الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : فقهية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
267 - رقم الاستشارة : 767
22/01/2025
ذهبت إلى أحد البنوك الإسلامية فعلمت من الموظف مقدار العائد الثابت الذي سأحصل عليه مقدما من خلال فتح دفتر التوفير أو الادخار عندهم، فهل يجوز هذا ؟ وإن كان يجوز فما الفارق بين البنوك الإسلامية والربوية؟
حكم تحديد الربح مسبقا لدى بعض البنوك
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فالبنوك الإسلامية لديها هيئة رقابة شرعية، ويفترض أنها تقوم بمراجعة كافة العقود والتصرفات حتى لا تقع في الربا ولا في أي محرم، أو مخالفات شرعية تبطل العقود أو تفسدها.
وبالتالي لا يمكنها تحديد مقدار العائد مسبقًا، ولكن الذي حدث مع السائل يمكننا تفسيره على أحد الأوجه التالية:
الوجه الأول: أن يكون الموظف قد ذكر للسائل نسبته في الربح، بمعنى أن يقول البنك للعميل سنقتسم ما يرزقنا الله به من ربح مناصفة أو أكثر أو أقل، وهذا شرط جائز باتفاق الفقهاء في المضاربة وعدم تحديد نسبة الربح بين العميل والمضارب يفسد المضاربة.
الوجه الثاني: أن يكون الموظف قد ذكر هذا الرقم بناء على ما تم في الأعوام الماضية فيقول مثلا في السنوات الماضية كانت نسبة الربح 10% أو أكثر أو أقل، وغالبًا ما يكتب هذا في بعض البنوك أن البنك حقق أرباحًا في العام الماضي كذا، من باب الدعاية وحث المستثمرين على التعامل مع البنك.
الوجه الثالث: معظم البنوك تصرف دفعات كل ثلاثة أشهر أو ستة أشهر تحت حساب الربح والخسارة ثم تسوى هذه النسبة بين البنك وبين المستثمر في نهاية العام، ويعطى له الزيادة ويخصم منه العجز.
أما إن كانت بعض البنوك تحدد مقدار الربح مقدمًا فهذا هو عين الربا، سواء أكان من البنوك الإسلامية أم غير الإسلامية.
وقد عرض مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي لهذه المسألة في دورته الرابعة عشرة، فكان قراره فيها كالتالي:-
من المقرر أن عقد القرض بفائدة يختلف عن عقد المضاربة الشرعية، حيث إن الربح للمقترض والخسارة عليه في القرض، أما المضاربة فهي مشاركة في الربح، وتحمل للخسارة إن وقعت، لقوله صلى الله عليه وسلم: "الخراج بالضمان" (رواه أحمد وأصحاب السنن بسند صحيح). أي: ما يتحصل من عوائد ونماء وزيادات إنما يحل لمن يتحمل تبعة التلف والهلاك والتعيب، وقد استخلص الفقهاء من هذا الحديث القاعدة الفقهية المشهورة: (الغنم بالغرم). كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن ربح ما لم يضمن (رواه أصحاب السنن).
وقد وقع الإجماع من الفقهاء على مدى القرون وفي جميع المذاهب بأنه لا يجوز تحديد ربح الاستثمار في المضاربة وسائر الشركات بمبلغ مقطوع، أو بنسبة من المبلغ المستثمر (رأس المال) لأن في ذلك ضمانًا للأصل وهو مخالف للأدلة الشرعية الصحيحة، ويؤدي إلى قطع المشاركة في الربح والخسارة التي هي مقتضى الشركة والمضاربة.
وهذا الإجماع ثابت مقرر إذ لم تنقل أي مخالفة له، وفي ذلك يقول ابن قدامة في المغني (3/34): أجمع من يحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض (المضاربة) إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة. والإجماع دليل قائم بنفسه.
وإن المجمع وهو يقرر ذلك بالإجماع يوصي المسلمين بالكسب الحلال وأن يجتنبوا الكسب الحرام طاعة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
والله تعالى أعلى وأعلم