23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة 30/01/2025

قام أحد الأطباء بإجراء عملية جراحية لقريب لي نتج عنها وفاة المريض بعد خروجه من غرفة العمليات، فما الواجب علي الطبيب من وجهة نظر الشريعة الإسلامية ؟ هل تجب عليه الدية فقط، أم يقتص منه؟ أم لا يجب عليه قصاص ولا دية؟

الإجابة 30/01/2025

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فالطبيب إذا كان متخصصًا مأذونًا له في ممارسة المهنة لا يضمن إلا في حالة التقصير أو التعمد، والتقصير أو الخطأ يوجب التعويض، والتعمد يوجب القصاص.

 

وقد تكلم في مسألة ضمان الطبيب الفقهاء القدامى والمعاصرون، وجل اعتمادهم على حديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "مَن تَطبَّب ولم يعلم منه الطب قبل ذلك فهو ضامِن".

 

يقول ابن القيم في زاد المعاد: إن الطبيب الجاهل إذا تعاطَى علم الطب وعمله ولم يتقدم له به معرفة فقد هجم بجهله على إتلاف الأنفس وأقدم بالتهوُّر على ما لم يعلمه فيكون قد غرّر بالعليل فيلزمه الضمان لذلك وهذا إجماع من أهل العلم، فإذا تولَّد من فعله التلف ضمن الدِّية وسقط عنه القَود، لأنّه لا يستبدُّ بذلك بدون إذن المريض.

 

ثم يقول: الطبيب الحاذِق الذي يعطي الصنعة حقَّها ولم تجن يده فتولد من فعله المأذون من جهة الشارع ومن جهة من يطبه ـ يعالجه ـ تلف العضو أو النفس أو ذهاب صفة هذا لا ضمان عليه اتفاقًا، فإنّها سراية مأذون فيه، ووضع قاعدة تقول: سراية الجناية مضمونة بالاتفاق، وسراية الواجب مُهدرة بالاتفاق وما بينهما ففيه النزاع .أ.هـ.

 

أما القصاص فلا يكون على الطبيب إلا إذا تعمد قتل المريض، وثبت ذلك بإقراره أو شهادة العدول، فيعاقب معاقبة القاتل العمد، أما الخطأ فإن كان ناتجًا عن أسباب قهرية من طبيب حاذق يراعي أصول المهنة، ويأخذ كل التدابير اللازمة، فلا شيء عليه، فإن أهمل أو لم يكن حاذقًا في هذه المهنة فيضمن دية ما أتلف سواء كان التلف للنفس أو لعضو من أعضاء المريض.

 

وقد عالج موضوع ضمان الطبيب مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته الخامسة عشرة بمسقط (سلطنة عُمان) من 14 إلى 19 المحرم 1425هـ، الموافق 6 – 11 آذار (مارس) 2004م،

 

قرر ما يأتي: ضمان الطبيب:

 

(1) الطب علم وفن متطور لنفع البشرية، وعلى الطبيب أن يستشعر مراقبة الله تعالى في أداء عمله، وأن يؤدي واجبه بإخلاص حسب الأصول الفنية والعلمية.

 

(2) يكون الطبيب ضامناً إذا ترتب ضرر بالمريض في الحالات الآتية:

أ - إذا تعمد إحداث الضرر.

ب- إذا كان جاهلاً بالطب، أو بالفرع الذي أقدم على العمل الطبي فيه.

ج- إذا كان غير مأذون له من قبل الجهة الرسمية المختصة.

د- إذا أقدم على العمل دون إذن المريض أو مَن يقوم مقامه.

ه- إذا غرر بالمريض.

و- إذا ارتكب خطأ لا يقع فيه أمثاله ولا تقره أصول المهنة، أو وقع منه إهمال أو تقصير.

ز- إذا أفشى سر المريض بدون مقتضى معتبر.

ح- إذا امتنع عن أداء الواجب الطبي في الحالات الإسعافية (حالات الضرورة).

 

(3) يكون الطبيب -ومَن في حكمه- مسؤولاً جزائيًّا في الحالات السابق ذكرها إذا توافرت شروط المسؤولية الجزائية فيما عدا حالة الخطأ (فقرة و) فلا يُسأل جزائيًّا إلا إذا كان الخطأ جسيمًا.

 

(4) إذا قام بالعمل الطبي الواحد فريق طبي متكامل، فيُسأل كل واحد منهم عن خطئه تطبيقاً للقاعدة "إذا اجتمعت مباشرة الضرر مع التسبب فيه فالمسؤول هو المباشر، ما لم يكن المتسبب أولى بالمسؤولية منه". ويكون رئيس الفريق مسؤولاً مسؤولية تضامنية عن فعل معاونيه إذا أخطأ في توجيههم أو قصر في الرقابة عليهم.

 

(5) تكون المؤسسة الصحية (عامة أو خاصة) مسؤولة عن الأضرار إذا قصّرت في التزاماتها، أو صدرت عنها تعليمات ترتب عليها ضرر بالمرضى دون مسوغ.

 

والله تعالى أعلى وأعلم