23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة 10/02/2025

ما المراد بالهدي، وأيهما أفضل ذبح الحاج للهدي أم توكيل الجمعيات في ذلك؟

الإجابة 10/02/2025

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فسواء ذبح الحاج بنفسه أو وكّل غيره فكل ذلك مباح ويجزئه إن شاء الله، لكن نظرًا للعدد الكبير هذه الأيام فقد يكون التوكيل أيسر وأقرب لمقاصد الشريعة وحكمتها من الذبح، حيث يذبح في أماكن معدة لذلك وينقل الفائض منه خارج الحرم لمن هو أشد احتياجًا إليه.

 

ويراد بالهدي: ما يُهدى إلى الحرم من الإبل والبقر والغنم، وهو نوعان:

 

- هدي التطوع: هو الذي يتقرب به إلى الله دون سبب ملزم اقتداء بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم، فقد روى البخاري بسنده عن رسول الله ـ صلى الله عليه ـ وسلم أنه "أهدى في حجة الوداع مائة بدنة".

 

ويستحب لمن قصد مكة بحج أو عمرة أن يهدي هديًّا من الأنعام وينحره هناك، ويفرقه على المساكين الموجودين في الحرم.

 

- الهدي الواجب: وهو ثلاثة أصناف:

 

1- هدي واجب للشكر: هو الهدي الواجب على المتمتع والقارن، فهو عند الحنفية دم واجب شكرًا لله تعالى على أن وفّقه لأداء النسكين في سفر واحد.

 

2- هدي واجب للجبران: وهو الهدي الواجب لجبر الخلل الواقع في الحج أو العمرة، من جزاء جناية من الجنايات أو دم إحصار.

 

3- هدي النذر: وهو ما يُنذره الحاج للبيت الحرام.

 

مكان ذبح الهدي:

 

اتفق الفقهاء على أن دماء الهدي - عدا الإحصار حيث يذبح مكان الإحصار - يختص جواز إراقتها بالحرم، ولا يجوز ذبح شيء منها خارجه، لقوله تعالى في جزاء الصيد: (هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ) [المائدة: 95]. وقوله تعالى: (ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) [الحج: 33].

 

ولقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم بسنده: "نحرت هاهنا، ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم"، وقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبوداود بسنده: "كل فجاج مكة طريق ومنحر".

 

ونص الحنفية على أن مكان ذبح الهدايا بما فيها دم المحصر الحرم، فلا يجوز ذبح الهدايا إلا في الحرم واحتجوا بقول الله تعالى: (وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) [البقرة: 196]، ولو كان كل موضع محلا للذبح لم يكن لذكر المحل فائدة.

 

وعند المالكية أن ما وقفه بعرفة من الهدي في جزء من الليل لا ينحره إلا في منى أيام النحر على المعتمد، فإن فاتت تعينت مكة أو ما يليها من البيوت، فإن ذبحه بمكة أيام منى جاهلاً أو متعمدًا فروى سحنون عن ابن القاسم في المدونة أنه يجزئه، وعندهم أن ما لم يوقف بعرفة أو وقف في غير الليل فمحله مكة، ولو عطب قبل أن يبلغ مكة لم يجزئه لأنه لم يبلغ محله، وليست منى محله.

 

وأفضل بقاع الحرم للنحر عند الشافعية والحنابلة في حق الحاج منى، وفي حق المعتمر مكة.

 

وفي المبسوط من كتب الحنفية: أن السنة في الهدايا في أيام النحر منى، وفي غير أيام النحر الأولى بمكة.

 

وعند المالكية: أن الأفضل في حق الحاج منى عند الجمرة الأولى، وأن الأفضل في حق المعتمر عند المروة (ينظر الموسوعة الفقهية 42 / 231 وما بعدها، 252 وما بعدها).

 

هذا ما كتبه فقهاؤنا الأجلاء، وهو لا شك يناسب زمانهم ومكانهم حيث يأتي بضع آلاف أو يزيد قليلا لينحروا في هذا المكان، ويأكل الفقراء، فتتحقق الحكمة من الذبح، أما الآن وقد بلغ الحجاج عدة ملايين فإن تكليف هذا العدد بالذبح في هذا المكان سيؤدي إلى مشقة بالغة، سواء على الذابح، أو على أهل المكان الذي سيتلف فيه اللحم ويؤدي إلى كارثة ـ لا قدر الله ـ وبالتالي استحدثت الجمعيات التي تقوم بالذبح نيابة عن الحجاج داخل الحرم، ثم تقوم بحفظ هذه اللحوم ونقلها خارج الحرم لمن لا يجد ثمن هذه اللحوم، فيتحقق من ذلك فائدتان:

 

الأولى: هو التيسير في أداء النسك.

 

والثانية: الانتفاع بهذا الكميات الضخمة من اللحوم ونقلها إلى بلاد المسلمين الذين تكثر عندهم المجاعات.

 

وبالتالي نرى أن الأفضل في ذبح الهدي هو التبرع بقيمته للجمعيات التي تقوم بذبحه داخل الحرم ثم نقلها خارجه بعد أن يكتفي الفقراء القريبون من الحرم.

 

والله تعالى أعلى وأعلم