الإستشارة - المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
- القسم : أسرية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
132 - رقم الاستشارة : 956
12/02/2025
سلام عليكم ممكن تقولولي اعمل ايه مع حماتي قليلة الذوق ابني إعدادية وجايب ٩٥٪ اتصلت نكدت علينا انا وابني هي دي درجة مطلعتش الأول ليه ناقص ليه اعرف ناس أوائل اقولها كل واحد ونصيبة رغم أنها عمرها مارفعت تليفون سألت عمل ايه في الامتحان او الامتحانات سهله ولاصعبه وجوزي كلامها مسلم مبهدلني انا والولد
أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك أختي الكريمة على بوابة استشارات المجتمع ومليون مبروك لتفوق ابنك في الشهادة الإعدادية.. لو أردنا أن نحلل مشكلتك سنجد أنها تنقسم إلى قسمين:
الأولى: مشكلتك مع حماتك وما تبثه كلماتها من طاقة سلبية وما تركته في نفسك من مشاعر غضب أو ربما إحباط.
الثانية: مشكلتك مع زوجك، وهي الأشد خطورة لتأثيرها المباشر عليك وعلى الابن، وهي بدورها تنقسم إلى نقطتين:
* النكد الذي أشاعه في البيت والكلمات المحبطة والغاضبة التي أشاعت أجواء التوتر في البيت.
* كونك تشعرين أنه تابع لوالدته ورؤيتها في الحياة، ومن ثم ربما تكون يدها الفعلية في الضغط عليك أو التنكيد عليك كما تقولين.
أنت وحماتك
أعلم أنك محتقنة من حماتك، ولكنني أدعوك لمحاولة الفهم.. لماذا قالت ما قالت وكيف يمكننا الرد عليها دون أن نخسر سلامنا النفسي.
غاليتي، النساء في السن الكبيرة تعاني من كمية هائلة من الفراغ النفسي، فلا يوجد في حياتها أي محتوى خاص بها إلا ما يكون من أخبار الأبناء والأحفاد، كما أنها غالبًا فقدت القدرة على التأثير وتواجه شعورًا بانعدام القيمة وأنه على نحو ما لا جدوى من حياتها فتبدأ في التدخل والنقد وربما إثارة المشكلات...
أنا لا أبرر، أنا أحاول التفسير لك كي تستطيعي تفهم لماذا تفعل ذلك؟ وأنا واثقة أنك إن تفهمت فستشفقين عليها وربما تحاولين أن تملئي جزءًا من الفراغ الذي تعيشه، ربما تقولين ليس كل النساء كبيرات السن هكذا، فأمي ليست هكذا، وجميع النساء تقريبًا يقلن نفس الكلام، أمي إنسانة طيبة تحب أبنائي وتدعمهم، بينما حماتي ليست هكذا وستجدين أخوات زوجك يقلن عن أمهن إنها مثال الطيبة (وعلى نياتها واللي في قلبها على لسانها)...
سبحان الله نفس الشخصية تراها الابنة في صورة وتراها الكنة في صورة أخرى.. السر غاليتي في الشعور، فالابنة تحبها وتشفق عليها وتتعاطف معها بينما الكنة تناقشها بسؤال العقل والمنطق الخالي من التعاطف.. تخيلي نفسك في عمرها وتعليمها ونشأتها وقدرتها العقلية، ألم تكوني لتسلكي نفس السلوك وتقولي نفس الكلام؟
لا أدعوك أيتها الأخت الغالية لتقبل ما يؤذيك، وإنما أدعوك للتفهم والتعاطف مع الشخصية الإنسانية التي صدر عنها الأذى وهذا سيلهمك الحل والرد، فكان بإمكانك بعد جملة قصيرة تعربين فيها عن تفوق ابنك الباهر خاصة وقد حصل على تقدير امتياز وأن ابنك ممتاز في كافة مناحي حياته.. الحديث بثقة ونبرة قاطعة سيجعلها تتوقف ولو قليلا عن هجومها.. هنا عليك استخدام استراتيجية تحويل الانتباه فتبادرين أنت بسؤالها عن شيء آخر؛ زيارتها للطبيب.. مشاكل ابنتها مع زوجها.. جارتها المزعجة.. أي شيء يمنحها محتوى آخر للحديث، وأدعوك أختي الحبيبة لقراءة هذه الاستشارة ففيها بعض التفصيلات للتعامل مع الحماة حائرة بين أهلي وزوجي.
نأتي للنقطة الأهم: أنت وزوجك
غاليتي، يبدو لي أن لغة الحوار والتواصل شحيحة بينك وبين زوجك بوجه عام، وهذا هو السبب الحقيقي وراء انفعاله عليك وعلى الولد.. عليك أن تبحثي عن أسباب عدم التواصل.. الأسباب العميقة حتى يكون هناك حل جذري، ويمكنك الكتابة لنا لتشرحي أكثر عن علاقتك بزوجك وعلاقة زوجك بوالدته فلربما نلهمك أفكارًا.. على أي حال بالنسبة للموقف الحالي:
ـ لا تناقشي زوجك وقت غضبه وانفعاله، ولا تنظري له نظرات ضجر أو سخرية، ولا تنسحبي من أمامه وكأن ما يقوله لا يعنيك.
ـ اكتفي بالصمت والهدوء حتى يمر وقت غضبه ولو وجه لك سؤالاً.. أجيبي بهدوء ومرري الموقف واكتفي بمقولات عامة، مثل إن شاء الله القادم أفضل ونحو ذلك.
ـ عندما يسكن عن زوجك الغاضب حاولي صنع أجواء هادئة وقضاء بعض الوقت للجلوس معًا.. أمسية لطيفة مع بعض أطباق من الحلوى وعصائر ومسليات ونحو ذلك، ووقتها افتحي الموضوع بذكاء واطلبي منه أن ينصت إليك دون مقاطعة حتى تنتهي ولا تطيلي في الكلام، وابدئي كلامك أنك تعرفين كم يحب أسرته وكم يتمنى أن يكون أولاده في أعلى الدرجات، ولكن الحياة فيها وجوه كثيرة، والسلام النفسي للأطفال هو ما يصنع مستقبلهم وأن ابنكما طالب ممتاز ولا بد من دعمه كي يكون أفضل بينما العنف اللفظي والنفسي قد يجعله يتراجع (وبإمكانك إرسال رسالة للمستشارة التربوية تشرح لكما بالتفصيل كي ندفع ابننا لمزيد من التفوق وتخبريه بمحتواها أو تجعليه يقرأها)، صدقيني حتى لو لم يقتنع تمامًا فسوف يهدأ كثيرا والمعلومات النفسية ستتسرب ببطء لعقله اللا واعي.
ـ كوني ذكية واستغلي المواقف لتدعيم فكرتك في التربية، فمثلا طفل من العائلة عمل مشكلة بعد الدعاء له بالهداية، الفتي نظر زوجك كيف أن خُلق الابن قويم ولم يتورط في مثل هذه الأفعال.. عندما يذهب ابنك للصلاة في المسجد قولي لزوجك ما شاء الله ابننا يحافظ على الصلاة.. أريد أن يفهم الأب أن شخصية الطفل لا بد أن ينظر لها بشكل متكامل فلا يركز على جانب واحد وهو الدراسة رغم تفوقه المبهر فيها...
حاولي توصيل فكرة أن التنافس في الحياة يجعل الإنسان يعيش حياته في حالة من الهلع، وأن الرضا والسلام النفسي هما سر السعادة، واضربي مثلا بتفاصيل أخرى.. المهم أن يستمر الحوار ويتدفق بشكل سلس لا بشكل مواعظ وخطب فهذا لا يصلح في الحياة الزوجية.
وأخيرًا، اهتمي بابنك وادعميه وشجعيه ليكون أفضل نسخة ممكنة من نفسه، وإياك إياك أن توغري صدره من أبيه وجدته، والتمسي دائمًا لهما الأعذار، وأبرزي مدى حبهما له وأن كلامهما يعكس مشاعر الحب ولكن الطريقة ليست مثالية بسبب كبر الجدة وانشغال الأب، وكلما حاولت أن تقنعي نفسك بهذا الكلام كان من السهل أن تقنعي الابن به.
افرحي بابنك وكافئيه، واعملي حفلاً صغيرًا في البيت للاحتفاء بنجاحه، وامتلكي من الصمود النفسي ما يجعلك لا تتأثري بأي كلمات مؤذية.. وفقك الله تعالى وألّف بين قلبك وقلب زوجك ورزقكما بر أبنائكما.