23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة 14/02/2025

هل التعامل مع البنوك فيما يخص القرض والاقتراض مع الزيادة المحددة  يعد من الربا ؟ وهل هذا موضع إجماع أم أن القضية خلافية تحتمل الرأي والرأي الآخر؟

الإجابة 14/02/2025

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فلقد حُسمت مسألة التعامل مع البنوك أخذًا أو إعطاءً عن طريق الفوائد الربوية المحددة سلفًا، وتواترت الفتاوى على مستوى الأفراد أو مستوى المجامع الفقهية المعتبرة على تحريم الفوائد الربوية أخذًا أو إعطاءً، ولم يخالف في ذلك إلا عدد قليل من العلماء.

 

وهذا اختلاف غير سائغ لأن الذي أفتى بالجواز لا سند له في مقابلة المجامع الفقهية على مستوى العالم.

 

فقد أفتى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر في ستينيات القرن الماضي، ومجمع الفقه بجدة، والمجمع الفقهي بمكة، والمجلس الأوربي للبحوث والإفتاء، وغير ذلك من المجامع الدولية والمحلية بحرمة التعامل مع البنوك في القرض أو الاقتراض بفائدة، سواء كانت محددة أو غير محددة، قلية أو كثيرة.

 

كذلك أفتى جمهور الفقهاء المعاصرين من أمثال: الدكتور يوسف القرضاوي والشيخ الغزالي والشيخ الشعراوي وغيرهم الكثير بحرمة التعامل مع البنوك في القرض والاقتراض بفائدة.

 

ولم يشذ عن ذلك إلا عدد قليل ممن تولى دار الإفتاء المصرية أو مشيخة الأزهر، مثل: الدكتور محمد سيد طنطاوي، والدكتور علي جمعة، والدكتور أحمد الطيب وغيرهم.

 

هذا وقد قُدِّمت عدة أبحاث عن هذه المُعاملات ونُوقَشَت في المؤتمر الثاني لمجمع البحوث الإسلامية المُنْعَقِد في سنة 1385هـ "1965م"، والذي ضم ممثلين ومندوبين عن خمس وثلاثين دولة إسلامية، وانتهى قراره إلى ما يأتي:

 

1. الفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرَّم، لا فرق في ذلك ما يُسَمَّى بالقرض الاستهلاكي وما يسمى بالقرض الإنتاجي؛ لأن نصوص الكتاب والسنة في مجموعها قاطعة في تحريم النَّوْعَيْن.

 

2. كثير الربا وقليله حرام، كما يُشير إليه الفَهْم الصحيح لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران: 130].

 

3. الإقراض بالربا محرَّم لا تُبِيحه حاجة ولا ضرورة، والاقتراض بالربا محرم كذلك، ولا يرتفع إثمه إلا إذا دعت إليه الضرورة، وكل امرئ متروك لدينه في تقدير ضرورته.

 

4. أعمال البنوك من الحسابات الجارية وصرْف الشيكات وخطابات الاعتماد والكمبيالات الداخلية التي يقوم عليها العمل بين التجارة والبنوك في الداخل كل هذا من المعاملات المَصْرِفِيَّة الجائزة، وما يُؤْخَذ في نظير هذه الأعمال ليس من الربا.

 

5. الحسابات ذات الأجل وفتح الاعتماد بفائدة وسائر أنواع الإقراض نظير فائدة كلها من المعاملات الربوية، وهي محرمة.

 

6. أما المعاملات المصرفية المتعلِّقة بالكمبيالات الخارجية فقد أُجِّل النظر فيها إلى أن يَتِم بحثها. "في المؤتمر الثالث المنعقد في رجب 1386هـ "أكتوبر 1966م" جاء في البند الثاني من موضوع التأمين والمعاملات المصرفية ما نصه: "يُقَرِّر المؤتمر أن الكمبيالات الخارجية قد تَبَيَّن بعد الدراسة أنها في واقعها لا تخرج في حكمها عن الحكم في الكمبيالات الداخلية من جوازها شرعًا. عدا ما قد يكون فيها من الربا، فإنه محرم شرعًا، وعدا ما يتصل بها من التأمين الذي لم يُسْتَنْبَط حكمه بعدُ".

 

7. ولما كان للنظام المصرفي أثر واضح في النشاط الاقتصادي المُعاصر، ولما كان الإسلام حريصًا على الاحتفاظ بالنافع من كل مستحدَث مع اتِّقاء أوزاره وآثامه فإن مجمع البحوث الإسلامية بصدَد درس بديل إسلامي للنظام المصرفي الحالي، ويدعو علماء المسلمين ورجال المال والاقتصاد إلى أن يتقدَّموا إليه بمُقْتَرَحاتهم في هذا الصدد. "في المؤتمر السادس للمجمع المنعقد في المحرم سنة 1391هـ "مارس سنة 1971م" جاء في البند السابع عشر من قراراته وتَوْصِيَاته:

 

* الدعوة إلى إنشاء مصرِف إسلامي يخلو من "المحظورات الشرعية"، وقد وُجِدت بعض هذه المصارف فنرجو لها المزيد والتوفيق.

 

* ثم قرَّر المؤتمر الثاني نفسه أن استثمار المال الخاص وما يُتَّبَع فيه من الطرق حق خالص لصاحب المال، على أنه إذا سلك في هذا مسلكًا يؤدي إلى ضياع المصلحة العامة وجب على ولي الأمر أن يتدخل ليمنع الضرر وليَصُون المصلحة العامة بطريق لا عُدوان فيه على الحق المشروع لصاحب المال.

 

قرار مجمع الفقه التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي

 

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي في دورة انعقاد مؤتمره الثاني بجدة من 10 - 16 ربيع الثاني 1406هـ، الموافق 22 – 28 ديسمبر 1985م..

 

بعد أن عرضت عليه بحوث مختلفة في التعامل المصرفي المعاصر وبعد التأمل فيما قدم ومناقشته مناقشة مركزة أبرزت الآثار السيئة لهذا التعامل على النظام الاقتصادي العالمي، وعلى استقراره خاصة في دول العالم الثالث.

 

 وبعد التأمل فيما جرَّه هذا النظام من خراب نتيجة إعراضه عما جاء في كتاب الله تعالى من تحريم الربا جزئيًّا وكليًّا تحريمًا واضحًا بدعوته إلى التوبة منه، وعلى الاقتصار على استعادة رءوس أموال القروض دون زيادة أو نقصان قل أو كثر، وما جاء من تهديد بحرب مدمرة من الله ورسوله للمرابين.

 

 قرر:

 

أولا: أن كل زيادة (أو فائدة) على الدَّين الذي حل أجله وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله، وكذلك الزيادة (أو الفائدة) على القرض منذ بداية العقد: هاتان الصورتان ربًا محرم شرعًا.

 

ثانيًا: أن البديل الذي يضمن السيولة المالية والمساعدة على النشاط الاقتصادي حسب الصورة التي يرتضيها الإسلام - هي التعامل وفقًا للأحكام الشرعية - ولا سيما ما صدر عن هيئات الفتوى المعنية بالنظر في جميع أحوال التعامل التي تمارسها المصارف الإسلامية في الواقع العملي.

 

ثالثا: قرر المجمع التأكيد على دعوة الحكومات الإسلامية إلى تشجيع المصارف الإسلامية القائمة، والتمكين لإقامتها في كل بلد إسلامي لتغطي حاجة المسلمين كيلا يعيش المسلم في تناقض بين واقعه ومقتضيات عقيدته.

 

والله تعالى أعلى وأعلم