعضائها أو جزء منها لا يجوز إجراء جراحته، ولا تسليم الأنثى لمن يفعل بها ذلك؛ لأنه شرٌ كبير وضرره متفق عليه وليس فيه مصلحة البتة، وحسبك من فساده اسمه، قال تعالى: {وما أمر فرعون برشيد}.

 

ويقول فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي –رحمه الله–:

 

والخلاصة: أن أحدًا من الفقهاء لم يقُل: إنه حرام أو مكروه تحريمًا أو تنزيهًا. وهذا يدلُّ على المشروعية والجواز في الجملة عند الجميع.

 

وأن هذا الإجماع الضمني من الفقهاء من جميع المذاهب والمدارس الفقهية وخارجها: دليل على أن مَن فعل هذا الختان، على ما جاء به الحديث، (الذي حسَّنه قوم وضعَّفه آخرون)، الذي نصح الخاتنة بالإشمام وعدم النَّهك والإسراف: لا جُناح عليه، ولم يقترف عملا محرَّمًا.

فلا ينبغي إذن التشنيع على كل مَن قام بختان بناته (أو خفاضهن) على الوجه الشرعي، الذي جاء به الحديث، ولا يجوز تسمية ذلك بأنه "جريمة وحشية" تُرتكب في القرن الحادي العشرين! إلا ما كان منها متجاوزًا للحدود الشرعية المتَّفق عليها، وهي تتمثَّل في ثلاثة أشياء:

 

الأول: تجاوز الإشمام إلى النَّهك، أي الاستئصال والمبالغة في القطع، التي تحرِم المرأة من لذَّة مشروعة بغير مبرِّر. وهو ما يتمثَّل فيما يسمونه "الخفاض الفرعوني".

 

الثاني: أن يباشر هذا الختان الجاهلات من القابلات وأمثالهن، وإنما يجب أن يقوم بذلك الطبيبات المختصَّات الثقات، فإن عُدمن قام بذلك الطبيب المسلم الثقة عند الضرورة.

 

الثالث: أن تكون الأدوات المستخدمة مُعقَّمة وسليمة، وملائمة للعملية المطلوبة، وأن يكون المكان ملائمًا، كالعيادات والمستشفيات والمراكز الصحية. فلا يجوز استخدام الأدوات البدائية، وبطريقة بدائية، كما يحدث في الأرياف ونحوها.

 

فإذا روعيت هذه الأمور الثلاثة: لم نستطع أن نصف ختان الإناث بأنه حرام، ولا بأنه جريمة وحشية، ولا سيما إذا اقتضته حاجة قرَّرها الطبيب المختصُّ الذي يُرجع إليه في مثل هذا الأمر.

 

والله تعالى أعلى وأعلم

الرابط المختصر :