الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : أسرية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
262 - رقم الاستشارة : 636
10/01/2025
أنا فتاة أبلغ من العمر عشرين عاما تمت خطبتي منذ شهرين على ابن خالتي الذي له أكثر من عامين يحاول التقدم لي وأنا كنت أرفض الأمر لأني كنت أنتظر أن يتقدم لي من هو أفضل منه.. ابن خالتي لا شيء معين يعيبه لأرفضه وفي الوقت ذاته ليس مميزا في شيء هو مجرد شاب عادي وكنت أطمح أن أتزوج من شاب أكثر وسامة.. أعلى في درجة التعليم.. له وظيفة مرموقة بينما ابني خالتي شخصا متوسطا في كل شيء حتى في الطموح.. طيلة العامين الماضيين لم يتقدم لي أحد غيره وعندما ألمحت لي خالتي أنها تنتظر ردا أو ستبحث عن عروس أخرى وافقت مضطرة والتردد لم يفارقني وأنا أخشى أن أكون ظلمت نفسي.. طيلة شهري الخطبة لم تتوقف المشاحنات بيننا وأشعر أنه يريد فرض رأيه علي دائما.. يتصل علي بينما أنا مشغولة في الدراسة بينما يقضي يوم عطلته بصحبة أصدقائه.. المشكلة الأخيرة والتي أكتب لكم بخصوصها أنه يرفض أن أضع صوري على مواقع التواصل الاجتماعي بينما حسابي خاص لا يراه إلا صديقاتي وتشاجرنا بشدة أنا لا أريد تركه ولكن أريد طريقة أستطيع بها فرض رأيي عليه.. أريده من البداية أن يعلم أن لي كلمة مسموعة وأخشى أن أتنازل من أول مشكلة فيصبح تنازلي هو الأصل ويعتاد على ذلك.. ما العمل؟ رنا.. مصر
ملخص الرد:
الأمان والطمأنينة هما الركائز الأساسية لاختيار زوج المستقبل، وهذه المشاعر مرتبطة بتدين الخاطب وخلقه، وإذا توفرت هذه الركائز فهذا يكفي، ولا ينبغي الانتظار للبحث عن فرصة أفضل.. أيضا لا بد من تصور ناضج للزواج وفهم حكمة التشريع الإسلامي من منح الزوج مكانة القوامة وما يترتب على ذلك من مسؤوليات ملقاة على عاتقه.
ابنتي الحبيبة رنا، يبدو لي من رسالتك إنك ما زلت في مرحلة التردد والحيرة وأنك لم تقتنعي بشخصية خطيبك بعد على الرغم من إعلان خطبتكما منذ شهرين.. تعلمين أن الخطبة ما هي إلا وعد بالزواج وهي أهم فترة للتعارف والاستكشاف وكثيرًا ما تشكو الزوجات في المستقبل أن فترة الخطبة مرت كحلم وردي جميل ثم تكشفت مساوئ الطرف الآخر تدريجيًّا بعد الزواج ونجد مشكلات من نوعية (تغير معي بعد الزواج) و(كيف أستعيد علاقتنا كما كانت أثناء فترة الخطبة) ونحو ذلك.
أما أنت فتقولين إنه على مدار هذين الشهرين لم تتوقفا عن الشجار والمشاحنات وهذه علامة ليست صحية بالتأكيد؛ فهل يا ترى السبب وراء ذلك أنكما لا تملكان الحد الأدنى من الانسجام، أم السبب أنه لا يعجبك لأنك كنت تتمنين الأفضل، أم السبب أن لديك خللاً ما في تصور العلاقة بين الرجل والمرأة.. دعينا نتناقش:
تقولين إنك ترغبين في استمرار الخطبة وفي الوقت ذاته لا ترين في خطيبك ميزة ما (ولا عيبًا أيضًا). وبالطبع لك مطلق الحرية في ترك شخص لا تنجذبين له، ولكن عليك أن تعرفي أن الفتاة لا تختار خطيبها بناء على ما يمكن أن نطلق عليه (بورصة زواج) فكل سهم صاعد قد يكون هناك سهم أفضل منه؛ فدائمًا سيكون هناك الأكثر وسامة وثراء والأشد جاذبية وما يحول بينك وبين ذلك أن هذا الخاطب ابن الخالة هو السهم الوحيد المتاح حتى الآن وأن خشيتك من فقده هو ما جعلك توافقين به...
لا تغضبي مني إذا كانت كلماتي تحمل بعض الحدة، أنا فقط أحاول ترجمة كلماتك بدون تجميل أو رتوش.. ويا ابنتي الحبيبة ليس هكذا يتم اختيار الأزواج؛ ففي الزواج نبحث عن الأمان والطمأنينة وأن يكون هذا الشخص يستحق أن أقضي معه بقية عمري؛ فهل تشعرين نحوه بهذه المعاني أم لا، وثقي أن أهم ركائز الأمان والطمأنينة هذه الدين والخلق؛ لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه).
دعيني إذن أشرح لك باستفاضة أكبر التصور الصحيح للعلاقة بين الرجل والمرأة فالرجل هو القوام، أي المسئول الأول الراعي، هو القائد في هذه العلاقة، وإن كنت تستشعرين أنه لا يصلح لهذا الدور فلا تستمري، أما إن كنت تستشعرين أنك ترفضين قيامه بهذا الدور وأن ذلك لون من الحجْر على شخصيتك وإرادتك وتسلط وقهر وكل مفردات القاموس النسوي؛ فأنصحك بمحاولة إصلاح أفكارك هذه فأنت ما زلت صغيرة للغاية، ولعل هذه المفاهيم وصلت وتسربت لعقلك عن طريق الدراما والسينما ونحو ذلك ولا أظنها رؤية توصلت لها بناء على قراءة وبحث مثلا.
يقول الله عز وجل {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} (النساء: 34)، والقوامة لا تعني القهر والاستبداد وما إلى ذلك من معان مشوهة تم إلصاقها بها بل هي القيادة الراشدة القائمة على الشورى، وعلى الفتاة أن تقبل بهذه القوامة كجزء أساسي من رؤية دينها الشاملة للزواج، فإن كنت تشعرين في قرارة نفسك برفض فكرة القوامة فعليك مراجعة أفكارك والقراءة والبحث أكثر حول هذه النقطة المحورية..
بالطبع هناك ركائز أخرى في الزواج، ولكنني تحدثت معك باستفاضة حول هذه النقطة؛ لأنك ختمت استشارتك بالبحث عن طريقة لفرض رأيك عليه...
أما بالنسبة لمشكلة وضع صورك الشخصية فلا أظنه طلب ذلك إلا بدافع الغيرة عليك وليس تسلطًا أو قهرًا، ويمكنك أن تناقشيه بهدوء لتوضيح أن حساباتك مغلقة ونحو ذلك...
والله يكتب لك الخير، وتواصلي معنا لو أن لديك شكوكًا أو شبهات عن تصورات الإسلام للزواج حتى تصلي لما يطمئن إليه قلبك.