وعليكم السلام ورحمة الله، أختي الكريمة، وأهلاً ومرحبًا بك على بوابة استشارات المجتمع.. وكل عام وأنت وأسرتك بألف خير (فاللهم بلغنا رمضان يارب).

 

في البداية أريد أن أقول إن مشكلتك هذه هي مشكلة كثير من السيدات في رمضان، حيث تحولت سُنة إطعام الطعام وإفطار الصائم لعزومة باهظة التكاليف المادية.. باهظة في الوقت المبذول فيها.. باهظة في تبعاتها من تنظيف وترتيب وفي حالتك مشاجرات أيضًا.. وفي مشكلتك باهظة في الخسائر الدينية والإيمانية حتى إنك ترتكبين كبيرة من الكبائر، وهي ترك صلاة العصر من أجل إعداد الطعام، وخيرًا فعلت بالاستشارة قبل بداية الشهر الفضيل حتى نبدأ معًا في التخطيط لقضاء رمضان مميز رغم أنف العزومات.

 

غاليتي، دعيني أصارحك بأمر قد يكون صادمًا بعض الشيء، وهو أن النساء هن في الغالب السبب فيما يعانين منه؛ لأن الزوجة تريد أن يقال عنها "ست بيت شاطرة"؛ فزوجك يطلب إعداد طعام للإفطار، لكن أنت ترين أن هذا الطعام مرآة لك في عيون المدعوين فتتفننين في إعداد الوجبات الثقيلة والمرهقة وتعددين الأصناف من الوجبات الرئيسية والجانبية والمقبلات والحلويات و.. و.. ولو أنك أعددت طعامًا عاديًّا كالذي تتناولونه كل يوم ولكن بكميات أكبر لكان الأمر أيسر عليك.

 

                                                أفكار خارج الصندوق

 

غاليتي، أنت تفكرين في واحد من أمرين أن تُلغي العزومات تمامًا بحيث يتوفر لك الوقت والجهد الكافيان للعبادة، وإما أنك ستجبرين على العزومة وتريدين أن "تشرفك" أمام أهل زوجك؛ فما رأيك أن نفكر في طريق ثالث خارج الصندوق يمكننا أن نطلق عليه عزومة كريمة ولكنها بسيطة.. ترتكز هذه الطريقة على عدة أسس:

 

                                             أسس إيمانية

 

ـ تصحيح النية وأنك تأخذين أجر إفطار صائم.

 

ـ احتساب جهدك لإرضاء زوجك وإكرام أهله.

 

ـ أن تنتوي وتقرري ألا يلهيك أي عمل عن الصلاة على وقتها ولا يستطيع أي إنسان أو زوجك أن ينتقدك في وضع الصلاة على رأس أولوياتك.. إذا أذن الأذان فأمامك مهلة قصيرة جدًّا حتى إقامة الصلاة، فإذا أقيمت الصلاة أطفئي موقدك وغادري عملك وأقيمي صلاتك.

 

ـ استغلي وقتك في المطبخ للاستماع للقرآن الكريم أو بعض البودكاست الذي يرفع طاقتك الإيمانية.

 

                                           أسس حياتية

 

ـ استقبلي ضيوفك بالترحاب وبوجه بشوش فهذا أهم أسس كرم الضيافة.. تذكري الأجر الذي ستحصلين عليه مقابل إكرام الضيف وإفطار الصائم، ومن ثم اسعدي من قلبك ولا تحملي همًّا فهذا سينعكس تمامًا على استقبالك لأهل زوجك وسيصل إلى قلوبهم أكثر من كل ما يقدم إليهم.

 

ـ لا تتكلفي ما لا تطيقين.. البساطة سر الحياة الناجحة.. أعدي طعامًا عاديًّا.. أعدي طعامًا سهلاً.. تذكري أن إفطار الصائم ليس مناسبة للتنافس وإبراز القدرات، بل إن الرغبة في المباهاة قد تخدش نيتك التي أخلصتها لله.

 

ـ استغلي الأيام المتبقية من شعبان في تجهيز وإعداد بعض الطعام الذي يصلح للتفريز فستحتاجين إليه مع الوقت المضغوط والإنترنت مليء بوصفات التفريز.

 

ـ لو ظروفك المادية تسمح فاشتري الآنية التي يعد فيها الطعام مرة واحدة.. فستوفر عليك كثيرًا من وقت تنظيف الصحون بعد ذلك.

 

ـ استعدي قبل يوم كامل من العزومة في التجهيز بحيث توفرين وقتك وجهدك في اليوم التالي.

 

ـ لا ترفضي دعم ومساعدة بقية السيدات لك فهذا لا ينتقص منك ومن قدراتك.

 

ـ بعد أذان العشاء عندما يذهب الرجال للتراويح قومي أنت أيضا لصلاة القيام.. ابتسامتك الجميلة تضيء وجهك وقولي للحاضرات إنك ستصلين.. أنتن في بيتكن.. واتركي لهن بعض سجاجيد الصلاة وقولي لهن هذه لمن أرادت الصلاة واتركيهن واذهبي لصلاتك.

 

ـ أجلي الحلوى والعصائر لحين عودة الرجال حتى لا تتكلفي بذل الجهد مرتين.

 

ـ إذا بقي أهل زوجك حتى السحور، فالسحور هو مجموعة من الأطباق الخفيفة أو الجاهزة.

 

ـ إذا انتقدتك إحداهن خاصة حماتك فقولي لها وأنت مبتسمة إن وقت رمضان ثمين وأريد اسثماره، ولا تكثري في الكلام أو الدفاع عن نفسك، ولو قارنّ بين عزومتك وعزومة سلفتك أو أي امرأة أخرى وأشادوا بما قدمت لهن، ابتسمي أيضًا وقولي ما شاء الله ربنا يبارك لها.. قوليها من قلبك فأنت لست في منافسة مع أحد ولكل أولوياته فاختاري لنفسك.

 

ـ رتبي البيت بشكل سريع وسطحي بعد السحور، ودعي التنظيف العميق لليوم التالي، فلا تزايدي أختي الكريمة على صحتك ووقتك، فوقت السحر هو وقت غاية في الأهمية عليك استثماره في الدعاء والاستغفار.

 

                                           أسس زوجية

 

ـ ابدئي الآن غاليتي بالحوار مع زوجك حول هذا الأمر في خطوة استباقية غاية في الأهمية، وإذا كان الحوار والتواصل هو واحد من أهم أسس الحياة الزوجية الناجحة (وعليك بالطبع إتقان أدوات الحوار) فإن الحوار قبل رمضان أهميته من أهمية الشهر الفضيل.

 

ـ يمكنك بدء الحوار بسؤاله عن خطته للعبادة في رمضان، واتركيه يستطرد في الحديث، ثم قولي له أريد أن نتشارك في هذه العبادات حتى يبارك الله لنا في أسرتنا، ثم قولي له أعلم أن العزومات مهمة جدًّا بالنسبة لك، لكني أريد دعمك حتى لا تؤثر على عبادتي سيقول لك: كيف؟

 

هذه فرصتك كي تقدمي مجموعة مقترحات للتخفيف عن نفسك، فمن ذلك:

 

• لا عزومات في العشر الأواخر.

 

• يشتري بعض الطعام الجاهز على الأقل الحلويات تكون جاهزة.

 

• شراء أدوات الطهي والتقديم التي تستخدم مرة واحدة.

 

• التسوق مهمته.

 

• طلب دعمه في المطبخ.. عمل السلطات.. تقطيع الخضروات.. غسل الصحون.. وكثير من الدراسات تقول إن مشاركة الزوج في أمور المطبخ تدعم الحب بين الزوجين، وكبار الساسة في العالم يشاركون زوجاتهم ومن قبلهم كلهم كان نبينا صلى الله عليه وسلم في مهنة أهله.. اطلبي ببعض الدلال وقد يستجيب لك (وإن كانت ظروفه المادية تسمح فاطلبي غسالة أطباق)، وإن لم يستجب لك فلا بأس، لا تغضبي، ولا تجعلي ابتسامتك تفارق وجهك، وقولي له: إنك تقدرين إنه متعب من العمل لا بأس.

 

• ألمحي له إن الإسراف في الطعام حرام وأيضًا يرهق ميزانيته كي يكون مهيأ للطعام العادي الذي سوف يقدم، وبالنسبة لمعظم الرجال لا يهتمون إلا بتقديم كمية وافرة من اللحوم ولا يطالبون بطعام من المطبخ الإيطالي أو المكسيكي، فسهلي الأمر على نفسك.. فقط اهتمي بتزيين الطعام وتقديمه بشكل لطيف، فالعين تأكل أولا.

 

• بعض الأسر اتجهت للدعوة على الإفطار في مكان عام.. يمكنك اقتراح الأمر عليه ولو تكون دعوة أصدقائه على الأقل في الخارج.. والفكرة البديلة شراء طعام بيتي جاهز، وكثير من السيدات تصنع الطعام البيتي بجودة فائقة وبشكل في غاية الأناقة.

 

• اقترحي عليه أيضًا نقل العزومة كلها لبيت العائلة بحيث يتشارك الجميع في إعداد الطعام ولا يكون واجب الضيافة عليك وحدك، وفرصة أن تكون عزومة واحدة كبيرة ومجمعة ويومًا واحدًا فقط.

 

• لو تستطيعين تحديد موعد الحيض، فاطلبي منه أن تكون العزومات في هذه الفترة لتقليل خسائر الوقت.. كما استغلي هذا الوقت لتنظيف البيت بعد ذلك بشكل عميق قبل عيد الفطر حتى لا تهدري العشر الأواخر.

 

بارك الله فيك وفي أسرتك، وبارك في وقتك في رمضان، ورزقك الإخلاص فيما تقومين به، وتسعدنا متابعتك.