Consultation Image

الإستشارة 23/04/2025

هل يجب على المرأة شديدة الجمال أن تنتقب؟

الإجابة 23/04/2025

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فمن رحمة الله علينا وعلى الناس أجمعين أنه جعل الأحكام الفقهية متعلقة بأسباب مادية ملموسة يعرفها الناس جميعًا، والجمال نسبي، فقد تكون المرأة جميلة إذا قورنت ببعض النساء وغير جميلة إذا قورنت بغيرهن، وقد تكون جميلة في مكان وغير جميلة في مكان آخر، وقد تكون جميلة في نظر رجل أو بعض الرجال وغير جميلة في نظر البعض الآخر.

 

وبالتالي لو قلنا النقاب فرض على كل امرأة جميلة فكيف نقيس الجمال، ومَن مِن النساء ترضى ألا تكون جميلة؟ وهل الجمال هو جمال الوجه أو جمال الخلق والسلوك؟ والشريعة عندما كلفت المسلم لم تكلفه بالمستحيل، أو الصعب الذي لا يمكن فعله، أو الشيء الذي لا يمكن قياسه ولا ضبطه.

 

أما حكم النقاب فمحل خلاف عند الفقهاء القدامى والمعاصرين، فيرى جمهور الفقهاء أنه ليس فرضًا ولا واجبًا، ولهم أدلتهم، ويرى البعض ومنهم الحنابلة أنه واجب ولهم أدلتهم، وما نرجحه للفتوى هنا أن النقاب ليس فرضًا وقد يكون مستحبًا في زمان أو مكان معين، وقد يكون مباحًا في مكان آخر.

 

يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي – رحمه الله - في فتوى مشابهة:

 

قد اختلف العلماء في مسألة النقاب ـ من فقهاء ومفسرين ومُحدِّثين ـ قديمًا، ولا يزالون مختلفين إلى اليوم.

 

وسبب الاختلاف يرجع إلى موقفهم من النصوص الواردة في الموضوع ومدى فهمهم لها، حيث لم يَرِدْ فيه نَصٌّ قطعيٌّ الثبوت والدِلالة، ولو وُجِدَ لحُسِمَ الأمر.

 

فهم مختلفون في تفسير قوله ـ تعالى ـ: {ولا يُبدِينَ زِينتهُنَّ إلا ما ظَهَرَ منها} (النور: 31).

 

فرَوَوا عن ابن مسعود أنه قال: (إلا ما ظهر منها): الثياب والجلباب، أي الثياب الخارجية التي لا يُمكِن إخفاؤها.

 

ورووا عن ابن عباس أنه فَسَّر: (ما ظهر منها) بالكُحل والخاتَم، ورُوي مثلُه عن أنس بن مالك، وقريب منه عن عائشة، وأحيانًا يُضيف ابن عباس إلى الكُحل والخاتم: خِضابُ الكَفِّ، أو المُسْكَة ـ أي السِّوار ـ أو القُرط والقِلادة، وقد يُعبر عن الزينة بموضعها، فيقول ابن عباس: رُقعة الوجه وباطن الكف، وجاء ذلك عن سعيد بن جبير وعَطاء وغيرهما، بعضهم جعل بعض الذراع مما ظهر منها.

 

وفَسَّر ابن عطية ما ظهر منها: أنه ما انكَشفَ لضرورة، كأن كَشَفَتْه الريح أو نحو ذلك..

 

وهم مختلفون في تفسير قوله ـ تعالى ـ: {يا أيها النبي قُل لأزواجِك وبناتِك ونِساءِ المؤمنينَ يُدْنينَ عليهنَّ مِن جَلابيبهنَّ، ذلك أَدْنَى أن يُعرفْنَ فلا يُؤذَينَ، وكان اللهُ غفورًا رحيمًا} (الأحزاب: 59).

 

ما المراد بإدناء الجلابيب في الآية الكريمة؟ فرووا عن ابن عباس نقيضَ ما رُوي عنه في تفسير الآية الأولى!!

 

ورووا عن بعض التابعين ـ عبيدة السلماني ـ أنه فسر الإدناء تفسيرًا عمليًّا بأن غَطَّى وجهَه ورأسه، وأبرز عينه اليسرى!! ومثله عن محمد بن كعب القرظي، وخالفهما عِكرمة مولى ابن عباس: فقال: تُغطِّي ثغرة نحرها بجلبابها، تُدنيه عليها.

 

وقال سعيد بن جبير: لا يَحِلُّ لمسلمة أن يراها غريب إلا أن يكون عليها القناع فوق الخمار وقد شَدَّتْ به رأسها ونَحْرَها.

 

وأنا ممن يُرجِّحون أن الوجه والكفين ليسا بعورة، ولا يَجب على المسلمة تغطيتُهما، وأرى أن أدلة هذا الرأي أقوى من الرأي الآخر.

 

ومعي في هذا الرأي كثير من علماء هذا العصر، مثل الشيخ ناصر الدين الألباني في كتابه (حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة)، وجمهور علماء الأزهر في مصر، وعلماء الزيتونة في تونس، والقرويين في المغرب، وغير قليل من علماء باكستان والهند وتركيا وغيرها.

 

والله تعالى أعلم وأعلم

الرابط المختصر :