23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة 03/02/2025

لليهود دور كبير في التاريخ من قبل الإسلام ومن بعد الإسلام، وتحدَّث القرآن عنهم بأنَّهم أفْسدوا وسيُفسدون، وقال "وإنْ عدْتُم عدْنا"، فما الصفات التي وصفهم بها القرآن؟ وهل يوصفون بها الآن؟

الإجابة 03/02/2025

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فقد ذكر القرآن الكريم بني إسرائيل عامة، واليهود خاصة في القرآن الكريم أكثر من أي أمة أخرى، فمدحهم عندما كانوا يستحقون المدح، وذمهم عندما كانوا يستحقون الذم، ولم يبخسهم ولا غيرهم من الأمم حقهم، ولم يسكت عن مخالفاتهم.

 

يقول فضيلة الشيخ عطية صقر - رحمه الله- :

 

القرآن الكريم حدَّد الشخصية الأخلاقية لليهود، وتحدَّث عنهم في إنصاف، فمدحَهم حين يستحقون المدح، وذمَّهم حين يمارسون ما يُذَمون عليه، وكان ذمهم طاغيًا على مدحهم؛ لِمَا جُبِلُوا عليه من أخلاق، وما قاموا به من تصرُّفات مُنْكَرة، فمما ورد في مدحهم قوله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الكِتَابَ وَالحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى العَالمِينَ) [سورة الجاثية: 16] أي على عَالمِي زمانهم.

 

ومن أخلاقهم المذمومة ما يأتي:

 

1. الكذب على الله، قال تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [سورة آل عمران: 75]، (وَقَالتِ اليَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ) [سورة المائدة: 64]، (قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء) [سورة آل عمران: 181]، (وَقَالتِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ) [سورة المائدة: 18].

 

2. التمرُّد على الله، قال تعالى: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً) [سورة المائدة: 13]، وهو ميثاق مع الله بالصلاة والزكاة والإيمان بالرسل ومساعدتهم والقرْض الحسن.

 

3. التمرد على الرسل، قال تعالى: (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً) [سورة البقرة: 55]، (كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ) [سورة المائدة: 70]، (قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ) [سورة المائدة: 24].

 

4. الجدال والمراء، قال تعالي: (وَقَال لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّي يَكُونُ لَهُ المُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أحَقُّ بِالمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ المَال) [سورة البقرة: 247]، (قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّك يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا) [سورة البقرة: 70].

 

5. كتمان الحق والتضليل، قال تعالى: (وَلا تَلْبِسُوا الحَقَّ بِالبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [سورة البقرة: 42]، (يَلْوُونَ ألسِنَتَهُمْ بِالكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الكِتَابِ) [سورة آل عمران: 78].

 

6. النفاق، قال تعالى: (وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُون) [سورة البقرة: 14]، (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَاب..) [سورة البقرة: 44].

 

7. إيثار المنفعة الشخصية والأنانية الطاغية، قال تعالى: (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمْ اسْتَكْبَرْتُمْ..) [سورة البقرة: 87]، (لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ..) [سورة آل عمران: 75].

 

8. حبُّ الشَّرِّ لِلنَّاسِ وَالسَّعْيُ في إفسادهم، قال تعالى: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ) [سورة البقرة: 109].

 

9. كراهية الخير لغيرهم، قال تعالى: (إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا..) [سورة آل عمران: 120]، (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهًمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ..) [سورة النساء: 54].

 

10. الكِبْر والتعالي على الناس، قال تعالى حكاية عنهم: (نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) [سورة المائدة: 18]، (ألمْ تَرَ إِلَى الذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ..) [سورة النساء: 49]، (لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ..) [سورة آل عمران: 75].

 

11. الاستغلال والانتهازية، قال تعالى: (وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَال النَّاسِ بِالبَاطِلِ) [سورة النساء: 161]، (أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ..) [سورة النساء: 42].

 

12. عدم الأدب في الخطاب، قال تعالى: (مِنَ الذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِألسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدَّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعَ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إلا قَلِيلا) [سورة النساء: 46].

 

13. سهولة القتل عندهم وسفك الدماء حتى مع الأنبياء، قال تعالى: (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ) [سورة البقرة: 61].

 

14. قسوة القلب وجمود العاطفة، قال تعالى: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَة) [سورة البقرة: 74].

 

15. عدم الوفاء بالعهود، قال تعالى: (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ) [سورة البقرة: 100].

 

16. تَبَلُّدُ حِسِّهِم وموت ضميرهم الأدبي، قال تعالى: (كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ) [سورة المائدة: 79]، (تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ) [سورة المائدة: 80].

 

17. التَّحايُلُ على المخالفة، قال تعالى: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُم فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) [سورة البقرة: 65]. ويفسِّر ذلك قولُه تعالى: (إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شَرْعًا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ) [سورة الأعراف: 163].

 

18. الجُبْنُ، قال تعالى: (لأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ. لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إلا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) [سورة الحشر: 13- 14]، (لا طَاقَةَ لَنَا اليَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهْ) [سورة البقرة: 249]، (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاٍة) [سورة البقرة: 96].

 

19. البخل، قال تعالى: (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ المُلْكِ فَإِذًا لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا) [سورة النساء: 53]، (وَالذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ اليمٍ) [سورة التوبة: 34].

 

20. تحريف الكتب المقدَّسة، قال تعالى: (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا) [سورة البقرة: 79]، (مِنَ الذِينِ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ) [سورة النساء: 46].

 

21. استباحة الكفر في سبيل تحقيق أغراضهم، قال تعالى: (ألمْ تَرَ الى الذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الذِينَ آمَنُوا سَبِيلا) [سورة النساء: 51]، (تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الذِينَ كَفَرُوا) [سورة المائدة: 80].

 

هذه صورة من أخلاق اليهود المذمومة كما وصفها القرآن الكريم. تمرَّدوا على تعاليم اليهودية السماوية، واستبدلوا بها تعاليمَ أخرى زعموا أنها أفضل من التوراة "التِّلْمود"، ومن أجل هذا لَفظَتْهم كلُّ الدول التي يَحِلُّون بها، وتاريخ طردهم من بلاد أوروبا مسطَّر في الكتب، ويؤكد خبثَ نيَّتهم ما تركَّز أخيرًا في صورة بَشِعَة هي الصهيونية بأساليبها الوحشية المعروفة.

 

وإذا كان الله سبحانه قد ضرب عليهم الذِّلة والمسكنة، وباءوا بغضب من الله، بما اتصفوا به من أخلاق، فما ظلَمهم، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون. وإذا كان الله قد تأذَّن ليَبعَثَنَّ عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب، فذلك يُعطينا الأمل في نصر الله لنا على المعتدين والمحتلين منهم، إن نصرناه بالإيمان القويِّ والتَّسلُّح بكل سلاح مادي ومعنوي، مع وحدةٍ تجمع الكلمة وعملٍ للصَّالح العام.

 

والله  تعالى أعلى وأعلم.