23 فبراير 2025

|

24 شعبان 1446

Consultation Image

الإستشارة 04/02/2025

مرحبًا، محتاجة نصيحة بجد لأني حاسة إني تايهة ومش عارفة أتعامل مع اللي بحس بيه. كنت متجوزة بقالى سنين، وكنت بحاول بكل طاقتي أخلي الجواز ناجح، لكن في الآخر محصلش نصيب واتطلقنا. القرار مكنش سهل عليا، ورغم إن كان في مشاكل، عمري ما تخيلت إن النهاية تبقى كده. من يوم الطلاق وأنا حاسة بمشاعر متلخبطة؛ ساعات بحس بحزن ووجع، وساعات بغضب وإحباط، وساعات بخوف من اللي جاي. حاولت أشغل نفسي بالشغل والخروج مع أصحابي، لكن أول ما بقعد لوحدي، بلاقي نفسي بفكر في كل حاجة وحاسة بوجع كبير جوايا ازاي أتقبل اللي حصل من غير ما يفضل مأثر عليا طول الوقت؟ ازاي أبدأ حياتي من جديد من غير ما أحس بالندم أو الوحدة؟ هل في خطوات عملية ممكن تساعدني أعدي المرحلة دي وأبقى أقوى؟

الإجابة 04/02/2025

أهلا وسهلا ومرحبا بك أختي الكريمة على بوابة استشارات المجتمع.. في البداية أحييك أنك بذلت كل جهدك لإنجاح زواجك فهذا يدل على قوة شخصيتك ومرونتك النفسية التي جعلتك تحاولين المرة تلو المرة، وكون الطلاق وقع في النهاية فهذا لا يعني فشلك وإنما يعني أن طاقتك انتهت عند هذا الحد، ونحن بشر لنا في النهاية طاقة مهما كانت كبيرة إلا أنها تظل محدودة، بل إن الانسحاب في الوقت المناسب هو نجاح ولون من ألوان الذكاء.. وهذه الشخصية التي حاولت كثيرًا لمنع الطلاق لهي قادرة على النجاح بما تتمتع به من قدرة على الصمود والمرونة في آن واحد.

 

مشاعرك المضطربة هي مشاعر طبيعية جدًّا للتجربة التي تعرضت لها؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم وصف الطلاق بالكسر، والكسر بحاجة أن يوضع في جبيرة لمدة من الوقت حتى يلتئم ويزول عنه الألم، فخذي وقتك ولا تتهيبي الوقت فهو يعمل لصالحك.

 

من الطبيعي أن تتعاقب عليك هذه المشاعر بدءًا من إنكار المشكلة وأنك بخير تماما خاصة في وسط صديقاتك.. وأحيانا تشعرين بالغضب والإحباط وإلقاء اللوم على الطرف الآخر أو الظروف التي أحاطت علاقتكما، وربما تشعرين أحيانا بالرغبة في معرفة أخبار الطرف الآخر ويتجدد لك الأمل في إمكانية استعادة الحياة معا.. وفي أحايين أخرى تشعرين بالحزن والأسى وتفتقدين طعم ومذاق الحياة إلى أن تصلي لبر الأمان، أي مرحلة تقبل خسارتك بصدر رحب، وفي هذه المرحلة تشعرين أنك قادرة على استئناف حياتك والبدء من جديد، والوقت اللازم للوصول لمرحلة التقبل يختلف من شخص لآخر، وفي المتوسط يتم التعافي في فترة تستغرق من ثلاثة شهور لعام كامل كما يقول الخبراء؛ لذلك فكل ما عليك هو تقبل هذه المشاعر المضطربة أو الحزينة.

 

تحدثي لصديقة داعمة حتى تخرجي فائض المشاعر التي تعانين منها في قلبك، أو اكتبي لنا واحكي كل ما تريدين فسوف ننصت لك، أو اكتبي على الورق ما تشعرين به، أو جربي أن تكتبي بشكل أدبي قصة أو نحو ذلك، وإذا كنت لا تفضلين الكتابة فارسمي.. المهم أن تعبري عما تشعرين به ولا تكبتيه داخلك.

 

وإليك غاليتي خمسة مفاتيح تساعدك بمشيئة الرحمن على اجتياز هذه المرحلة بأمان وفي وقت مناسب وتؤهلك للبدء من جديد، وهي:

 

1- التزمي قبل الشروق وقبل الغروب بقول سبحان الله وبحمده 100 مرة.. اجلسي في مكان هادئ جميل تحبينه في بيتك، وليت ذلك يكون بجوار نافذة تشرف على السماء، واستشعري كل النعم التي أنعمها الله عليك وتذوقيها.. اسبحي في بحر النعم وتنفسي الهواء بعمق واجعلي أشعة الشمس تدخل لجسدك (تعرضي لها إن استطعت في مكان آمن).. ورددي الذكر فستصلين معه لمقام الرضا ﴿فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ۖ وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى﴾ (طه: 130).

 

صدقيني ستشعرين بعدها أن حياتك حلوة وفيها الكثير مما يستحق الحياة لأجله.. أيضا التنفس العميق والهواء النقي وأشعة الشمس ستجعل جسمك يفرز مجموعة من الهرمونات تسمى هرمونات السعادة.. هذا يحقق نتائج أفضل من اليوجا ألف مرة.. ولو أمكنك أن تمشي بعدها نصف ساعة فهذا سيعزز أيضا إفراز مجموعة أخرى من هرمونات السعادة مما يحسن من مزاجك بطريقة طبيعية.

 

2- قبل أن تنامي وبعد أذكار النوم استبقي مهاجمة الأفكار لك بالحديث إلى نفسك، وقولي أنا قوية لأني مؤمنة والمؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف.. أنا قوية لأن ربي الله ولن يضيعني.. اتجهي لله بكليتك وادعي أن يربط على قلبك كما ربط على قلب أم موسى لما كان فارغًا بعد افتقادها لموسى.. ادعيه فسيستجيب.. ادعي دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ فإنه لم يدع بها رجل مسلم (أو امرأة مسلمة) في شيء قط إلا استجاب الله له.

 

3- حاولي الحصول على قسط كاف من النوم ليلا.. اغتسلي بالماء الساخن فهو يساعدك على الاسترخاء، قومي بعمل مساج بزيت عطري قبل أن تخلدي للنوم.. استرخي ورددي أذكار النوم وركزي فيها ولا تسمحي للأفكار بمداهمتك.. وإن هاجمك بعضها لا بأس راقبيها كأنها لأخرى ثم دعيها تمر.. وهذه النقطة مرتبطة بما قبلها.

 

4- لا تنسي غاليتي أن تتناولي طعامًا صحيًّا.. كلي حبوبًا كاملة وخضروات وفاكهة وبروتين ودللي نفسك بقطعة من الشيكولاتة أو مشروبها فللغذاء دور مهم في الحالة النفسية المستقرة.

 

5- خيرًا تفعلين بالاندماج في العمل والخروج مع الصديقات، ويمكنك أن تضيفي لذلك الانغماس في نشاط تطوعي.. الذهاب في رحلات قصيرة خاصة للأماكن الطبيعية.. ابحثي عن هواية جديدة تعيد لك الشغف أو استعيدي هوايتك القديمة التي ابتعدت عنها.. جربي أيضا الانضمام لجماعات الدعم بشكل حقيقي أو عن بُعد فهي تساعد جدًّا في التأقلم مع الوضع الجديد.

 

حاولي أن تستخدمي هذه المفاتيح بهدوء وعمق وهي في مجموعها متكاملة، واكتبي لنا لمتابعة أخبارك.. كتب الله لك الخير وأسعد قلبك ورزقك الخير كله عاجلاً غير آجل.