الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : فقهية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
40 - رقم الاستشارة : 919
08/02/2025
لعلكم سمعتم عن موضوع المقاطعة هذه الأيام خاصة بضائع الكيان المحتل الغاصب وكل من يعينه من دول على المستوى الإقليمي أو المستوى الدولي، فما حكم الشرع في هذه المقاطعة؟ بعض الناس يقولون إنها من باب تحريم ما أحله الله فهل هذا صحيح ؟
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فالأصل في معاملة غير المسلمين الجواز، وإنما أتى المنع هنا بسبب حربهم وبغيهم وظلمهم، وليس المنع بسبب كفرهم كما يتصور بعض الناس، وهذا أضعف الإيمان، وهو من الجهاد بالمال عن طريق الامتناع فقط، وما أيسره، ونبدأ بالسلع التحسينية غير الضرورية التي تتوافر بدائلها عند المسلمين، أو غير المسلمين المحاربين.
بالإضافة إلى ذلك أن هذه البضائع والمنتجات صُنعت بأموال وعلى أرض مغصوبة وبيع المغصوب والمسروق حرام شرعًا.
يقول فضيلة العلامة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي – رحمه الله -:
هذا السؤال يسأل عن التعامل مع طائفتين من أهل الكتاب: اليهود والنصارى.
أما عن الطرف الأول: اليهود؛ فلا يجوز التعامل معهم بأي حال من الأحوال؛ لأنهم جميعًا عسكريون محاربون للإسلام وأهله، احتلوا أرضنا، وداسوا مقدساتنا، واعتدوا على حرماتنا، ولا زالوا يمارسون اعتداءهم ليل نهار، وفي شأنهم قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الممتحنة: 9].
ويقول صلى الله عليه وسلم: "قاتلوا الكفار بأيديكم وأموالكم وألسنتكم"، ونحن لا نملك الجهاد بالسلاح الآن، خاصة أننا يُحال بيننا وبينه، فلم يبق معنا أي سلاح إلا المقاطعة، فوجب على المسلمين مقاطعة اليهود اقتصاديًّا وثقافيًّا وسياسيًّا، وكذلك مقاطعة المحاربين من أهل الكتاب كالصرب والأمريكان المعتدين، والهندوس، وكل من حارب الإسلام أو أعان على حربه، إلا من اضطر من أهل فلسطين المحتلة.
أما الطرف الثاني وهم النصارى: فإن كانوا محاربين كالصرب وغيرهم كما قلنا فهؤلاء يقاطعون، وأما من كانوا مسالمين غير محاربين، فلا شيء في الاستيراد منهم والتصدير لهم، بشرط أن تكون التجارة فيما أحل الله لا مما حرم، وذلك مصداقًا لقوله تعالى: ﴿لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوَهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8].
والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتعامل مع الكفار بالبيع والشراء ما داموا غير محاربين له ولدينه. أ. ه.
وأضاف فضيلة الشيخ محمد الحسن الددو بُعدًا آخر بهذا الحكم الشرعي، وهو أن هذا المال الذي يأتي من الأرض المحتلة عن طريق المحتلين هو مال مغصوب، وبيع وشراء المغصوب حرام شرعًا باتفاق الفقهاء.
والله تعالى أعلى وأعلم