الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : فقهية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
31 - رقم الاستشارة : 926
08/02/2025
نسمع كثيرًا عن جهاد الكفار بالمال.. فما حقيقة هذا الجهاد؟ وما حكمه؟ وما أهميته؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فالمراد بالجهاد الاقتصادي هو بذل المال في إعانة المجاهدين وأهلهم، أو مقاطعة أعدائهم مقاطعة اقتصادية حتى لا نعينهم على قتل المظلومين.
والجهاد بالمال إن أحسنا استعماله وتفعيله لا يقل بحال من الأحوال عن الجهاد بالنفس، بل قد يكون في بعض الأوقات والأحول مقدم عن الجهاد بالنفس نظرًا لحاجة المسلمين إليه.
يقول الأستاذ الدكتور حسين شحاتة أستاذ المحاسبة بجامعة الأزهر – رحمه الله:
بعد أن حِيل بيننا وبين الجهاد بالنفس، فعلينا الجهاد الاقتصادي، ومن أسلحته: التضحية بالمال لتمويل شراء السلاح وللإنفاق منه على شئون الجهاد والمجاهدين الأخرى، ومن أسلحته كذلك المقاطعة الاقتصادية والتي تهدف في المقام الأول إلى إضعاف اقتصاد العدو الصهيوني والصليبي ومن على شاكلتهم وتقوية اقتصاد الأمة العربية والإسلامية حتى لا تكون عالة على أعدائها، ويضاف إلى ذلك الإضرار بالمصالح الاقتصادية للعدو بكافة الوسائل وتدميرها وتحريض العاملين في كل مكان على عدم التعاون معه.
أهمية الجهاد بالمال:
ويأخذ حكم الجهاد الاقتصادي حكم الجهاد بصفة عامة فهو فريضة شرعية وضرورة عقائدية ولقد جاء مقترنًا بالنفس في العديد من الآيات، منها قول الله ـ عز وجل ـ في وصف المؤمنين: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ} [الحجرات: 15]. وقولـه ـ عز وجل ـ في سورة الصف: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ} [الصف: 10-13].
ويؤكد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على الجهاد بالمال بقولـه: "من جهز غازيًا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا" (أخرجه الشيخان)، كما حذّر- صلى الله عليه وسلم- المتخاذلين المترددين عن التضحية من أجل نصرة دين الله بالعذاب الشديد فقال – صلى الله عليه وسلم ـ: "ومن لم يغز ولم يجهز غازيًا أو يخلف غازيًا في أهله بخير أصابه الله تعالى بقارعة قبل يوم القيامة" (متفق عليه)، وإذا كان الكافرون والمشركون والصليبيون واليهود… ينفقون أموالهم للاعتداء على الإسلام، فعلى المسلمين أن ينفقوا أموالهم في سبيل الله لحماية المسلمين، ولقد أشار الله إلى ذلك في سورة الأنفال فقال: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [سورة الأنفال: 36]، وحث الله المؤمنين بالإنفاق في سبيل الله فقال - عز وجل: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [سورة البقرة: 261].
والله تعالى أعلى وأعلم